لم يدخل الواقع السياسي مرحلة التطبيع مع الشغور الرئاسي على الرغم من انقضاء اسبوع كامل على مغادرة الرئيس ميشال سليمان قصر بعبدا، فالمأزق السياسي المرتبط بالانقسام الخطير العام والذي انتج هذا الشغور، ينذر بالمزيد من الازمات التي قد تحول دون ملء المرحلة الفاصلة عن التسوية الانتخابية من خلال تولي الحكومة كافة صلاحيات رئيس الجمهورية ومواصلة المجلس النيابي لمهامه التشريعية العادية يصرف النظر عن الازمة الرئاسية. وبرأي مصدر نيابي مطلع على السجال الدائر حول مرحلة ادارة الازمة الرئاسية كما وصفها، فان تطبيع الوضع بالغ الصعوبة نظرا لغياب الاتفاق السياسي على اي معادلة حكومية تسمح للمؤسسات بان تتحمل مسؤولياتها المترتبة عن التأخير في انتخاب رئيس للجمهورية، بدليل بدء نقاش غير مضمون النتائج حول الية وصلاحيات حكومة الرئيس تمام سلام دون اغفال الجدل حول قانونية المقررات الحكومية وبالدرجة الاولى توافر الاجماع المطلوب داخل الحكومة لكي تصبح قراراتها نافذة وذلك شرط اساسي بات مطلوبا، بعد تولي هذه الحكومة صلاحيات رئاسة الجمهورية.
وفي موازاة السجال الحكومي يستمر السجال حول مهام المجلس النيابي الاشتراعية والاقتراعية، كما اضاف المصدر النيابي، الذي لاحظ ان وصول مشروع سلسلة الرتب والرواتب الى حائط مسدود، هو النموذج على ما سيكون عليه واقع العمل على صعيدي المجلس كما الحكومة في المراحل المتقدمة من الشغور الرئاسي، خصوصا اذا ما تفاقم التحدي الامني الذي بدأ يطفو على سطح التحديات المتعددة. واضاف ان الحوادث الامنية المتفرقة والمحدودة في الزمان والمكان كما الحجم والتي سجلت في عطلة الاسبوع الماضي، تعتبر بمثابة رسائل متعددة الاتجاهات ومجهولة المصدر، على الاقل في الوقت الراهن. واكد ان الرسالة الاساسية الكامنة وراء اي توتر امني وان كان لا يزال «صوتيا»، تحتم على كل القوى الداخلية تسريع مشاوراتها وتحركاتها لارساء تفاهمات سياسية تؤمن المظلة الحامية للوضع الامني من جهة وتكفل استقرار الساحة السياسية الداخلية من جهة اخرى. واذ ابدى المصدر النيابي خشيته من حدث امني فيما لو استمرت التجاذبات الحالية على اكثر من مستوى شدد على ضرورة الابقاء على الجهوزية اللازمة والقدرة على اخماد اي «حريق» قد ينشب ومن دون اي انذار، وفي منطقة لبنانية محددة، وذلك بعد انقضاء استحقاق معين في المنطقة. وتوقع بالتالي ازدياد الحساسية على الساحة الداخلية التي تجعلها مرهونة وبالكامل للتطورات في المنطقة خصوصا في مرحلة تبدو فيها الملفات الاقليمية على مفترق طرق حاسم.
وفي سياق متصل، استغرب المصدر نفسه فتح باب الانتخابات النيابية قبل اقفال الملف الرئاسي معتبرا ان التطبيع مع الشغور لم يصل بعد الى مرحلة تسمح باستكمال عمل السلطات الرسمية في ظل غياب رئيس للجمهورية. ووجد ان التركيز النيابي كما الوزاري لا يجب ان يتخطى حدود ادارة الازمة والواقع، ومن غير الممكن اضافة عدد الملفات المعقدة واثارة الغبار حول مجلس النواب وقانون الانتخاب من خلال الطروحات الاخيرة التي صدرت عن مراجع سياسية منغمسة في الاستحقاق الرئاسي وتسعى الى توظيف اكثر من ورقة في عملية خلط الاوراق الجارية قبل التسوية الرئاسية او قبل تكريس واقع الفراغ الحالي في قصر بعبدا وبالتالي فتح الساحة على المجهول بكل ابعاده القانونية والحكومية والامنية.
من جهة اخرى وفي ضوء انعدام الامل باي تطور داخلي قبل الجلسة المقبلة للمجلس النيابي، نبّه المصدر النيابي الى انسحاب التعطيل النيابي على الحكومة ومن تداعيات هذا الفراغ على الساحة المحلية لجهة نشر الفوضى في اكثر من مجال انطلاقا من التصعيد السياسي الذي سيرافق حتما اي تفجير للحكومة من الداخل. ودعا الى عدم الاستخفاف بالوضع الامني وبالاشارات الاخيرة ذات الدلالات الهامة والتي تضع القادة امام مسؤولية الحفاظ على الاستقرار او انزلاق الوضع الامني الصامد منذ بدء تنفيذ الخطة الامنية رغم كل الضغوطات السياسية الداخلية والخارجية وابرزها ضغط المأزق الرئاسي.