هل من رابط او صلة بين ان يخلي الثوار المقاتلون في حمص القديمة المدينة الاربعاء الماضي في 7 أيار الجاري بموجب اتفاق مع النظام السوري باشراف الامم المتحدة واعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاربعاء نفسه سحب قواته البالغ عددها 40 الف جندي من الحدود الاوكرانية تزامنا مع دعوته الانفصاليين الموالين لموسكو في اوكرانيا الى تأجيل الاستفتاء على الانفصال قبل موعده المقرر بعد غد الاحد استباقا للانتخابات الاوكرانية في 25 ايار بنية تعطيلها، ام ان احد هذين التطورين تم على نار التطور الآخر؟
فالموقف الروسي المستجد من اوكرانيا والمتساهل او المتراجع الى حد ما، بدا مستغربا بالنسبة الى رئيس يرفع التحدي في وجه اميركا والدول الاوروبية فيضم القرم ويعتد باعادة الهيبة الى بلاده على الصعيد الدولي متصديا لأحادية السيطرة الاميركية في العالم، فيما يظهر هذا التساهل انه يتراجع امام مجموعة عقوبات اميركية واوروبية طاولت شخصيات قريبة منه وشركات على نحو أربك الاقتصاد الروسي على رغم انه يجب الاقرار بان الاتصالات لم تنقطع بين روسيا والاوروبيين وثمة مساع جدية لحل الازمة الاوكرانية ومنع انزلاقها الى حرب اهلية. يضاف الى ذلك ان روسيا اعقبت هذه المواقف، وعلى رغم كل التشكيك والتصعيد العلني من جانب الاوروبيين، بالاعلان ان بوتين سيحضر الاحتفال في ذكرى انزال الحلفاء في الحرب العالمية الثانية في فرنسا في 6 حزيران المقبل، مما عدّ بالنسبة الى مراقبين ديبلوماسيين بداية الطريق الى تراجع في مستوى التوتر ورغبة في اعادة التطبيع بينه وبين الدول الغربية والولايات المتحدة وتخفيض مستوى الخلاف على الوضع في اوكرانيا.
اذا كان الامر مجرد مصادفة فانه قد يكون مصادفة غريبة نظرا الى ارتباط الوضعين في سوريا كما في اوكرانيا بصراع نفوذ دولي اساسي اصحابه من الاطراف نفسها. وهذا لا يتعلق بنظرية المؤامرة التي يعتقد بوجودها بقوة قادة رأي في منطقة الشرق الاوسط متى حصل تفاهم دولي كانت بلدانهم ضحاياه او غير مشاركة فيه او جاء على حساب هذه الدول، لكنه قد يكون من الصعب بالنسبة الى المراقبين الديبلوماسيين عدم الربط بين تلازم توقيت التطورين او الحدثين السوري والاوكراني وتجاهل تزامنهما الذي، وفقا لهؤلاء، يحض على وجوب البحث ومحاولة معرفة بين جملة احتمالات من بينها اذا كانت ثمة مقايضة قد حصلت بالتوقيت نفسه بين الوضعين المتأزمين في سوريا واوكرانيا في ضوء تطورات الموقف الروسي. وتاليا هل ان هناك تفاهما ما بالحد الادنى بين اميركا وروسيا ام انها مجرد خطوات تم تبادلها ولا تترجم اتفاقات متكاملة، تماما كما حصل بالنسبة الى الاتفاق على نزع السلاح الكيميائي السوري الذي صيغ في ظروف معروفة للجميع لكن في ظل انسداد افق التسوية السورية وعدم امكان ترجمة بيان جنيف 1 حول الحكومة الانتقالية بحيث لم يؤد الاتفاق على الكيميائي السوري الى اتفاق اميركي روسي لحل الازمة. الامر الذي يعني تاليا وجوب البحث اذا كان منح الاسد الذي يدعمه بوتين ويستعد لانتخابات رئاسية من المفترض ان تجدد له ولاية اخرى، اعادة السيطرة على حمص بعد ثلاث سنوات من الحصار والتجويع والقتل من دون القدرة على انهائها عسكريا على رغم كل المساعدات العسكرية والمادية التي تلقاها، في مقابل تخفيف بوتين الضغط على حكومة كييف من دون اتضاح اذا كان ثمة بنود يلتزمها فعلا الرئيس الروسي بحيث يسمح باجراء الانتخابات في اوكرانيا في 25 ايار الجاري من دون تعطيلها او محاولة تفجيرها من الداخل عبر استفتاءات الموالين لروسيا من اجل الانفصال عن كييف وما شابه. الامر الذي طرح تساؤلات حول ترجمة ذلك في اتاحة اجراء الانتخابات الاوكرانية على انها مقايضة مقنعة لاتاحة اجراء الانتخابات السورية التي تقول روسيا انها ستشارك في مراقبتها (!) ما يعني ان روسيا تتحضر لتأمين غطاء شرعي لهذه الانتخابات على رغم اقرارها سابقا بالتشكيك ضمنا فيها ما دامت تجرى في مناطق سيطرة النظام وفي ظل اعتراض المعارضة ووجود اعداد كبيرة من اللاجئين السوريين في بلادهم وخارجها.
وفي غياب اي معلومات او معطيات مؤكدة، تجدر الاشارة الى ان ما لفت المراقبين في التطور السوري هو التركيز على المشاركة الديبلوماسية الايرانية فيه، والتي للمناسبة لم تحظ باي تعليق من اي نوع سلبيا كان ام ايجابيا ومن اي كان ايضا اقليميا او دوليا، بما لا يعزل ما حصل عن اعطاء الانطباع بان ما حصل ربما كان تفاهما متعدد الطرف والاتجاه حتى لو كان الامر مرتبطا بوجود اسرى او قتلى ايرانيين لدى الثوار في حمص. ذلك علما ان واشنطن اعطت مؤشرات، تزامنا مع هذا التطور، مناقضة نسبيا لاي استعداد لها للتسليم الواقعي باعادة تأمين بشار الاسد استمراريته في السلطة من خلال استقبالها رئيس الائتلاف السوري المعارض احمد الجربا يوم الاربعاء ايضا والذي عطفته على الاعتراف للمعارضة في واشنطن بأنها بعثة خارجية على نحو متعدد الهدف كون الجربا في واشنطن اخذ الضوء نوعا ما من امام خروج الثوار من حمص القديمة، فضلا عن ان هذا الاستقبال قد يدحض تسليم واشنطن بالامر الواقع الذي تستدرجه اعادة اعطاء حمص للنظام من جهة والذي تقول مصادر ان الوضع المأسوي للمدينة هو الذي فرضه.