IMLebanon

مناورات عون

يدخل الاستحقاق الرئاسي بعد يومين شهره الرابع من دون أن تظهر أية بوادر أو مؤشرات عن حصول تقدّم على صعيد الاتصالات اللبنانية لانتخاب رئيس الجمهورية يسدّ الفراغ في الموقع المسيحي الأول في النظام اللبناني القائم، بقدر ما تُجمع بعض القيادات المهتمة بهذا الأمر على أن طبخة الاستحقاق لم تنضج بعد وأن الاتصالات الجارية بشأنها ما زالت تراوح مكانها والسبب هو تعنّت رئيس تكتل الاصلاح والتغيير مدعوماً من حزب الله وتمسكه بترشيح نفسه لهذا الموقع من منطلق أنه الأكثر تمثيلاً في الشارع المسيحي ويرفض أي بحث آخر كالاتفاق على رئيس وسطي لا يكون منتمياً الى 14 آذار أو الى 8 آذار، وإن كان كلاهما قادر كما هو حاصل منذ الشغور على تعطيل الانتخابات الرئاسية الأمر الذي يرجح أن يكون مصير جلسة الثاني من أيلول التي دعا إليها رئيس مجلس النواب كمصير سابقاتها التي لم يكتمل نصابها الدستوري نتيجة مقاطعة نواب التيار الوطني الحر وحزب الله لها.

وفي ظل هذا الوضع المأزوم بالنسبة الى الاستحقاق الرئاسي يخرق العماد عون هذا الوضع بأن يتقدّم عشرة من نوابه باقتراح قانون الى مجلس النواب يرمي الى تعديل المادة 49 من الدستور بحيث يتم انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب وذلك على دورتين الأولى يختار المسيحيون بالانتخاب المباشر إثنين من المرشحين ومن ثمّ ينتخب جميع اللبنانيين أحدهما رئيساً للجمهورية بفارق الأصوات.

وبإقدام الجنرال عون على هذه الخطوة بصرف النظر عن المطالعة السياسية أولاً والقانونية ثانياً التي قدّمها أمين عام تكتل الاصلاح والتغيير النائب ابراهيم كنعان والتي تحتاج وحدها الى مناقشة بل الى مناقشات قانونية ودستورية وسياسية لما تضمنته من مغالطات والتفاف على الدستور وعلى النظام البرلماني، يكون قد ضرب كل المحاولات الجارية من قبل أطراف لبنانية وغير لبنانية لتوفير المناخات الملائمة أمام انتخاب الرئيس المسيحي الوحيد في هذا المشرق في وقت يتعرّض فيه مسيحيّوه الى التصفية كما جاء في النداء الذي أذاعه قبل ثلاثة أيام صهر الجنرال الوزير جبران باسيل وقارن القصر الجمهوري بما يجري في الموصل بعد سقوطها في يد مسلّحي «داعش» التي تجاهر بأنها تحارب من أجل قيام الخلافة الإسلامية.

فإقدام الجنرال عون على هذه الخطوة يكون قد زاد موضوع الاستحقاق الرئاسي تأزماً وقضى على كل أمل في إمكان انتخاب رئيس يسد الفراغ في موقع الرئاسة الأولى، ويطمئن مسيحيّي لبنان الى مستقبلهم ومصيرهم، وما إذا سيكون هذا المصير شبيهاً بمصير مسيحيّي سوريا ومسيحيّي العراق، علماً بأن المسلمين في لبنان يرفضون هذا المنطق ويتمسكون بالتعددية وصيغة العيش المشترك، وباتفاق الطائف الذي خصص رئيس الجمهورية للطائفة المارونية وأوقف مسألة العدّ، فهل هذا ما يريده الجنرال، أم أنه مجرد بالون اختبار لمعرفة ردود الفعل عند الفريق المسيحي الآخر وليس إلا.