سيناريو التمديد الأول لمجلس النواب يتكرر على أبواب التمديد الثاني مع فارق مهم وهو أن التمديد المقترح هذه المرة هو لاستكمال الولاية المحددة بأربع سنوات، تنتهي في أيار من العام 2017، والجميع من دون استثناء مشارك في هذه المسرحية، من حزب الله الذي يلتزم الصمت كالمرة السابقة بعدما عهد الى حليفه الرئيس نبيه بري بمهمة إخراج عملية التمديد، والأمر نفسه تقريباً ينطبق على تكتل التغيير والاصلاح فهو في الظاهر يعارض التمديد لكنه في الوقت نفسه يطرح مشاريع قوانين جديدة يستحيل علي الفرقاء الآخرين الموافقة عليها كمثل قانون الأرثوذكسي الذي يتيح لكل طائفة أن تنتخب نوابها بحجة الوصول الى التمثيل الصحيح في حين أن الهدف الأساسي من وراء هذا الطرح والإصرار عليه عدم الوصول الى قانون جديد تجري على أساسه الانتخابات النيابية كما حصل قبل التمديد الأول حيث طرح تكتل التغيير والاصلاح القانون الأرثوذكسي ورفض كل الطروحات الأخرى من العودة الى قانون الستين الذي كان هو عرّابه في مؤتمر الدوحة متذرعاً يومها بالتمثيل العادل الذي يتوخاه من العمل بقانون الستين.
وإذا كان تحالف قوى 14 آذار عارض يومها ظاهرياً التمديد للمجلس فإنه كان ضمناً مع التمديد حتى لا يمر القانون الأرثوذكسي، وهذا ما ثبت عندما أقرّ مجلس النواب التمديد في أقصر جلسة نيابية يعهدها الشعب اللبناني منذ تأسيس الجمهورية قبل حوالى السبعين سنة.
وما يحصل هذه الأيام على هذا الصعيد لا يختلف كثيراً عما حصل في التمديد الأول، وإن كان الرئيس بري يرفض الاعتراف بهذه المسرحية ويدّعي أن أحداً لا يستطيع أن يفاتحه بموضوع التمديد مرة ثانية للمجلس النيابي ويؤكد أن اهتمامه هذه الأيام منصبّ على كيفية توفير الظروف المؤاتية لملء الشغور في رئاسة الجمهورية وهو يعرف جيداً أن هذا الأمر مستحيل ما دام حليفه النائب ميشال عون يتمترس وراء العمل من أجل التوافق عليه كمرشح وحيد لرئاسة الجمهورية يتمتع بالحيثية الشعبية وكأن لا أحد غيره يتمتع بهذه الحيثية أو كأن اختيار الرئيس في لبنان يتم على أساس الأوزان والأحجام وليس نتيجة تسوية داخلية وإقليمية ودولية. من هنا يتضح أن مسرحية التمديد يعاد تظهيرها على الساحة الداخلية، وأن الجميع من دون استثناء يمثل دوره بإتقان وبدقة على المسرح السياسي لكي لا يتحمّل وحده مسؤولية «تخريب» الانتخابات النيابية وجعل التمديد حالة طبيعية وليست استثنائية لا يجوز أن تتكرر وخاصة في الظروف الأمنية الطبيعية كما هو الحال اليوم على الساحة اللبنانية الداخلية ونفي الرئيس بري مشاركته في هذه المسرحية لا يتعدى ذرّ الرماد في العيون وستثبت الأيام القليلة المقبلة التي تسبق حصول التمديد أنه كان أول من هيّأ وسهّل لعملية التمديد للمجلس النيابي الحالي تماماً كما تمّت مسرحية التمديد الأول لهذا المجلس في أقل من خمس عشرة دقيقة.