IMLebanon

مسيحيو لبنان إلى أين!

حتى الآن، لم تفض الجهود الدبلوماسية والسياسية المبذولة من أكثر من طرف خارجي وفي عدة عواصم عربية واقليمية، بما في ذلك جهود السفير الأميركي في بيروت ونظيره السفير الفرنسي، والسفير البابوي إلى تليين مواقف بعض الأطراف اللبنانية كرئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون بهدف تسريع انتخاب رئيس للجمهورية والخروج من دائرة الفراغ في هذا الموقع الذي يشكل وجوده ضمانة لمسيحيي لبنان، وللنظام الديمقراطي البرلماني الذي يتميز به هذا البلد عن باقي الأنظمة في المنطقة العربية التي ما زالت تخوض معارك طاحنة من أجل التحول الديمقراطي، وانهاء حكم الأنظمة الفردية والعسكرية والديكتاتورية والشمولية.

وعبثاً حاول البطريرك الماروني منذ قبل 25 أيار الماضي موعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان افهام القيادات المسيحية ولا سيما العماد ميشال عون مدى الخطر الذي يهدد الوجود المسيحي في لبنان، جراء بقاء مقام رئاسة الجمهورية شاغراً، حتى انه وصل في تحذيراته إلى حد اتهام بعض القيادات المسيحية من دون أن يسميها بالتآمر على الوجود المسيحي في لبنان وفي هذا الشرق، بسبب عرقلتها التئام المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية وفق الآلية التي نص عليها الدستور وتفويت الفرصة على كل من يعمل على ابقاء هذا المركز شاغرا ثم في ظل ظروف معقدة تمر بها المنطقة العربية ومنطقة الشرق الاوسط برمتها بدءاً بما يجري في العراق، وفي سوريا وفي العديد من الدول العربية الاخرى من مخاضات عسيرة مجهولة النتائج حتى الآن.

لكن البطريرك الماروني لم ييأس بعد، وما زال يعول على صحوة القيادات المسيحية لا سيما القيادات التي تعطل جلسات مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد، وعلى وعيها للمخاطر الناجمة عن بقاء لبنان ذو الوجه المسيحي بلا رئيس مسيحي يدير الجمهورية ويعطي الصورة الحقيقية عن هذا الوطن التعددي والنموذجي في ديمقراطيته في منطقة الشرق الاوسط وربما في العالم الذي تغلب عليه الانظمة الرئاسية على عكس لبنان الديمقراطي البرلماني القائم على قاعدة تداول السلطة والتنوع واحترام الآخر والعيش المشترك في ظل نسيج لا مثيل له في هذا العالم. فهل تستجيب دعوات البطريرك الماروني وتعود القيادات المسيحية لا سيما الذين يمعنون في تعطيل مجلس النواب، ويتم انتخاب رئيس جديد للبلاد، اي رئيس، يملأ الفراغ في سدة الرئاسة الاولى ويعيد الثقة الى مسيحيي لبنان الذين باتوا يخشون من أن يصبح مصيرهم كمصير المسيحيين في بقية الدول العربية الممتدة من المحيط الى الخليج، ام ان هذه القيادات ستمضي في ارتكاب، الخطأ نفسه، كما هو واقع الحال ويستمر الفراغ في رئاسة الجمهورية، وتعود اللبنانيون والدول القرار على هذا البلد من دون رئيس للجمهورية عليه وحده واجب القسم على الحفاظ على وحدة لبنان واستقلاله وسيادته؟

 حتى الآن لا يبدو ان هذه القيادات، ولا سيما رئيس التيار الوطني الحر واعية لخطورة بقاء الشغور في سدة الرئاسة ومدركة لحجم الاخطار الناجمة عن هذا الشغور ليس على الكيان وحسب وانما على الوجود المسيحي كله في هذه المنطقة من العالم؟