IMLebanon

من تسلّح العونيّين إلى معارضة «القوات»

من تسلّح العونيّين إلى معارضة «القوات»

«الممر الآمن» لمواجهة داعش بعيداً عن النيابة العامة!

تعارض القوات اللبنانية» بقوة شديدة، تسلّح عناصر من «التيار الوطني الحر» في البقاع، والجنوب، والشمال ومناطق أخرى، بذريعة مواجهة خطر «داعش» الآتي من الشرق والشمال، في إطار تأسيس دولة الخلافة، في العراق وسوريا، وباعتبار أن لبنان، ملحق من الناحية الجغرافية والتاريخية في سوريا، وفي جانب آخر أن هدف الدولة إلغاء الحدود «المصطنعة» بتعبيرها، وتوحيد إرادة الأمة الإسلامية حول إحياء الخلافة، إلى اخر ما يمكن أن تحمله أدبيات «الإحياء الإسلامي المتطرّف» من عبارات وتوصيفات..

تمتلك «القوات» وهي تدافع عن موقفها الرافض للتسلّح، والمنتقد بعنف «للتيار العوني» حجة قوية، تنطلق من مقاربة صحيحة للواقع اللبناني المأزوم، بالإنشطار العامودي الذي يعصف بالعالم العربي – الإسلامي، فأيّ تسلّح لأية فئة، سيفاقم الإنقسام، ويُلغي إرادة الدولة الواحدة، في الدفاع عن المواطنين، ودفع الخطر «الداعشي»، وسواه من أخطار..

وتُراهن «القوات» على العلاقة النوعية، والوطنية مع المسلمين، وترى في تحوّلات ما حصل بعد العام 2005، علامة على صناعة وحدة وطنية، كفيلة بمواجهة المخاطر.. التي هدّدت وتهدّد لبنان منذ ذلك التاريخ..

ويسأل نائب قيادي في الهيئة التنفيذية «للقوات اللبنانية»: هل يُعقل أنه عندما تخلّت «القوات» عن السلاح، وسلّمته إلى الدولة اللبنانية، أن يأتي «التيار الوطني الحر، ويعمل على التسلّح، ونشر السلاح بين المسيحيين؟..

ويمضي هذا النائب متسائلاً، في معرض التأكيد: ماذا كان سيحصل لو لم تحصل هذه الوحدة بين المسلمين والمسيحيين، في سياق تحالف قوى 14 آذار؟ لا سيّما بين القوات وتيار المستقبل؟..

على أن الأكيد أن الإقتطاعات التي كوّنت سلطة «الدولة الإسلامية» المعروفة باسم «داعش» بدءاً من الموصل، وصولاً إلى الرقة، والصراع الدموي الخطير، الذي تخوضه ضد خصومها، وصولاً إلى معارك عرسال التي اندلعت في 2 آب الماضي، ومتواصلة إلى اليوم، رفعت من حجم المخاطر التي تتهدّد لبنان، لا سيّما في ضوء بيانات، تتوعّد وتهدّد، بعد احتجاز العسكريين وخطفهم أن إمارة قاطع القلمون، تستعد لهجوم على عرسال، وصولاً إلى بعلبك، لإعلان انضمام جزء من لبنان إلى «الدولة الإسلامية» التي بايعت الشيخ أبو بكر البغدادي.. إن الأكيد أن كل ذلك، بعث في نفوس اللبنانيين، والمسيحيين بشكل عام مخاوف جمّة من خطر داهم، شكّلت تجربة مسيحيّي سهل نينوى واليزيديين في جبال سنجار التجربة المرّة على صعيد تعامل «داعش» مع الأقليات الدينية غير الإسلامية..

في المعمعة هذه، وفيما العالم العربي والعالم كلّه يعيش حالة قلق من تنامي ظاهرة التطرُّف، والإرهاب الأعمى، ونزع الصفة الشرعية، الدينية، والإسلامية عنه، كان المشهد الداخلي، يتخذ أبعاداً تتعدّى الأطر المألوفة، مع خطوة حرق علم «داعش»، بما يتضمّن من شعار لا إله إلّا الله»، وإقدام وزير العدل أشرف ريفي على إحالة الموضوع إلى النيابة العامة، طالباً منها التحرّك، والإدعاء على الأشخاص، الذين أقدموا على حرق العلم، نظراً لخطورته على إثارة المشاعر المذهبية والطائفية، وتطوُّع أمين سرّ «تكتل الإصلاح والتغيير» النائب إبراهيم كنعان للدفاع عن الأشخاص المتهمين، المنتمين إلى التيار الوطني الحر أو مناصريه، وفقاً لما تقدَّم، وذلك في محلة الأشرفية..

وبصرف النظر عن المدى الذي يمكن أن تبلغه القضية في ضوء التجاذب الحادّ في ملف الرئاسة الأولى، والإقتناعات المشكلة حول ملابسات إبعاد ميشال عون عن الوصول إلى الرئاسة، التي تشكّل له مطمحاً منذ نهاية ثمانينات القرن الماضي، فإن مرحلة بالغة الصعوبة، تعصف بالبلاد، وتهدّد بشلّ السلطة الإجرائية، وتجعل من المعالجات مشلولة الإتجاه والإرادة والفعالية، وتهدّد بفراغ قاتل، إذا ما تأخّر الإتفاق على رئيس جديد للجمهورية، وتعطَّل التفاهم على التمديد للمجلس النيابي «الكريم» (إنتبه جيداً للصفة)..

من الأمن المضطرب، إلى الكهرباء «المعتمة» والمياه الشحيحة، والتي تهدّد «بحروب أهلية» في القرى والمدن، تبقى قضية إبعاد لبنان عن «الخطرالداعشي» المسألة الأهم.

على أن الأهم، هو هل هناك إمكانية لوحدة مشروع لبناني في مواجهة الخطر الداهم؟..

الجواب لا ينطوي على إيجابيات، لأن «الإضطراب الأمني» مؤسَّس على اضطراب سياسي، وتحارب بين مشاريع مطروحة للمنطقة، ضمن خطط دولية، مع عودة ملامح «الحرب الباردة» بين روسيا «النووية» (والتعبير لفلاديمير بوتين الرئيس الروسي) والأطلسي، ممثلاً بالولايات المتحدة وعلى رأسها باراك أوباما، الذي تحوّلت البزة التي كان يرتديها إلى حدث، وليس خطابه حول الأزمة الأوكرانية، وسط تحذير له على مواقع التواصل، من حاجته الملحّة للاستفاقة من «كارثة الأزياء»، والالتفات إلى كارثة «الخطر الداعشي»، الذي هدَّد الملك عبد الله بن عبد العزيز من أن خطره سيصل إلى الولايات المتحدة وأوروبا، إن لم يُسرع العالم للإتحاد بوجه «الإرهاب والتطرُّف».

المسألة، من هذه الزاوية، أبعد من قضية عرسال، والإشتباكات المتجددة أو المؤجَّلة، و«الممر الآمن» للمسلحين بين عرسال والقلمون والشمال اللبناني.. وبعدها يتعلق بمدى التباينات اللبنانية في النظرة إلى أسباب «تفجّر المشروع الداعشي»، وأهداف هذا التفجّر على الأرض اكتساحاً لمواقع الجيوش العربية، وضمّاً لأراضٍ متسعة، وذات ثروات هائلة لسلطة الدولة التي كلما أعلن العالم رفضه لها كلما زادت اتساعاً وبطشاًَ على الأرض..

تمكّنت الدولة، عبر ضغط معنوي، وحزم سياسي، وإعادة التأكيد على خطر يمسّ النازحين إذا ما تعرّضت حياة الجنود والشرطيين اللبنانيين المخطوفين للخطر، من تحرير بضعة عناصر من الشرطة، على أن يلامس الاجتماع الأمني – الوزاري في السراي الكبير المشكلة بأبعادها كافة. وعلى كيفية المعالجة ونجاعتها تتقرّر مستقبل المواجهة مع داعش وحماية لبنان، بعيداً عن النيابة العامة ومحامي الدفاع والتسلّح المذهبي؟!