لبنان دولة معلّقة… هذا هو الاستنتاج الذي يخرج به مسؤولون فرنسيون يتابعون عن كثب ملف لبنان بكل تشعباته، ولا سيما في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي ومواجهة “التطرف” الذي دق أبواب لبنان من بوابة البقاع الشمالي. ويعتبرون ان احدى مشاكل لبنان الاساسية تكمن إما في عجز قياداته السياسية عن استنباط طرق ووسائل لتحسين شروط الواقع السياسي والامني والمعيشي، وإما في رفضهم رؤية حقيقة ما يجري حولهم بجدية توازي خطورة المرحلة التي تمر بها المنطقة ولبنان، احدى الساحات المثيرة للقلق. من هنا نظرة المجتمع الدولي السلبية الى القيادات اللبنانية.
صحيح ان لبنان ينعم بشيء من الاستقرار الامني معطوفا على تهدئة سياسية لافتة، إلا ان كلا الاستقرار والتهدئة حالة موقتة وهشة يمكن ان تتلاشى بسرعة لينزلق لبنان نحو واقع غير مستقر على كل الصعد. وهشاشة الوضع القائم في لبنان مثيرة للخشية بالنسبة الى المجتمع الدولي الذي يتهيأ لحرب طويلة مع تنظيم “الدولة الاسلامية” في كل من العراق وسوريا. وبحسب معلومات تجمعت أخيراً لدى اجهزة استخبارات غربية كبيرة، فإن تنظيم “الدولة الاسلامية” بدأ في ضخ اعداد كبيرة من مقاتليه في منطقة ريف دمشق التي يشكل فيها تنظيم “جبهة النصرة” الثقل الاكبر منذ ٢٠١٣. وتعتبر منطقة القلمون هدفا لتنظيم “داعش” الذي يسعى الى الانتشار فيها ليكون على تماس مع الحدود اللبنانية – السورية بثقل يوازي ثقل “جبهة النصرة” التي نجحت حتى الآن في منع النظام في سوريا و”حزب الله” من السيطرة على كامل منطقة القلمون، حيث استعاد الثوار المبادرة في الارياف تاركين قوات النظام و”حزب الله” في المدن والقرى الرئيسية. ولبنان، كما دلت احداث عرسال الاخيرة، ليس ببعيد عن الحرب الدائرة على ارض القلمون وخصوصا ان احداث عرسال انتهت الى تهدئة موقتة أشبه بهدنة بين معركة ومعركة. اما تمدد تنظيم “الدولة الاسلامية” الى منطقة القلمون، من خلال ارسال مجموعات مقاتلة من منطقة الرقة ودير الزور، فيمكن ان يغير في طبيعة الحرب الدائرة هناك بين معارضة تشكل تشكيلات “جبهة النصرة” عمادها الاساسي و”حزب الله” والنظام بعدما تمكنت المعارضة من فرض توازن عسكري.
في باريس قلق كبير من ان يتمدد تنظيم “الدولة الاسلامية” باعداد كبيرة الى مناطق تماس مع لبنان، مما سيعجّل في استدراج لبنان الى حروب المنطقة بشكل واسع.
بناء على ما تقدم، يقول مسؤولون متابعون للملف اللبناني إن الاولوية ينبغي ان تعطى لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بالافعال لا بالاقوال، وان يتم تعميق مناخات التهدئة الداخلية لكي تترسخ اكثر بدلا من ان تبقى كما هي الحال اليوم مجرد حالة عابرة بين صدامين. ولا يخفي المسؤولون مخاوف من وجود تقاطع في المصالح بين الاضداد الاقليميين لجر لبنان الى ساحة المواجهة الكبرى الممتدة من العراق الى غزة!