وسط عواصف المنطقة ورياح التغيير في المعادلات المتحكمة ببعض دولها،التي فجرتها الحرب «الكونية» المنتظرة ضد «داعش» ، خرج وزير الخارجية السورية وليد المعلم ليبدي استعداد بلاده للانضمام الى التحالف الدولي ضد الارهاب، شرط التعاون المباشر مع الحكومة السورية، التي اوصلت عبر قنوات دبلوماسية اشتراطها ان يقبل الغرب التنسيق معها بحيث تتقدم في المناطق التي تنسحب منها «داعش»، الامر الذي رفضته الجهات الغربية معتبرة ان محاربة داعش لا تعني باي حال من الاحوال تعاونا مع النظام السوري.
مصادر دبلوماسية مطلعة رأت في قتل الرهينة الاميركي جيمس فولي،تحديا ورسالة مزدوجة من الدولة الاسلامية للولايات المتحدة، خاصة ان منفذ الاعدام «مجاهد» بريطاني، مع ما يحمله ذلك من اشارات متعددة الاتجاهات ، ليس آخرها مدى الم «داعش» من الدعم الاميركي البري والجوي للقوات المشتركة العراقية والكردية لاستعادة سد الموصل الاستراتيجي، والذي جعل من المواجهة حربا مفتوحة انضمت اليها اوروبا ودول الخليج. علما ان القاعدة سبق واعدمت الصحافي دانيال بيرل في افغانستان العام 2002 بنفس الاسلوب.
لذلك تشير المصادر الديبلوماسية الى ان واشنطن ليست في وارد التراجع عن ضرب «داعش» سواء في العراق او سوريا أو لبنان، كاشفة عن تزويد السي .اي . ايه السلطات السورية ، بواسطة مستشار الامن الوطني العراقي فالح فياض وجهات تركية، باحداثيات لمواقع امنية حساسة تابعة للتنظيم في الرقة ودير الزور، حيث سمح لسلاح الجو السوري لاول مرة باستخدام طائرات «ميغ 29» المزودة بصواريخ موجهة بالليزر لضرب تلك الأهداف، بمراقبة جوية اميركية ،ما دفع بـ «داعش» للانتقام بالهجوم على مطار الرقة العسكري.
وتكشف المصادر الدبلوماسية ان الغرب يدرس خيار توسيع العمليات العسكرية التي ينفذها في العراق لتشمل مواقع «داعش» في سوريا ،في ظل التقارير الاستخباراتية عن نقل التنظيم جزءا كبيرا من قواته واسلحته باتجاه الداخل السوري، مشيرة الى وجود خلافات مع الطرف العراقي حول الموضوع ،حيث تسعى بغداد بايحاء ايراني الى ايجاد تنسيق مباشر بين الجانب الاميركي والنظام السوري، الامر الذي يلاقي معارضة اميركية شديدة، خاصة ان الضربات في مرحلتها الاولى ستقتصر على مناطق الحدود السورية – العراقية والتي تشكل قواعد اسناد لمقاتلي التنظيم في العراق، على ان تلي تلك المرحلة عملية جوية بمشاركة بريطانية وفرنسية ضد «داعش» في الداخل السوري، على ان تبقى هذه الخطوة مرهونة بمدى تقدم قوات التحالف (الجيش العراقي والبشمركة) في الميدان، وعدم السماح للنظام السوري بتحقيق تقدم على الارض على حساب الفصائل السورية المعارضة، ذلك ان احد الاهداف الاساسية للعملية تدمير ترسانة الاسلحة الموجودة بحوزة التنظيم، من دبابات ومدرعات ومركبات واجهزة اتصال متطورة وراجمات صواريخ ومدفعية ثقيلة ومروحيات وطائرات حربية وكاسحات الغام ، والاف المعدات العسكرية الخفيفة والمتوسطة، التي بغالبيتها تعود للقوات الاميركية التي تواجدت في العراق، والقادرة على تجهيز قوات عسكرية قوامها 36 الف عسكري. والتي يمكن ان يستخدمها للسيطرة على مناطق جديدة او لفتح جبهات جديدة في لبنان والعراق وسوريا وحتى الاردن.
واشارت المصادر نفسها الى ان الولايات المتحدة ستمهد لتدخلها هذا عبر الطلب الى مجلس الامن اصدار قرار بفرض منطقة حظر جوي فوق المناطق الشرقية السورية، امر لن تعارضه روسيا والصين خلافا للسابق، مؤكدة ان الطائرات الاميركية قامت باكثر من مهمة فوق الاجواء السورية لجهة محافظتي دهوك ونينوى، كما انها نقلت الى احدى دول الشرق الاوسط مجموعة من الوحدات الخاصة تقوم بتنفيذ عمليات سرية داخل العراق وسوريا ،بهدف الاستطلاع وجمع المعلومات.
واذا كان الرهان على التوافق الاقليمي والدولي من اجل ارساء حلول لسلة الازمات الداخلية، فان مسار الانفراجات لا يبدو سريعا على رغم الخرق الكبير الذي تم احداثه في الملف العراقي والتحالف الدولي الاقليمي لانهاء الحالة «الداعشية»، مع تأكيد المصادر الدبلوماسية ان الافضل للبنان في المرحلة الراهنة فصله عن الوضع في المنطقة، لان القرار الكبير المتصل باقتلاع تنظيم داعش من جذوره يحتاج الى وقت ليصبح نافذا، وما يجري حاليا من تقارب في المواقف بين الاطراف الاقليمية والدولية يحتاج الى تحويله لافعال تبقى مرتبطة بمدى تلبية القوى المعنية للشروط الدولية المتصلة بتشكيل حكومة وحدة وطنية في العراق لا تقصي اي فريق او مكون سياسي، ذلك ان الولايات المتحدة الاميركية وحلفاءها ليسوا في وارد خوض غمار تجربة عسكرية جديدة في العراق، اذا لم يتم الالتزام بهذا الشرط. الا ان المصادر اعتبرت ان هذه «البروفا» من شأنها تسريع مسار التشكيل نسبة للخطر الكبير الذي تشكله الحالة «الداعشية» على اكثر من طرف معني بالملف العراقي، قد يحمل على تخطي العثرات الحائلة دون ولادة حكومة الوحدة العراقية التي ستضم اليها قوى راديكالية.
واعتبرت المصادر الدبلوماسية ان رئيس جمهورية لبنان العتيد لا يمكن الا ان يكون تسوويا مقبولا من الجميع وغير محسوب على فئة او طرف سياسي، مشيرة الى موقف النائب وليد جنبلاط في هذا الشأن وملامح بدء التقارب بين تيار المستقبل وحزب الله الكفيل بانضاج الطبخة الرئاسية بالتزامن مع التحولات الاقليمية المؤثرة.