تُجمع المعلومات الرسمية، وشبه الرسمية على أن الوساطة التي يقوم بها الموفد القطري مع خاطفي العسكريين في معركة عرسال توقفت بعد إقدام داعش على ذبح الجندي مدلج خلافاً للوعود التي كانت قطعتها للموفد القطري، وعادت الأمور تنحو منحاً تصاعدياً بين الجيش وبين مسلّحي داعش وأخواتها، ودخلت قيادة الجيش في خيارات جديدة في تعاملها مع المسلحين المنتشرين في جرود عرسال وبلدة القلمون المجاورة، ومن هذه الخيارات تجريد حملة عسكرية واسعة لفصل بلدة عرسال عن جرودها وسدّ كل المنافذ أمام مسلّحي داعش والنصرة التي تؤدي الى البلدة.
مجلس الوزراء ناقش هذه الخطوة ووافق عليها، لكن عدد من الوزراء ظل متردداً ليس لأنه لا يرغب في أن يسدّ الجيش منافذ عرسال أمام المسلحين، بل تحسباً منهم من أن لا يكون الجيش قادراً في تنفيذ هذه الخطة ويدخل في حرب استنزاف طويلة تُرهقه ولا يخدم الخطة التي وضعها.
الواضح أن الجيش بدأ التنفيذ، باسترداده قلعة الحصن من يد المسلحين في عملية خاطفة بعدما انسحب منها مسلّحو داعش والنصرة في اتجاه القلمون السورية وجوارها، وتأتي هذه الخطوة بطبيعة الحال بعد إعطاء مجلس الوزراء الضوء الأخضر لاتخاذ كافة الاجراءات الميدانية لتحرير عرسال وإبعاد المسلحين عنها، مما يسهّل على الجيش لاحقاً تحرير العسكريين المخطوفين في حال نجحت الخطة كما هي مرسومة وشكّل الجيش حاجزاً بشرياً بين عرسال وأهلها وبين المسلّحين.
هذه الخطوة، ضرورية لمحاصرة مسلّحي داعش والنصرة، وإبعادهم عن بلدة عرسال وبالتالي عن الداخل اللبناني وفقاً لما يخطّط له مسلّحو التنظيمين من دون أن يؤدي ذلك الى عملية تنسيق مع الجيش السوري الذي انسحب من منطقة القلمون وجوارها، وترك لعناصر حزب الله مهمة مواجهة مسلّحي التنظيمين، لكننا نخشى مثل بعض الوزراء من حصول خطأ ما، يحول دون إحكام الجيش قبضته على كل جرود عرسال ذات المساحات الواسعة وتتحوّل معركته، من معركة حسم، وعزل مسلّحي التنظيمين التكفيريين الى معركة طويلة يُستنزف فيها الجيش مع احتمال تمدّدها الى مناطق وبلدات أخرى خصوصاً وأن المعلومات المتوافرة تفيد بأن مسلّحي التنظيمين موجودون بكثافة سواء في جرود عرسال أو في جرود القلمون والقرى السورية الأخرى المتاخمة للحدود اللبنانية وبالتالي يُخشى أن لا تكون الامكانات والقدرات العسكرية قادرة على الانتشار في كل الجرود بعد تحريرها من داعش والنصرة إلا إذا كانت خطة الجيش تقضي باحتلال التلال كما حصل بالنسبة الى تلال الحصن والسيطرة منها على المنطقة، وهذا ما من شأنه أن يحقق أهداف الحملة.