IMLebanon

ملف لبنان بين باريس والرياض.. و«حزب الله» لتحرير العسكريين

الرئيس فؤاد السنيورة قال أمس الأوّل للمسيحيين المجتمعين في لقاء «سيّدة الجبل» بما معناه: مقاربتكم الوطنية تجعلني أقرب إليكم من «حزب الله» و»الدولة الإسلامية»، وأمس أقامَت النائب بهية الحريري استقبالاً في الذكرى 94 لإعلان دولة لبنان الكبير في السراي الحكومي برعاية وحضور رئيس الحكومة تمام سلام، الذي أكد «أن المعركة مع الإرهاب ما زالت في بداياتها، والشرط الأول للفوز في معركة صعبة من هذا النوع، هو رص الصف الداخلي، الذي يشكل خط الدفاع الأول عن لبنان واللبنانيين». وفي المحطتين يبرز مدى التلاقي المسيحي – الإسلامي حول التجربة اللبنانية التي ما زالت تواجه تحدّيات مختلفة، تبدأ بالفراغ الرئاسي الذي تحوّلت فيه الجلسات الانتخابية إلى مجرّد رقم في سياق عدّاد مفتوح حتى إشعار آخر، ولا تنتهي بالإرهاب الذي استهدف لبنان أخيراً في عرسال، ونجحَ الجيش اللبناني في صدّه، الأمر الذي فتحَ الباب أمام ضرورة تعزيز قدراته التسليحية التي من المقرّر أن تكون بنداً ضمن جدول الأعمال بين باريس والرياض، في إطار محادثات وليّ العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. وفي السياق ذاته مبادرةٌ رئاسية لقوى 14 آذار بغية دفعِ الاستحقاق الرئاسي قدُماً، فيما قضية المخطوفين تبقى في صدارة الاهتمام والمتابعة، في ظلّ موقفٍ لافت لـ»حزب الله» أكّد فيه أنّه «ليس مع وضع أيّ قيد أو أيّ شرط على الجيش بحقّه في استرجاع وتحرير العسكريين»، ما يعني أنّ الأولوية هي لتحرير العسكريين.

لم تتمكّن الوساطات حتى الآن من الإفراج عن الأسرى المتبقّين لدى الإرهابيين، وبالتالي وضعِ حدّ لمعاناة أهاليهم الذين صعّدوا من تحرّكاتهم، فقطعوا عدداً من الطرقات في الشمال والبقاع والجبل، كذلك قطعوا طريق المطار القديمة باتجاه الأوزاعي بالإطارات المشتعلة، مطالبين بكشفِ مصير أبنائهم.

وفيما أعلن الجيش أنّه تسَلّم جثّة عسكري مفقود وستخضع لفحص الـ DNA للتأكّد من هويتها، أكّدت هيئة العلماء المسلمين أنّ الجثة تعود إلى الرقيب علي السيّد الذي ذُبح على يد الإرهابيين.

مجلس وزراء

وفي هذه الأجواء، يعقد مجلس الوزراء جلسته الماليّة صباح اليوم، يخصّص القسم الاوّل منها للبحث في بعض القضايا الأساسية، خصوصاً

المعالجات الجارية لملف المخطوفين العسكريين ونتائج اللقاء الأمني – القضائي الذي عُقد مساء الأحد في السراي الكبير.

وذكرت مصادر وزارية أنّ رئيس الحكومة تمام سلام سيُطلع الوزراء على المقاربة التي آلت إليها المناقشات في الوضع الأمني بوجهيه القضائي والعسكري، ونتائج الاتصالات الجارية لمعالجة ملف المخطوفين العسكريين بعدما أرخَت عملية تسليم جثة الرقيب السيّد أجواءً سلبية على كلّ أشكال المفاوضات الجارية.

وفي الوقت الذي تردَّد أنّ جثته أرفِقت بلائحة أسماء المطلوبين من سجناء رومية لعملية التبادل كما تقترحها «داعش»، لم تؤكّد المراجع المعنية القضائية أو الأمنية هذه الرواية التي بقيَت ملكاً للسرّية والغموض اللذين يظلّلان المفاوضات، في اعتبار أنّها من القضايا الحسّاسة التي يجب حمايتها من التعاطي الإعلامي معها، على أن تسهمَ الاتصالات الجارية في تظهير ما هو إيجابي منها، والسعي إلى إبقاء بعض المخارج طيّ السرّية التي تحمي الحكومة وأطرافها بعد التهديد والوعيد من أكثر من جهة برفضِ التفاوض على الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية، كما عبّرت كتل نواب الإشتراكي والتيار الوطني الحر، وسط صمت وزراء «حزب الله» ووزراء «أمل».

وفي إطار ماليّ، قالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» إنّ «مجلس الوزراء سيبحث في جلسته الاستثنائية اليوم، بالإضافة الى مشروع وزير المال لموازنة العام 2015، في الوسائل الواجب اتّخاذها وطريقة إصدار سندات خزينة بالدولار وإصدار اليوروبوند، وعمّا إذا كان ممكناً إصداره بلا العودة إلى قانون في مجلس النواب المعتكف عن التشريع أو الاكتفاء بمرسوم في مجلس الوزراء.

وينعقد مجلس الوزراء مجدّداً الخميس في جلسةٍ عادية لبَتّ جدول أعمال من 37 بنداً مختلفاً، معظمها من القضايا الإدارية المالية والإدارية العادية وقبول هبات مختلفة لمؤسسات عامّة ونقل اعتمادات من حساب الخزينة العامة الى مؤسسات ووزارات أخرى.

سلام

وكان سلام أعلنَ أنّ الحكومة تتعامل مع قضية العسكريين باعتبارها أولوية قصوى لا يتقدّم عليها أيّ هَمّ آخر، وتبذل أقصى الجهود من أجل الإفراج عنهم وإعادتهم سالمين، مشيراً إلى أنّ الوصول إلى النتيجة التي نريدها يتطلّب أقصى درجات التضامن وصبراً وحكمة.

جنبلاط

واستعجلَ رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الإسراع في محاكمات الإسلاميين في سجن رومية، واعتبر أنّ ملفّ الموقوفين الإسلاميين له امتداداته وارتباطاته بملف العسكريين الأسرى الذين من الضروري أن تُبذل كلّ الجهود لتحريرهم وعودتهم إلى عائلاتهم سالمين. وجدّد رفضَه مبدأ المقايضة.

«حزب الله»

في غضون ذلك، نبَّه «حزب الله» إلى أنّ استمرار احتجاز العسكريين يعني إبقاءَ الفتيل مشتعلاً، الأمر الذي يُنذر بانفجار أكبر، لأنّ من حقّ الجيش اللبناني أن يلجأ إلى كلّ شيء لتحريرهم. وأوضح أنّه ليس مع وضع أيّ قيد أو أيّ شرط عليه في حقّه في استرجاع وتحرير العسكريين، ومن حقّه أيضاً أن يطالب برفع كلّ العراقيل والقيود التي تقيّد يديه أمام هذه المعركة التي يخوضها دفاعاً عن كلّ الوطن».

«التغيير والإصلاح»

وفي السياق، علمت «الجمهورية» أنّ تكتّل «التغيير والإصلاح» الذي سيجتمع اليوم برئاسة النائب ميشال عون سيتّخذ موقفاً مهمّاً من القضايا المطروحة عموماً، لا سيّما قضية العسكريين المخطوفين وسائر المسائل الأخرى المتفرّعة عنها.

الاستحقاق الرئاسي

وأمس، اعتبرَ سلام خلال احتفال أقيم في السراي الحكومي لمناسبة الذكرى 94 لإعلان دولة لبنان الكبير: «أنّ الإخفاق في تنفيذ الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها، وأوّلها انتخابات رئيس للجمهورية، هو التعبير الأوضح عن الوضع غير السليم الذي نعيشه»، مكرّراً الدعوة لجميع القوى السياسية «لانتخاب رئيس الجمهورية المسيحي الماروني رأس الدولة».

مبادرة «14 آذار»

وعلمت «الجمهورية» أنّ قوى 14 آذار، وفي سياق اجتماعاتها الدورية بعيداً من الإعلام، عقدت اجتماعا ليل أمس أحيت فيه مبادرة رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع التي تقوم على الآتي: أولاً، تأكيد قوى 14 آذار تمسكها بالاستحقاقات الدستورية في مواعيدها، بدءاً من استحقاق رئاسة الجمهورية. ثانياً، فتح الباب للبحث عن مرشح وفاقي من أجل إنهاء مرحلة الفراغ.

ثالثاً: الاتصال بكل القوى من أجل التوصل لهذا المرشح. رابعاً، العودة إلى المربّع الأول في حال لم تفضِ الاتصالات إلى اتفاق، أي أن تبقي قوى 14 على تمسكها بمرشحها جعجع. ومن المقرّر أن تبدأ هذه القوى اعتباراً من اليوم ترجمة هذه المبادرة.

كنعان

وفي المواقف، قال أمين سرّ «التكتل» النائب ابراهيم كنعان لـ«الجمهورية»: لم يطرأ جديد على المعادلة الراهنة لأنّ لا نيّة جدّية

لإحداث خَرق في جدار الأزمة عامّة والرئاسية خاصة، عند الفريق الآخر، كما أنّه لم يأتِنا أيّ جواب جدّي بعد على المبادرة التي طرحها العماد عون والمتعلقة بآلية الانتخاب الرئاسية والنيابية.

وللأسف، يبقى التعويل قائماً على إرادة خارجية تدفع بعض الأطراف المحَلية باتّجاه الحلّ بدل التلطّي وراء مواقف باتت مستهلكة وغير مجدية، علماً أنّنا كنّا نفضّل أن يأتي الحلّ لبنانياً من خلال اعتماد معايير واحدة على كلّ الاستحقاقات، وعنيتُ بذلك معيار التمثيل الشعبي في الرئاسات كافة وصولاً إلى رئاسة الجمهورية.

فقانون الانتخاب الحالي الذي أفرَز معادلة يشوبها الخلل في المجلس النيابي خصوصاً على صعيد التمثيل المسيحي لا يسمح بعملية ديموقراطية سليمة من دون ولوج باب التفاهم الذي يجب أن يُبنى على مواصفات حدّدتها مذكّرات الكنيسة المارونية ولم يلتزم بها الأطراف المعنيون، لذلك فإنّ الحلّ اللبناني يقضي بالخروج عن ممارسات الماضي بالنسبة للمسيحيين والتي عمَّقت الهوّة بينهم وبين الدولة».

حوري

في المقابل، لم يلمس عضو كتلة «المستقبل» النائب عمّار حوري أيّ جديد على الصعيد الرئاسي، مشيراً إلى أنّ جلسة اليوم ستكون رقماً جديداً يضاف إلى أرقام الجلسات الانتخابية».

إلّا أنّ حوري أكّد لـ«الجمهورية» أنّ هناك نقاشاً داخل 14 آذار حول مبادرة للمساعدة على حلّ المأزق الرئاسي وانتخاب رئيس جمهورية جديد، وستُطرَح عند إنجازها.

وهل مَلّت 14 آذار من حضور جلسات الانتخاب؟ أجاب حوري: «سنظلّ نحضر إلى مجلس النواب حتى يتمّ انتخاب الرئيس، فهذه قضية وطنية المَلل منها ممنوع».

وعن موعد عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان، أجاب حوري: «الرئيس الحريري عاد، وعودته هي الأساس، أمّا متى يأتي مجدّداً فالأمر يمكن ان يحصل في أيّ وقت، وهو مَن يحدّد ذلك، وطبعاً مغادرة الحريري كانت لمتابعة موضوع الهبة السعودية ودعم قضايا لبنان».

من جهة ثانية، وصفَ حوري كلمة برّي في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر بالكلام الوطني الجيّد في ما يتعلق بالجانب الوطني منه، عندما دعا الى الوحدة ورصّ الصفوف. أمّا الشقّ الآخر المتعلق بموضوع المقاومة فنعتقد أنّه يحتاج الى نقاش، فهل المقصود أن تنضمّ المقاومة تحت سقف الجيش والشرعية؟ وبالتالي هناك نقاط يلزَمها نقاش في ما يتعلق بالاستراتيجية الدفاعية.

الراعي يعود اليوم

وعصر اليوم يصل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى بيروت عائداً من الفاتيكان، بعدما التقى كبار المسؤولين فيها وشاركَ في لقاءات روحية. وهو التقى مساء أمس السفراء والقائمين بأعمال سفارات الولايات المتحدة الاميركية، بريطانيا، إيطاليا، جامعة الدول العربية، روسيا، فرنسا، المانيا، الاتحاد الاوروبي ولبنان، المعتمدين لدى الكرسي الرسولي.

ومن المقرّر أن يغادر الراعي بيروت مساء الإثنين المقبل في الثامن من الجاري متوجّها إلى الولايات المتحدة الأميركية للمشاركة في مؤتمر يتحدّث عن أوضاع المسيحيين في المنطقة ولبنان.

صفقة الأسلحة

إلى ذلك، أعلنت الرئاسة الفرنسية مساء أمس إثر لقاء جمع في باريس الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وولي العهد السعودي الامير سلمان بن عبد العزيز أنّ البلدين في صدد «وضع اللمسات الاخيرة» على عقد لتزويد الجيش اللبناني أسلحة فرنسية بقيمة ثلاثة مليارات دولار.

وقال مسؤول في الرئاسة الفرنسية لوكالة «فرانس برس» إنّ «العقد مكتمل، وهناك فقط بعض العناصر التقنية لإنجازه»، موضحاً أنه لن يُوقّع هذا المساء لكنه في مرحلة وضع اللمسات الاخيرة».

من جهته قال هولاند خلال حفل عشاء رسمي أقامه على شرف الامير سلمان أنّ لبنان «بلد رائع وفي الوقت نفسه غير حصين (…) ويحتاج بدوره الى الامن في الوقت الذي يستضيف فيه الاف اللاجئين. من هنا فقد اتفقنا سوياً، السعودية وفرنسا، على مساعدة لبنان شرط ان يساعد نفسه، لحفظ امنه».

إشتباكات في عرسال

وفي السياق الأمني، وقعت ليلاً اشتباكات بين الجيش اللبناني والمسلحين في منطقة وادي سويد في جرود عرسال، وسمع دوي انفجارات في جرود البلدة ناجمة عن غارات شنّها الطيران السوري ضدّ المسلحين.

هزّة أرضية

وليلاً شعر اللبنانيون بهزة أرضية، وفي اتصال لـ«الجمهورية» مع مرصد بحنس لمراقبة الزلازل، أفاد بأن مركز الهزة هو منطقة بعلبك وأن قوتها بلغت 4 درجات على مقياس ريختر وترددت اصداؤها في مختلف المناطق اللبنانية، وتحديداً في الشمال والبقاع.