معارك عرسال أسقطت وهم المراهنين على انشقاق المؤسسة العسكريّة الجيش أنهى مرحلة الأمن بالتراضي وأثبت مقولة «الأمر لي»
«رب ضارة نافعة» وفق المثل المعروف الذي ينطبق بحذافيره على المجريات الامنية في بلدة عرسال التي شهدت اعنف المعارك بين الجيش اللبناني والمجموعات التكفيرية من جبهة «النصرة» و«داعش» ومشتقاتهما والتي تشارف على نهايتها سواء من خلال المبادرة التي يقودها تجمع «هيئة العلماء المسلمين» او عبر الحسم الميداني من قبل الجيش اللبناني الذي ينتظر الاشارة لذلك لتعود مقولة «الامر لي» كواقع مطلوب بعدما تخطت المؤسسة العسكرية مرحلة «الامن بالتراضي» التي جهد بعض السياسيين من الطبقة الفاسدة تكريسها في مراحل سابقة خدمة لمصالحهم الشخصية فالجيش بعد عرسال لن يكون كما قبلها، لا سيما وان الحكمة التي ابداها في كثير من المحطات سواء في طرابلس او عرسال او في غيرها من المناطق حقناً لدماء المواطنين كان يدرجها العابثون بالامن من الغوغائيين المتعاطفين مع التكفيريين وخصوصاً بعض نواب الشمال في خانة الضعف وفق الاوساط المواكبة للمجريات.
واذا كان البعض قد انتفخ رأسه بفعل اللهو السياسي وعبر عن هذا التورم بمواقف عدائية طاولت المؤسسة العسكرية بحجة ومظلومية اهل السنة فان المعارك في عرسال تؤكد الاوساط ارست مجموعة قواعد وكشفت الكثير من المعطيات واجابت على الكثير من الاسئلة وعلامات الاستفهام لتخلص الى النتائج التالية:
1ـ اثبتت المؤسسة العسكرية انها حصينة ومتماسكة وبوتقة وطنية بامتياز لا تتأثر باللغو المذهبي والطائفي، واسقطت رهانات الظلاميين على انشقاق الجيش الذي لقي دعماً سياسياً وشعبياً غير مسبوق، ما سيؤدي الى اعادة الحساب لدى الغوغائيين من اهل السياسة، وقد بدأ هؤلاء بلحس مواقفهم السابقة واطلاق مواقف داعمة للجيش للتكفير عن افتراءاتهم عليه. اما من الناحية الميدانية فقد اثبت الجيش اللبناني انه لا يقهر لا امام «داعش» ولا امام خفافيش الليل في طرابلس، وسبق له ان اقتلع امارتين اسلاميتين احداهما في جرود الضنية والثانية في نهر البارد، اضافة ان اقتلاعه ظاهرة الشيخ احمد الاسير الذي كان يخطط لاطلاق فتنة سنية – شيعية انطلاقا من صيدا بوابة الجنوب، واذا كان قد سقط للجيش اسرى في عرسال فان ذلك يعود الى ان جحافل التكفيريين سيطرت على حين غفلة على مواقع عسكرية معزولة ومتقدمة في الجرود مهمتها المراقبة.
2- اكدت المعارك في عرسال ان المظلة الدولية لاستقرار الساحة المحلية ليست مجرد كلام بل هي واقع مستمر حتى اشعار آخر وما اسراع واشنطن بارسال مساعدات عسكرية عاجلة للجيش سوى ترجمة لذلك، اضافة الى ان صفقة الاسلحة مع فرنسا والتي مولتها السعودية وضعت على نار حامية للضرورات الامنية.
3- اللفتة السعودية بدعم الجيش اللبناني بمليار دولار في سبيل مكافحة الارهاب زيادة على 3 مليارات السابقة، وحصرها بشخص الرئيس سعد الحريري ان دلت على شيء فعلى ان المملكة تريد تثبيت زعامة الحريري في كافة المناطق اللبنانية وخصوصا السنية منها على خلفية انه رجل الاعتدال والانفتاح والخصم الاول للفكر الداعشي التكفيري.
4- تحريك ملف الشغور الرئاسي فمعارك عرسال وما قد يستتبعها في هذه المرحلة الدقيقة من مخاطر توجب الاسراع بانتخاب رئيس للجمهورية كي لا ينفرط عقد البلد، ويبدو ان شيئا ما وضع على النار من خلال الحركة التي قام بها النائب وليد جنبلاط باتجاه الامين العام «لحزب الله» السيد حسن نصر الله، واتبعها بزيارة للجنرال ميشال عون حيث اجتمع الرجلان على حدة دون ان يشارك احد من «التيار الوطني الحر» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» فيها ويبدو ان هذه الخلوة اثمرت موقفا لجنبلاط بانه لا يضع «فيتو» على بعد في معركة الرئاسة فهل تكون الجلسة المرتقبة التي دعا اليها الرئيس نبيه بري في 12 من الجاري مسك ختام الرئاسة ام ان الظروف التي تصنع الرئيس لم تكتمل بعد؟