المشنوق ينفي لـ «المستقبل» أي وساطة إقليمية بملف العسكريين وينوّه بقرار إعفاء النازحين المخالفين
مفاوضات «شائكة» مع المسلحين.. و«صلبة» مع سوكلين
مع تشابك وتضارب المعطيات المتصلة بملف العسكريين المفقودين إبان معارك عرسال، برزت خلال الساعات الأخيرة تحذيرات «هيئة علماء المسلمين» من أنها تتجه إلى سحب يدها من عملية التفاوض الجارية في هذا الملف تحت وطأة «تداخل الأيدي داخلياً وخارجياً بشكل يهدد باحتراق «طبخة» الوساطة الهادفة إلى إطلاق سراحهم» وفق ما أوضح لـ«المستقبل» مصدر متابع لما وصفها «مفاوضات شائكة» مع المسلحين. أما على المستوى الرسمي، فـ«نفي قاطع» من وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق لما يتردد عن «وساطة إقليمية» في موضوع العسكريين المفقودين مشدداً لـ«المستقبل» على أنّ «الحكومة تقوم بعملها بمنتهى الكتمان والسرية» في ما يتصل بهذا الموضوع. غير أنّ جلستها الماراتونية أمس لم تُفلح في فكفكة العقد المستحكمة بملف «النفايات الصلبة» فأحالته بعد أربع ساعات من النقاش إلى لجنة وزارية مهمتها إجراء مفاوضات مع شركة «سوكلين» حول شروط التمديد للعقد المبرم معها والتباحث مع مجموعة «آفيردا» وشركتي «لافاجيت» و«باتكو» حول المرحلة الانتقالية المتعلقة بالخطة الشاملة للنفايات الصلبة.
المصدر المتابع للمفاوضات الجارية مع المسلحين كشف لـ«المستقبل» أنهم «رفعوا كثيراً سقف مطالبهم مقابل إطلاق سراح العسكريين، بينما تسعى «هيئة علماء المسلمين» إلى تقليص حجم الهوة الحاصلة في هذه المفاوضات من دون أن تكون معنيّة بلعب دور «محامي الدفاع» عن المسلحين ومطالبهم»، لافتاً الانتباه في هذا السياق إلى أنّ «كلاّ من «جبهة النصرة» و«داعش» لديه مطالب منفصلة في هذا الملف يتقاطعان في بعضها ويفترقان في البعض الآخر». وأوضح المصدر أنّ «مجموع العسكريين المفقودين 35، 20 عنصراً في الجيش و15 عنصراً في قوى الأمن الداخلي»، مع إشارته إلى أنّ «داعش» تحتجز 11 عسكرياً وجثة، بينما «النصرة» تحتجز مجمل عناصر الأمن الداخلي بالإضافة إلى 3 عسكريين، في حين لا يزال 5 عسكريين مفقودين غير معلوم مكانهم».
ونقل المصدر «شعوراً لدى هيئة علماء المسلمين بأنّ جهات محلية رسمية وغير رسمية، وأخرى غير لبنانية يرجح أنها تركية وقطرية، تقوم بالتنسيق مع جهة أمنية رسمية بالتواصل مع المسلحين بمعزل عن خط الوساطة التي تضطلع بها الهيئة»، مشيراً في هذا السياق إلى «معطيات بلغت أعضاء الهيئة تشي بوجود «قطب مخفية» في هذا الملف يُرتقب أن تتضح صورتها أو تتبدد بموجب اللقاء المنتظر عقده بين وفد الهيئة ورئيس الحكومة تمام سلام».
المشنوق
رسمياً، نفى وزير الداخلية «نفياً قاطعاً وجود أي وساطة إقليمية» في ملف العسكريين المفقودين، وقال المشنوق لـ«المستقبل»: «من حق أي طرف يتعاطى بهذا الموضوع أن يقول ما يشاء وأن يسحب يده منه، لكن في واقع الأمر ليست هناك قناة قطرية ولا تركية في هذا الملف. الدولة تعرف واجباتها والحكومة تقوم بعملها بمنتهى الكتمان والسرية»، مضيفاً: «هكذا ملف لا يتم تداوله في الإعلام لأنّ أي تسريب أو «أخذ ورد» لا يفيد المفقودين ولا يؤدي إلى الحل» المنشود لإطلاق سراحهم.
أما في يتصل بالتدابير الرسمية الآيلة إلى ضبط ملف النازحين، فشدد المشنوق على أهمية إقرار مجلس الوزراء أمس إعفاء النازحين المخالفين من الرسوم تشجيعاً لهم على العودة إلى وطنهم، وقال: «هذا أهم ثاني قرار اتُّخذ في سياق تنظيم ملف النزوح السوري بعد القرار الذي صدر في الأول من آب الماضي والقاضي بنزع صفة النزوح عن السوريين بمجرد مغادرتهم الأراضي اللبنانية باتجاه سوريا».
مجلس الوزراء
وكان مجلس الوزراء قد وافق خلال جلسته العادية أمس على إعفاء النازحين السوريين المخالفين من رسوم الإقامة المترتبة عليهم بما يساعد على تسوية أوضاعهم ويشجعهم على مغادرة لبنان بصورة قانونية خلال فترة الأشهر الثلاثة المقبلة.
وأوضحت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ الجلسة الماراتونية التي دامت نحو 7 ساعات استغرقت على مدى 4 ساعات في بحث ملف النفايات الصلبة، وأشارت في هذا السياق إلى أنّ «كل الوزراء شاركوا في مناقشة هذا الملف»، مؤكدةً أنّ النقاشات لم تشهد «انقسامات بالمعنى السياسي للكلمة بل إنّ ما جرى لا يعدو كونه كناية عن لغط ونقاش عقيم لا يؤدي إلى أية نتيجة على طريق معالجة النفايات الصلبة».
المصادر الوزارية نقلت في هذا الإطار أنه «وبينما اقترح بعض الوزراء المتابعين لهذا الملف تمديد عقد شركة «سوكلين» لفترة محددة ريثما يجهز دفتر الشروط المطلوب في إطار التعاقد معها، رد في المقابل وزيرا «التيار الوطني الحر» جبران باسيل والياس بوصعب باقتراح تقسيم المناطق جغرافياً بين أكثر من شركة معنية بمعالجة النفايات بدل حصر التعاقد بشركة واحدة فقط على مستوى كل المناطق اللبنانية».
وأمام مراوحة النقاش والاستفاضة به على مدى 4 ساعات خلص المجلس إلى تكليف لجنة وزارية معنية ببحث أفضل السبل الآيلة إلى معالجة هذا الملف برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل وعضوية وزراء المالية والزراعة والداخلية والبلديات والبيئة والتربية الوطنية بالإضافة إلى رئيس مجلس الانماء والاعمار الذي كان قد شارك في جلسة الأمس وقدّم تقريراً مفصلاً عن النفايات الصلبة.
وفي ضوء مناقشة هذا التقرير جرى «وضع مرحلة أولى من خارطة طريق إدارة هذا الملف موضع التنفيذ من خلال تأليف اللجنة الوزارية وتكليف وزارتَي المالية والداخلية والبلديات الإسراع في صرف المستحقات العائدة للبلديات المحيطة بمطمر عبيه – عين درافيل، وإعطائها حوافز مالية واعفائها من بعض الاقتطاعات والمتوجبات المستحقة عليها خلال مهلة شهر.