قبل خروجه من قصر بعبدا، أعدّ فريق رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان مرسوم تجنيس 300 فرد وعائلة (نحو 644 شخصاً). جنسيات مختلفة، بعضها يحلم لبنانيون كثر بالحصول عليها، قرر حاملوها حيازة الجنسية اللبنانية إلى جانبها. أسباب معظمهم مجهولة، تماماً كما آلية وصول أسمائهم إلى أصحاب القرار في قصر بعبدا. كثيرون من مكتومي القيد، وحاملي بطاقات «قيد الدرس»، يحلمون بالحصول على وثيقة رسمية لبنانية، وهم يستحقونها. آلاف المولودين لأمهات لبنانيات عانوا لسنوات طويلة، من دون أن يقرر أحد اتخاذ قرار شجاع يرفع الظلم عنهم، ولو قليلاً. لكن أحداً لم يلتفت إليهم.
أما مئات المحظيين، فيُمرّر مرسوم تجنيسهم في ليل، بلا أي ضجيج.
بحسب ما هو متداول، فإن الواردة أسماؤهم في المرسوم تلقوا اتصالات من جهات معنية في وزارة الداخلية، تطلب منهم التقدم الى الوزارة، والحصول على استمارات ونماذج يفترض تعبئتها بكامل المعلومات، في خطوة تمهيدية لبدء تنفيذ المرسوم، وما يسمح لهؤلاء بالتمتع بحقوق من يحمل الجنسية اللبنانية.
ولما تم سؤال بعض المخاتير في العاصمة والمناطق عن الامر، أفاد بعض هؤلاء بأنهم على علم بالمرسوم، لكنهم لا يقدرون على القيام بأي خطوة تتعلق بدوائر النفوس، قبل نشره في الجريدة الرسمية، رغم أن مرسوم التجنيس لا يُنشر في الجريدة الرسمية، شأنه شأن مرسوم العفو الخاص الذي يصدره رئيس الجمهورية. على الأقل هذا ما جرى اتباعه في عهد ميشال سليمان. بابان مفترضان لرد الظلم، لكنهما في لبنان بابان لـ«تمريقات» وسمسرات تضاعف الظلم.
أسئلة مشروعة
لكن الأسئلة التي تبرز مباشرة مع صدور مرسوم من هذا القبيل يمكن حصرها بالآتي:
التجنيس والعفو بابان لـ«تمريقات» وسمسرات تضاعف الظلم
ـــ من هي الجهة التي تقدمت باللوائح؟ وكيف تمّ جمع كل هذه الأسماء؟ وأي نوع من الوساطات جرت لتمرير هذا الاسم أو ذاك؟
ـــ من هي الجهات المعنية في الدولة، من أجهزة أمنية وإدارية، التي عملت على التدقيق في أوضاع هؤلاء من النواحي كافة، خصوصاً ما إذا كانوا لا يواجهون مشكلات قضائية أو غير قضائية في بلدانهم الأصلية؟ وما هي حقيقة الاسباب التي تدفعهم الى طلب الجنسية اللبنانية؟
ـــ هل حصلت عمليات رشى مباشرة أو غير مباشرة قادت الى تمرير أسماء ورفض أخرى؟
ـــ ما هو السند القانوني لمنح فلسطينيين الجنسية خلافاً للقانون الذي يمنع منحهم الجنسية للمحافظة على هويتهم الاصلية وفي سياق رفض التوطين.
ـــ هل استفاد من المرسوم أشخاص يحملون اليوم جنسيات أميركية وأوروبية، وهم لا حاجة لهم الى الجنسية اللبنانية، إلا في حالة الرغبة في استخدامها في سياق التهرب من الضرائب أو تغطية أعمال غير مشروعة؟
المتضررون؟
بيد أن هذه الخطوة التي تمنح بعض أصحاب الحق فرصة تصحيح أوضاعهم بعد طول انتظار، تفتح الباب أمام عدد هائل من المتضررين، خصوصاً النساء اللبنانيات اللواتي حرم أبناؤهن من حق الحصول على الجنسية اللبنانية. كذلك الذين ولدوا في لبنان من عشرات السنين، ولا يزالون يعيشون في حالة مكتومي القيد، أو الذين ولدوا هنا وتعلموا هنا ومات أهلهم هنا، ولم يحصلوا على حق طبيعي في الجنسية. ومن الواضح أنه سيكون بمقدور أي متضرر أن يدقق في الاسماء الواردة، والتثبت من طريقة إدراج الاسم، وما إذا كانت هناك ظروف غير قانونية وغير طبيعية وراء الخطوة. وسيكون بمقدور هؤلاء التقدم بطعن أمام مجلس شورى الدولة. وتبدي «الأخبار» استعدادها لتلقّي أي معلومات حول أخطاء أو جرائم ارتكبت خلال إعداد هذا المرسوم.