IMLebanon

من بشير إلى داعش

بمناسبة ذكرى انتخاب الشيخ بشير الجميل كنت استمع الى بعض خطبه ومواقفه التي اطلقها خلال أيام ولايته المعدودة، ورحت أفكر في حاجة لبنان الشديدة الى رجال دولة يتحدثون مثله وينهجون نهجه.

نبرة صوت تنم عن ثقة بالنفس وقدرة على التحكم بالامور وعنفوان الرجل السياسي والمسؤول، وهي صفات لا تبدو متوافرة في رجال هذا الزمن الرديء. كثر لم يكونوا في وارد مجاراة بشير في السياسة، لكن احداً لا يستطيع ألا يعجب بقدرة خطابه على اعطاء الثقة والطمأنينة والشعور بالكرامة الوطنية، لمؤيديه كما لمعارضيه من اللبنانيين. فأين هم امثال هذا الرجل اليوم في لبنان؟

بتنا نشتاق الى الرجال الرجال…

الى رجال الزمن الآخر رغم ما في بعضهم من علل، إلا انهم كانوا يسارعون الى اسقاط خلافاتهم متى دق ناقوس الخطر على لبنان، ويقفون صفاً واحداً في مواجهة الاخطار الداهمة، خلافاً لمسؤولي هذه الايام الذين عجز خطر “الدولة الاسلامية” الداعشية وتهديداتها وحروبها المتنقلة وجرائمها التي يندى لها جبين الانسانية خجلا”، عن دفعهم الى وحدة موقف لانقاذ وطن الارز والعيش المشترك.

حتى رئيس أعظم دولة في العالم، الرئيس الاميركي باراك اوباما، لم يتردد في تغيير رأيه من داعش للاطاحة عسكرياً بالرئيس السوري، الى اعطاء الاولوية للحرب على الارهاب الداعشي واخواته.

بل من كان يتوقع ان يقف وزير الخارجية السوري وليد المعلم بكل وقاحة امام الإعلام العالمي عارضاً ان تكون بلاده قاعدة لتحالف دولي لشن الحرب على الارهاب في سوريا والعراق؟

عندما يكون مصير الاوطان والكيانات والمجتمعات في خطر، يصبح القادة والمسؤولون على محك الرجال الرجال، وفي هذا المجال قد لا يكون الجدال مفيداً حول من خلق داعش وإرهابها، بعدما بدا ان هذا الوحش قد خرج من القمقم ليخرج عن قرار اسياده، وربما لكي يفترسهم في وقت قد لا يكون بعيداً. كما لا يمكن الركون الى مقولة أن ذبح الصحافي جيمس فولي كانت وراء هذا التغيير في سياسة واشنطن، او ما اذا كان هذا التغيير سينتج عملاً جدياً فاعلاً ضد الارهاب. كل هذه التساؤلات لا تفيد اللبنانيين في شيء، كما لا يفيدهم التلهي بكلام عن الشرق الاوسط الجديد أو الفوضى الخلّاقة أو خارطة تقسيم العراق وسوريا… فالعدو الذي كان بمثابة شبح أو بعبع بعيد من لبنان، بات داخل البيت؟

لم يعد مجدياً انتظار المفاوضات الايرانية – الاميركية، ولا الايرانية – السعودية ولا متى يولد تحالف دولي غربي – عربي لمحاربة الارهاب، فلنتّكل مرة واحدة على انفسنا و لنجد تسوية لبنانية وطنية داخلية لانتخاب رئيس للجمهورية، ولتكن لنا وحدة موقف وقرار، أقله رحمة بدماء الشهداء ورأفة بهذا الوطن المبتلي بهكذا قيادات!