IMLebanon

مسرحية «الفجور» الانتخابية في السفارة الأسدية

«تريد بشار .. عُدْ إليه»

مسرحية «الفجور» الانتخابية في السفارة الأسدية

 

بالأمس القريب تحسس عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب انطوان زهرا الخطر الذي ظهر في صورة الأمس، لكن اللبنانيين على ما يبدو غارقون في بحر استحقاقاتهم الرئاسية والاقتصادية والمعيشية، فلم ينتبهوا إلى دعوته في «منع من يرغب من النازحين السوريين في السفر إلى سوريا للمشاركة في الانتخابات من العودة إلى لبنان»، ولأن من يصوّت للقاتل بشار الأسد يعرف أن بإمكانه البقاء في بلده وإيجاد مأوى له في أماكن هيمنة النظام و«حزب الله»، استفز بتصرفاته اللبنانيين الذين استفاقوا للذهاب إلى أعمالهم ومدارسهم فحوصروا بتظاهرات الموالين لبشار الأسد وهم يتوجهون إلى انتخاب سفاح الشعب السوري، مستفزين المشاعر برفع صوره وإلى جانبه صور السيد حسن نصرالله، للترويج الرخيص لديموقراطية كاذبة في الشكل والمضمون. وانطلاقاً من هذا، كانت دعوة ناشطين سياسيين في لبنان، من الذين أصابتهم الصورة بالإحباط، إلى ترحيل المشتركين في مهزلة انتخاب الأسد في السفارة السورية إلى بلادهم.

هل كان يوم أمس حدثاً عادياً، «فجوراً انتخابياً»، أم «بروفة» صفراء من أجل تخويف اللبنانيين وتذكيرهم بقدرة «القمصان السود» وشبيحة الأسد، لبنانيين وسوريين، على اللعب بالساحة اللبنانية من جديد ومسك القرار اللبناني، والتصرف كما يريد «الوالي» و«الوصي»، يمدد الانتخابات يوماً ويومين وربما ثلاثة ويدفع بطوابير سورية للدخول عبر الحدود للانتخاب في لبنان، ليس من أجل تأمين فوز الجزار وإنما من أجل محاولة إذلال اللبنانيين الذين تجرأوا على طرده من لبنان، تلك هي الرسالة الخطرة التي تنذر بالشكل الذي ستكون عليه سلوكيات النظام السوري و«المقاومة» التي أصبح شغلها الشاغل أن تحميه في سوريا وتحمي شبيحته في لبنان.

المعلومات التي تناقلها «الفيسبوكيون» أمس، وسط قلة التعليقات على الموضوع من قبل رجال السياسة في موقع المسؤولية الذين كانوا يدلون بآرائهم في كل كبيرة وصغيرة، فإذا بهم بالأمس قد ضاعوا ولم يسمعوا كلمة تهدئ من روعهم وتطمئنهم إلى أن ما يجري لن تكون له تبعات أو أن ما حصل سيتم ضبطه لا سيما بعدما تردد عن اعتداءات على القوى الأمنية المكلفة حراسة السفارة السورية في اليرزة من قبل الشبيحة الذين قالوا إنهم تدافعوا للانتخاب، فرفعوا شعارات مسيئة الى اللبنانيين وهتفوا ضدهم.

المعلومات اشارت إلى شحن ناخبي بشار الأسد من سوريا وقد قطعوا الحدود فجراً، كما أن عناصر مخابرات الأسد جالت على أماكن اللاجئين السوريين وهددتهم بسوء العواقب إن لم يتوجهوا إلى السفارة لانتخاب «جزار العصر» لولاية جديدة. وهم الذين يجدون أنفسهم مكرهين على ذلك في ظل عدم ثقتهم بقدرة السلطات الأمنية اللبنانية على حمايتهم على أرضها.

الناشطون على «الفيسبوك» سألوا عما إذا تم إعلام وزارة الخارجية اللبنانية بإجراء انتخابات على أراضيها، وعما إذا تم إعلام وزارة الداخلية بالأمر، وعما إذا كانت وزارة الدفاع القريبة من سفارة «الإجرام» قد اتخذت إجراءات يجب اتخاذها في مثل هذه الحالات.. ولكن لا جواب يشفي غليل السائلين، الذين فوجئوا كذلك بنشر فيديوات رقص ودبكة في أحياء بيروتية احتفاء ببشار وبالصور المستفزة والتعليقات الوقحة.

السوريون المعارضون البسطاء من أبناء الشعب السوري المغلوبون على أمرهم والذين يكرهون بشار وأفعاله وإجرامه والذين شرّدوا من منازلهم وقدموا الشهداء من عائلاتهم وتعذب أبناؤهم في سجون «البعث» قبل الثورة وأثناءها والذين دمرت قراهم ومنازلهم، كانوا في حيرة من أمرهم، فهم مجبرون، لأن التهديدات لهم من كل حدب وصوب، اذا لم ينتخبوا «الأسد الى الأبد» فإن ذلك سيظهر على أوراقهم الثبوتية: الهويات وجوازات السفر لأنها ستختم، ومن لا يوجد ختم على أوراقه فسيمنع من دخول سوريا. اضافة إلى ضغط عناصر النظام المخابراتية، فان عناصر «حزب الله» جاهزة لخدمة بشار في كل أوان، فهم يصادرون الهويات ويجبرون السوريين المقيمين في أماكن هيمنتهم على التوجه إلى السفارة للانتخاب، لا بل هم يؤمّنون لهم الباصات والصور والأعلام والشعارات من أجل الاحتفالية المهزلة في مسرحية «الفجور الديموقراطي» الفاشلة.

رغم هذه الصورة، فإن الناشطين «الفيسبوكيين» عبّروا عن مواقف لافتة، فسارة الشيخ علي كتبت على صفحتها «بدل ما تضوي عالألف اللي بالصورة، كون ذكي وضوي عالمليون اللي قاطعوا».

أما الزميل شارل جبور، فدعا إلى «طرد السوريين الذين انتخبوا الأسد من لبنان». وتوجه إلى 14 آذار بالقول «تبريد مع حزب الله فهمنا، ولكن تبريد مع النظام السوري ايضاً؟!».

ويجد علي مراد بأن «مشهد منحبكجية بشار الاسد وهم يقترعون له، آلاف الأشخاص، عشرات الآلاف أو ربما مئة ألف؟ يعني لا يمثلون على ابعد تقدير أكثر من 10% من إجمالي اللاجئين في لبنان، اللاجئ السوري الذي يعاني العوز والفقر والاذلال لم يرضح لابتزاز من نوع الأسد أو نحرق البلد ولم يذهب ليصوّت لجلاده». ويخلص للقول: «ببساطة قبل الانتخابات وخلالها وبعدها: الشعب السوري ما بينذّل».

أما الدكتور حارث سليمان فيعلق بالقول: فيلم بايخ في الحازمية، في كل مناطق سيطرة «حزب الله» جرى احصاء السوريين واستدعاؤهم وافهامهم انهم تحت الرقابة والسيطرة وانه عليهم ان يشاركوا في الانتخاب».

أحدهم لا يعرف «لماذا التحامل على طوابير السوريين المتوجهين إلى مركز مخابرات البعث المسمى سفارة». ويسأل: من يضمن لهؤلاء الفقراء الذين تمت مصادرة بطاقاتهم وابتزازهم في وجودهم وأمنهم ولقمة عيشهم في مناطق سيطرة حزب الله، من يضمن لهم فيما لو لم يرضخوا، عدم قتلهم أو خطفهم أو حتى مجرد قطع المساعدات الملحّة على قلّتها عنهم، أكثرية النازحين يسكنهم الخوف والقلق بعدما تخلى العالم كله عنهم».

المعارض السوري لؤي المقداد الذي كان متابعاً كل التعليقات، كتب على صفحته: «ببساطة من حق دول الجوار بل من واجبها وخصوصاً الاردن ولبنان ترحيل كل السوريين الذين مارسوا «الانتخابات» لأنهم قد اسقطوا مبرر وجودهم في هذه الدول… مرتاح مع بشار وتحبه وأمورك تمام، عد لعنده ولا تزعج أهل البلاد الثانية، بغض النظر عن سبب وجودك انساني ـ اقتصادي ـ دراسي، احمل نفسك وعد، لانه من العيب ان يكون عندك انفصام شخصية ويكون عندك مبرر لوجودك خارج البلد وفي الوقت نفسه تساعد من سبب هجرتك وغربتك على الاستمرار».

الواضح أن ما حدث بالأمس تمثيلية مخرجها النظام السوري وبطلها «حزب الله» والكومبارس أحزاب 8 آذار. قد تكون نجحت في إحداث صدمة لدى اللبنانيين عبر الإيحاء بأن نظام الوصاية لم يغادر وان الثورة السورية مجرد مولود ميت لن يتنفس حياة الحرية والكرامة. ولكن مهما كانت الصورة التي حاولوا الإيحاء بها، فان اللبنانيين سيكونون دائماً على موعد من أجل حماية استقلالهم.. حتى يحين أوان الورد في قلب دمشق.