IMLebanon

ثُلاثي التحريض.. مطلوبون

 

بين مقولة «دعمنا للجيش غير قابل للنقاش»، وبين «فليُضغط على الجيش وحزب الله لوقف إطلاق النار كي ينسحب المسلحون من عرسال»، ضاعت الطاسة لدى فريق «المستقبل». هل هو انفصام في الشخصية أم توزيع أدوار؟

«الخط الأحمر» الذي يتمسّك به الرئيس سعد الحريري في دفاعه عن المؤسسة العسكرية تحوّل الى «أخضر» مع النواب محمد كبارة ومعين المرعبي وخالد الضاهر. الثلاثي «التحريضي» بدا صوته أعلى بكثير من صرخة زعيم «تيار المستقبل» لتحرير عرسال من «النصرة» و«داعش».

لم يرصد سطر واحد في خطاب «الثلاثي» يدعم الجيش ويحذر من خطورة قيام «الإمارة الإسلامية» في عرسال. اضطر نواب في «المستقبل»، كالوزير نهاد المشنوق ونائب رئيس المجلس فريد مكاري الى توجيه رسائل مشفرّة إلى هؤلاء بكونهم لا يمثلون سوى أنفسهم!

«الفايسبوكيون» انتظروا طويلاً رفعاً للحصانة، أقلّه عن واحد منهم منذ بداية الأزمة السورية، وحين فقدوا الأمل تداعوا إلى محاكمة الثلاثي علناً في ساحة الشهداء ليل أمس. سبقت الدعوة لافتة غَزَت مواقع التواصل الاجتماعي مذيّلة بعبارة «wanted» وتتضمّن صور كبارة والمرعبي والضاهر.

بعد استشهاد النقيب بيار بشعلاني والرقيب أول ابراهيم زهرمان أثناء ملاحقة المطلوب بجرم الانتماء الى تنظيم ارهابي خالد حميد في عرسال، حَضَن المرعبي الجلاد ونكّل بالضحية. تحدث عن الـ 90 رصاصة التي اخترقت جسد حميد «ما أدى الى استشهاده على الفور»، متجاهلاً تماماً المصير البشع لأبناء المؤسسة العسكرية!

تصدّى المرعبي بصدره لمعلومة وزير الدفاع السابق فايز غصن عن وجود «القاعدة» في عرسال، واصفاً إياها بـ«التلفيقات»، واتهم قيادة الجيش «بالتعاطي مع مناطقنا وفق مبدأ صيف وشتاء تحت سقف واحد». وبالاساس للمرعبي نظرية مفادها أن «عناصر داعش تدرّبت في المدارس الإيرانية عند الحرس الثوري الإيراني»!

المرعبي، كما خالد الضاهر، سبق لهما أن طالبا بمحاسبة قائد الجيش، ونظّما قصائد الهجاء بضباطه ومخابراته. الأخير اختصر الطريق وطالب باستقالة العماد جان قهوجي أكثر من مرة. العزف على الوتر المذهبي حضر في فصول مواكبتهما لكل تفاصيل المواجهة التي فرضت على الجيش في طرابلس وعرسال وعبرا، ودائماً بالاستناد الى خطاب «أهل السنة».

لم يتفوّق على المرعبي والضاهر في الخروج من صفّ التضامن الشامل مع الجيش سوى مطوّلات «ابو العبد كبارة» التي رست أخيراً على التحذير من تحوّل المؤسسة الوطنية الى «جيش المالكي»!

لم يحد كبارة عن اعتبار ما يجري في عرسال «هو إخضاع لاهل السنّة». هذا طبيعي، ربما، طالما أن عقله الباطني يتحدّث عن «مؤامرة عبرا».

يدافع المرعبي والضاهر وكبارة عن «أهل السنة» في الوقت الذي عبّر فيه هؤلاء صراحة، من رأس الطائفة حتى قاعدتها، عن وقوفهم مع الجيش والى جانبه في عرسال. وثمّة مجموعات مسلّحة من الاهالي شكّلت فرقاً لمساندة الجيش وللدفاع عن نفسها، لكن «نواب التحريض» يتمسّكون بشماعة الطائفة لتأمين مخزونهم اليومي من الشحن المذهبي.

بالأمس أصدر «اللقاء الوطني الإسلامي» بياناً توضيحياً عن البيان الذي سبق أن ادلى به كبارة، أمس الأول. وفق المعلومات، لم يكن هذا البيان ليصدر لولا «تعليمة» صارمة مصدرها الرئيس سعد الحريري شخصياً طلبت تصويب المسار باتجاه تأكيد «الحرص على الجيش».

البيان التوضيحي، الذي جاء نسخة مقلوبة عن بيان الأحد، استنكر الاعتداءات التي يتعرّض لها الجيش، وعبّأ فراغات التصريح الأول بالإشارة الى «أن التكفير في الاتجاهين لا يمثلنا، ولا يمثل أهلنا، ولا وطننا، ولا عيشنا، ولا ديننا».

وللمرة الأولى، بعد جولات المواجهة على مدى أكثر من ثلاث سنوات التي خاضها الجيش في أكثر من منطقة، سقط خلالها عشرات الشهداء له، تضمّن بيان «اللقاء» عبارة وجدانية عن «قلوبنا التي تدمى لسقوط أبنائنا من شهداء الجيش»!