مشاركة «حزب الله» بالقتال في سوريا واحتمال ذهابه للعراق يبقي لبنان مشرعاً لردود فعل غير محسوبة
تحصين الساحة الداخلية يتطلّب إنتخاب رئيس جديد وانتظام عمل المؤسّسات الدستورية
يعتبر مصدر نيابي أن مجمل الإجراءات المستندة إلى التنسيق المعلن بين كافة الأجهزة، تبقى ناقصة مع إستمرار «حزب الله» بالحرب السورية
يرى نائب بارز ان الاجراءات والتدابير الامنية المتخذة من قبل سائر القوى والاجهزة الامنية والعسكرية لمكافحة التفجيرات والعمليات الارهابية على انواعها كافة والحفاظ على الامن والاستقرار في لبنان، مهمة وضرورية لتحصين البلد في مواجهة تداعيات ومؤثرات الحرب الدائرة بسوريا منذ اكثر من ثلاث سنوات وخصوصاً بعد مشاركة «حزب الله» بقوة فيها لمنع سقوط نظام الرئيس السوري بشار الاسد، قد اثبتت جدواها وفاعليتها ولا سيما بعد انحسار حدة التجاذب السياسي الحاد بين تحالف قوى 14 آذار بزعامة «تيار المستقبل» من جهة وتحالف «حزب الله» وقوى الثامن من آذار من جهة ثانية إثر تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام الحالية، بالرغم من تعدد ولاءات هذه القوى وتنافسها في ما بينها في بعض الاحيان كما اظهرت وقائع العديد من الاحداث الامنية ومن بينها احداث الاسبوع الماضي التي كشفت تناقضاً واضحاً في مواقف كل مسؤول سياسي او امني بالنسبة لما حصل مما ترك تساؤلات وانطباعات مقلقة وغير مريحة لشريحة كبيرة من اللبنانيين.
ويعتبر النائب المذكور ان مجمل هذه الاجراءات وبالرغم من التنسيق المعلن بين كافة الاجهزة لمعالجة هذا النوع من الجرائم الارهابية، تبقى ناقصة وغير مكتملة في بعض النواحي مع استمرار «حزب الله» بالمشاركة في الحرب الدائرة بسوريا على النحو الجاري حالياً خلافاً لرغبة الاكثرية من اللبنانيين، مما يبقي ثغرة قائمة من خلال ردود الفعل المحتملة لهذا التصرف كما حدث عندما تعرض لبنان للعديد من التفجيرات والعمليات الارهابية قبيل واثناء تشكيل الحكومة الحالية وبعدها، في حين لم يتعرض لمثيلاتها قبل اندفاع الحزب للانغماس بهذه الحرب لمنع سقوط نظام الاسد خلافاً لكل الادعاءات التي يبديها قادة الحزب ومسؤوليه بهذا الخصوص وللتملص من تداعيات ومؤثرات مشاركتهم السلبية والخطيرة في الحرب السورية.
ويخشى النائب البارز من تعرض لبنان لموجة جديدة من هذه الاحداث الارهابية وردود الفعل المحتملة بالمرحلة المقبلة في حال اندفع «حزب الله» للانخراط بالصراع العسكري الدائر بالعراق حالياً وإتساع رقعته على نحو غير متوقع ليشمل مناطق واسعة ويمهد لتدخلات اكثر من دول اقليمية وعالمية وفي مقدمتها ايران لا سيما مع تواتر الانباء عن امكانية حدوث مثل هذه المشاركة للدفاع عن السيطرة الايرانية المكشوفة على مقدرات هذا البلد العربي ومنع انحسارها او تفككها، كما ظهر ذلك على لسان اكثر من مسؤول بارز بالحزب وفي مقدمتهم الامين العام حسن نصر الله مؤخراً، الامر الذي يعرض لبنان لمزيد من التهديدات وردود الفعل السلبية او في حدها الادنى تخلق اجواءً من القلق في النفوس وعدم الاستقرار وتزيد بالتباعد القائم بين مختلف مكونات الشعب اللبناني.
ويتوقع النائب المذكور أن يُشارك «حزب الله» بالحرب الدائرة بالعراق في المرحلة المقبلة بحال طلبت منه القيادة الإيرانية ذلك، وهذا هو الخيار المرجح، نظراً لأهمية مثل هذه المشاركة المعنوية والمادية والتي تؤشر لانتظام الحزب في صميم المشروع الإيراني بالمنطقة من جهة وفي محاولة لإعطاء زخم عسكري ومعنوي للقوى العراقية الموالية لنظام طهران لمنع تفككها واندحارها في مواجهة القوى الثائرة على حكومة نوري المالكي الموالية لإيران بكل المقاييس كما حصل في العديد من المناطق العراقية خلال الأيام الماضية ولتفادي ما يمكن ان يحصل على المدى المنظور في محاولة لإبقاء النفوذ الإيراني ورقة ضغط قوية بالمفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية والغرب عموماً إن كان بالنسبة للملف النووي الإيراني أو لجهة تحديد مصير الأزمة السورية او العراقية وموقع طهران منهما، بالرغم من ظهور بوادر ضعف هذه الورقة التي احتفظت بها طهران بقوة طوال السنوات الماضية بفعل التطورات المتسارعة على الساحة العراقية وظهور قوى أخرى أثبتت انها قادرة على الثبات ولا يمكن تجاهلها بالرغم من طغيان حالة التطرف الاسلامي على تلاوينها المتعددة وسيطرتها على مناطق شاسعة من العراق بعد تفكك وانسحاب الجيش العراقي الموالي لحكومة المالكي منها.
ويخشى النائب البارز من تداعيات وسلبيات هذه المشاركة لحزب الله بالاحداث الدائرة بالعراق، لا سيما مع استمرار الانقسام السياسي بالداخل اللبناني، إن كان بالنسبة للقضايا الخلافية المستعصية وفي مقدمتها قضية سلاح «حزب الله» التي تؤثر سلباً على مجمل الاوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية وغيرها، أو بالنسبة لتعثر انتخاب رئيس جديد للجمهورية بفعل التأثير الترهيبي لهذا السلاح على الواقع السياسي ككل، مما يجعل لبنان مكشوفاً على نتائج وآثار التطورات المتسارعة والمقلقة على الساحة العراقية وعلى المنطقة ككل. ولا شك أن هذا الواقع المقلق الذي يؤشر لمزيد من التطورات غير المحسوبة في الأيام القليلة المقبلة، يتطلب مزيداً من الوعي والتعاطي معه بكثير من الحذر، لتفادي أي تأثيرات او نتائج عكسية غير متوقعة، وهذا يفرض على القوى السياسية كلها محاذرة اي خطوات تصعيدية مهما كان مستواها، لتفادي حدوث اي ثغرات ينفذ منها المتضررون لتوتير الساحة اللبنانية من جديد وهذا لن يكون في صالح أي طرف لبناني.