أفادت قوى 8 آذار من مناسبة استدعاء كرمى خياط وابرهيم الأمين للاستماع الى افادتيهما أمام المحكمة الخاصة بلبنان للانقضاض على تلك المحكمة التي يرفضها “حزب الله” والأحزاب التي تدور في فلكه، والحضور السياسي الى نقابة الصحافة الاثنين خير دليل الى ذلك، إذ عزّ ايجاد مؤيد لتلك المحكمة.
لعل الموقف الواضح عبّر عنه بجرأة وزير الاعلام رمزي جريج، الذي لم يتراجع رغم الضغوط التي مورست عليه، فردد ما نتشارك به من تأييدنا للمحكمة كوسيلة لبلوغ حقيقة ما، بل حقائق عجز القضاء اللبناني عن بلوغها والملفات المتراكمة أمام المجلس العدلي منذ زمن، تشهد على ذلك.
المحكمة، التي نؤيدها، لا نريدها للاقتصاص من احد، سواء في الداخل او في الخارج، الا اذا كان مداناً بالأدلة والاثباتات، ولا مانع عندئذ من اصدار أحكام بالسجن على كل من تثبت ادانته.
ثم ان مثول صحافيين واعلاميين امام المحكمة ليس تجاوزاً لصلاحياتها، ولا ضرباً للحريات الاعلامية فقد مثُل العشرات منهم كشهود ولم يشعروا بأن كرامتهم مداسة، اذ من غير المنطقي ان يكون الاعلامي فوق القانون، واكبر من المحاكم، تماماً كمسؤولي الميليشيات في زمن الحروب، وكمثل السياسيين الذين أفرزتهم تلك الحروب، او الاعلاميين الذين كانوا صنيعة هذه الظروف.
لكن تضمين المحكمة في قوانينها احكاماً بالسجن على الاعلاميين أمر نرفضه. فالسجن للاعلاميين تم الغاؤه في القوانين اللبنانية المتخلفة عن اللحاق بمثيلاتها في العالم، ولم يعد قبوله وارداً بأي شكل، لأن كل فعل مماثل سيشكل ضرباً لنضالات طويلة ومواجهات خاضها اسلافنا في مهنة البحث عن المتاعب.
وعليه، فاننا كجسم اعلامي لبناني نفضل ان نمثل امام القضاء اللبناني، الجدير بالثقة، رغم بعض سقطات.
في المقابل، ثمة مشكلة لم يقر بها أحد من المتحدثين أو المشاركين في نقابة الصحافة. فالسياسيون يخافون سطوة الاعلام، والاعلاميون يخجلون من طرح موضوع رفض اعلاميين زملاء لهم المثول أمام المحاكم اللبنانية، أو تنفيذ أحكامها. هذه المشكلة ندركها جيداً، ولنا في الماضي القريب أمثلة على ذلك، إذ قوبلت الشكاوى من الاعلام بمزيد من التحريض والشتيمة. ولم يجرؤ نقيب الصحافة محمد بعلبكي على التطرق لها في اجتماعات النقابة، ولا نظيره نقيب المحررين الياس عون الذي بادر من تلقاء نفسه الى الدعوة لتوقف الاعلاميين عن العمل في 13 أيار، وهي سابقة لم تسجل في تاريخ النقابتين، ولم يرتفع صوت عون كنقابي يوم اغتيل جبران تويني وسمير قصير ولدى محاولة اغتيال مي شدياق وغيرها من قضايا التعدي على اعلاميين.
إن الدفاع عن حريتنا الاعلامية في صميم الواجب، لكن ثمة فارقاً ما بين الحرية والتعدي على حريات الناس وكراماتهم، وتعريض أمنهم الشخصي وحياتهم للخطر. نعم للحرية المسؤولة، نعم للصحافة اللبنانية الحقة، ونعم للمحكمة الدولية.