IMLebanon

مقاربة وسطية لـ«داعش»: تهديد للسنّة.. أولاً

جنبلاط : ثلاثة معابر لتحصين الداخل

مقاربة وسطية لـ«داعش»: تهديد للسنّة.. أولاً

مع بروز الحالة الداعشية الأخيرة في العراق، أطلق وليد جنبلاط صرخة تحذير لكي لا يصاب لبنان بفيروس «داعش»، ولكي لا تنبت فيه مجددا حالات أسيرية أو أمراء محاور على غرار ما كان سائدا في صيدا وطرابلس.

لم يطلب جنبلاط النأي بالنفس عن هذا الخطر، بل رفع «التحصين الداخلي» عنوانا لدرء الخطر، وأما بلوغه فيتطلب سلوك ثلاثة معابر: إنجاز الانتخابات الرئاسية سريعا، الحوار وتنظيم الاختلاف السياسي، الالتفاف حول الجيش اللبناني.

الخطر كبير، كما ينقل عن جنبلاط، وربما أكبر من أي وقت مضى، ويزيد من احتمالاته صب الزيت على النار من قبل من احترفوا المزايدة والتحريض خدمة لمصالحهم فقط، ومحاولة خداع الرأي العام بدفن رؤوسهم في الرمال ونفي أي وجود لـ«داعش» وان لا خطر من تمدده الى لبنان، فيما هذا التنظيم يعلن ضم لبنان الى «دولته الشامية».

«سنتجاوز الأزمة»، قالها جنبلاط، «ولكن شرط ان يحسن اللبنانيون مواجهتها بما تقتضيه من واقعية وموضوعية وحكمة، والكرة في ملعب السياسيين».

الاجهزة الامنية والعسكرية قامت بعمل جبار مؤخرا، وكلما زاد التنسيبق في ما بينها كانت أكثر فعالية وإنتاجية وقدرة على التحصين ومنع محاولات التخريب.

مقاربة جنبلاط للمشهد الداخلي، تتقاطع مع «مقاربة وسطية» لمشهد لبنان والمنطقة في ظل التطورات الداعشية الأخيرة، تخلص الى الآتي:

ـ لبنان أصبح ساحة قلق وفي مهب صيف حار وفي وضع صعب لم يشهده منذ الاستقلال، وكمن يجلس على عبوة لا يعرف متى تنفجر.

ـ لقد تبلغت المستويات السياسية والأمنية اللبنانية من السفراء مؤخرا بأن هناك إرادة تخريب كبرى للبنان من قبل مجموعات إرهابية، تهدد لبنان ومصالح الغرب في آن معا، ومن هنا تأتي هجمة الأجهزة الغربية لمساعدة لبنان لمواجهة خطر الإرهاب.

ـ لبنان بتركيبته السياسية والطائفية خاضع لموازين ومعادلات دقيقة، ولذلك لا يستطيع أن يشكل البيئة الحاضنة الملائمة والمرتكز الآمن للحالة الداعشية أو لأخواتها، فضلا عن ان الدولة اللبنانية منخرطة بأجهزتها كلها بالحرب على الإرهاب. الخلايا النائمة موجودة انما بفعالية حدودها الإقلاق والإرباك.

ـ يمكن وصف لبنان ببيئة «ركوب الموجة» من قبل مجموعات تنتظر تغير الظروف لتنقل البارودة من كتف الى كتف. فحتى الأمس القريب كانت تلك المجموعات تبايع «جبهة النصرة» وبعد تطورات العراق صارت تبايع «داعش».

ـ إعلان «داعش» ضم لبنان الى دولته كان يفترض ان يحرض على إعلان حالة طوارئ سياسية بالتوازي مع حالة الطوارئ الامنية، وان يحدث صدمة عند السياسيين فيروا الامور على حقيقتها ويسارعوا الى وقف التحريض والتوتير والالتقاء معا في جبهة مواجهة لما هو آت.

ـ يتحرّك «داعش» وفق أجندة محددة، ولا يشكل تمدده الى لبنان تهديدا على طرف سياسي أو مكوّن مذهبي دون آخر، فكل الاقليات في لبنان مهدّدة بسنتها وشيعتها ومسيحييها، واذا كانت بيئة «حزب الله» هدفا مباشرا للإرهاب، فالهدف الآخر هو ضرب الاعتدال، وما نجاح الهجمة الداعشية إلا إضعاف للمعتدلين السنّة في لبنان وتهديد لوجودهم وحضورهم السياسي ضمن المعادلة الداخلية. ويبدو أن تيار «المستقبل» قد بدأ يرى التهديد بأم عينه وبدأ يشعر بالقلق من ان يضيع كل شيء من يده، لذلك تراه أكثر المتحمسين لمواجهة الإرهاب.

ـ هناك دول حملت «الراية الداعشية» وتورطت في دعمها والاستثمار عليها، صارت تخشى من أن تدفع وحدها الثمن لاحقا. الكل بدأ يعيد حساباته، فتقسيم العراق يؤثر على كل دول المنطقة ويهدد بتغيير كل الجغرافيا السياسية فيها. السعودية تستشعر الخطر، والملك عبدالله بن عبد العزيز يفتي بتجريم «داعش» وبصرف نصف مليار دولار لدعم الشعب العراقي (العشائر السنية) لكي تصبح أكثر التصاقا بالسياسة السعودية وتقف في وجه «داعش». أما تركيا فيشكل تقسيم العراق خطرا كبيرا على استقلالها ووحدة أراضيها، فالتقسيم الذي تخشاه سيعني إقامة دولة كردية من شأنها أن تقوي أكراد تركيا بما يهدد عاجلا أم آجلا بقضم مساحة كبرى من أرض تركيا.

أكثر المتحمسين للدولة الكردية في العراق هي إسرائيل، فهذه الدولة تشكل تمزيقا للمنطقة وتضعف تركيا والسعودية وسوريا ولبنان والاردن والعراق وكل العرب، وتشكل خطرا دائما على ايران.

تقضي الموضوعية والواقعية وقف مقولة ان تدخل «حزب الله» في سوريا هو الذي استجلب «داعش» الى لبنان، فالجواب في خريطة الدولة الداعشية التي ضمت مجموعة الدول الراعية للمجموعات المقاتلة للنظام السوري. لنسلم أن مهاجمة «حزب الله» ردا على مناصرته الأسد، ولكن هل قاتل «جهاديو الكويت» الى جانب الأسد ليعاقبوا بضم دولتهم الى الدولة «الداعشية»؟