IMLebanon

معراب تنتظر عون بفارغ… الشروط

أرسلت معراب إشارات رئاسية مهمّة في الأسبوع الأخير، تمثّلت بقبول رئيس حزب «القوّات اللبنانية» سمير جعجع بمرشّح تسوية، لكي لا يُحمَّل بترشّحه، مسؤولية الفراغ الرئاسي.

تدفع الإشارات القواتية المراقبين إلى التساؤل عن أيّ مرشّح تسوية يتحدّث جعجع، وما هي مواصفاته الكاملة، بعدما حدَّد قسماً منها عندما زار بكركي أخيراً. لكنّ مَن يُراقب خطاب جعجع وتحرّكاته يستنتج أنّ هذه الإشارات تعني جميع المرشّحين، من خلال دعوتهم غير المباشرة إلى زيارة معراب ليطرحوا برامجهم. عندها، يُصبح جعجع أحد أهمّ الطبّاخين الداخليّين للرئيس العتيد. لكن ماذا عن مرشّح الرابية؟

يكفي جعجع أن يُراجع إحدى الرسائل التي وردته منذ نحو شهرين من مرجعية مهمّة، ويقرأها بتمعّن، ليستخلص العبَر، خصوصاً أنّ صاحب الرسالة ليس له مصالح سياسية، بل هدفه إنقاذ رئاسة الجمهورية، وإيصال جعجع الى سدّة الرئاسة بعد 6 سنوات، لأنه يعتبر أنّ جعجع سيكمل حلم «البشير»، لكن الظروف الحالية غير مؤاتية لوصوله الى الرئاسة.

وفي التفاصيل، أنّه طُلب من جعجع أن يدعم ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون للرئاسة، لأنّه قادر على التعامل مع سلاح «حزب الله» بالطريقة الأفضل، ويمكنه التعاون مع الشريك السنّي بما يعيد الى المسيحيّين حقوقهم، بلا تصادم معهم. وبالتالي، إذا وصل عون، القوي مسيحياً، الى الرئاسة، فإنّ جعجع سيصِل حكماً بعد 6 سنوات، على قاعدة أنّ المسيحي القوي سيتولّى سدّة الرئاسة دائماً.

لكنّ جعجع ترشّح ولم يعمل بالنصيحة الواردة في الرسالة، وكان يراهن على اللعبة الديموقراطية والتحالفات الإنتخابية في مجلس النواب، فسارع تكتل «التغيير والإصلاح» و«حزب الله» الى تطيير النصاب بعد جلسة الإنتخاب الأولى، ما صعّب فرَص نجاحه، وأصبح ملف الرئاسة في يد التسويات الإقليمية والدولية.

أبعد من اللحظة الحالية، وبالعودة الى زمن الإنكفاء المسيحي عن الحكم مطلع التسعينات، سيطر اليأس على المسيحيين بعد نفي عون وسجن جعجع، فخرجت بعض الأصوات تقول إن عون وجعجع سيعودان بعد فترة، ويترأسان سدّة الرئاسة، لأن لهما أدواراً سيلعبانها مستقبلاً، وقد أزيحا في تلك الفترة لكي لا يخربطا اللعبة. أمّا الآن وبعد أن عادا، أصبح المستحيل في تلك المرحلة واقعاً، إذ يحتاج أحدهما الى دعم الآخر، لأنهما اذا اتفقا على الرئيس يتأمّن الإجماع المسيحي، فيما لن يرفض الشركاء المسلمون هذا الإتفاق.

إذاً، يتحضّر جعجع لأن يكون ناخباً رئاسياً أساسياً، في وقت لم يعلن عون ترشّحه بعد. وتقول مصادر مطلعة على أجواء معراب، إنّ إشارات جعجع شملت الرابية أيضاً، وإذا كان عون يرغب في كسب دعم «القوات»، على رغم صعوبة هذا الأمر، سيتوجّب عليه تقديم ضمانات فعلية، وليس فقط بعض الكلام. وتتلخّص هذه الضمانات بالآتي:

• سياسية: يتوجّب على عون التصرّف كرئيس للجمهورية وليس على أساس أنه وقّع ورقة تفاهم مع «حزب الله». فقضية سلاح الحزب أساسية بالنسبة إلى «القوات»، وكذلك قضية التعامل مع النظام السوري وعلاقة لبنان بسوريا، اذ لا يقبل جعجع بأن تعود سوريا عبر بوّابة بعبدا. وبالتالي، على عون تقديم ضمانات في مجمل الخطّ السياسي الذي سيسلكه في السنوات الست المقبلة.

• رئاسية: يريد جعجع كسب تأييد «التيار الوطني الحرّ» ودعمه للوصول الى بعبدا مثلما سيدعمه في حال تمّ الاتفاق على الرئاسة.

• ضمانات في الدولة: على رغم التقدّم الشعبي الكبير الذي أحرزه حزب «القوّات»، إلّا أنّ قاعدته الشعبية تنقم عليه بسبب عدم وجود منفَذ خدماتي لهم، إذ لا يوجد موظّف قواتي فئة ثانية في الدولة على عكس بقية الاحزاب التي دخلت الى الدولة. من هنا أهمية أن يحرص عون على إعادة فئة لبنانية وتشجيعها على العودة الى وظائف الدولة من اجل أن تشعر بالشراكة الحقيقية.

في المحصّلة، يتخوّف القواتيون من حرب إلغاء سياسية يشنّها عون عليهم في حال أصبح رئيساً، من هنا على عون طمأنة «القوات» في هذه المسألة.

يقرأ جعجع تبدّلات السياسة الإقليمية، والمفاوضات بين تيار «المستقبل» وعون، ولا يريد أن يكون ملحقاً بأيّ اتفاق قد يحصل، خصوصاً أنه يستطيع خربطته، من هنا يتوجَّب على عون التقاط الإشارات القوّاتية جيداً، والصعود إلى معراب في ليلة لا يدري بها أحد، ويعطي «القوات» الضمانات المطلوبة، لأنّ معراب تنتظره ليفاوضها، فهي أقرب الى الرابية من الخارج الذي «إلتقاه»، خصوصاً أنّ جعجع وعون يحملان الهم الأكبر في إنقاذ الرئاسة.