التحضير للانتخابات وكأنها حاصلة يقلق نواباً
بعد تعيين الحكومة هيئة الاشراف على الانتخابات النيابية، علق احد النواب، من كتلة نيابية وازنة، متسائلا بدهشة: «معقول يعملوها؟».
تنطوي دهشة النائب، التي تخفي تخوفا مضمرا من اجراء الانتخابات، على مجموعة «صدمات» وتساؤلات، سبقه اليها المواطنون العاديون. في البديهيات، كيف يجوز لمجلس نيابي في دولة ديموقراطية، ولو شكلا، ان يمدد لنفسه مرة تلو اخرى؟ وكيف يبدي نواب دهشتهم، كي لا نقول استغرابهم، من امكانية اجراء الانتخابات؟ وكيف يضع آخرون ايديهم في مياه باردة مطمئنين الى ان «كل ما يجري من عدة الشغل. فلا انتخابات ولا من ينتخبون»؟ ولماذا يتصرف نواب وعلى رأسهم رئيس المجلس النيابي، وكأنهم في سويسرا، يتحضرون للانتخابات ويقدمون ترشيحاتهم، والبلد يلهج بالكلام عن التمديد وتُقدم المناظرات في الدفاع عنه؟
ومع ذلك هنالك نواب يتخوفون من امكانية «وجود صفقة لاجراء الانتخابات النيابية»! يقول احدهم، وهو المنتمي الى كتلة نيابية كبيرة، ان «البلد لا يحتمل فعلا امكانية اجراء انتخابات نيابية. فضربة كف واحدة قادرة على تفلت الامور وإخراجها عن السيطرة. ومع ذلك، فان ما يحصل يدعو الى الريبة!.. فالامور تسير وكأن المعنيين الكبار يتحضرون للتسلل الى الانتخابات وجعلها امرا واقعا. فلا يتغير شيء، الا ربما اسم من هنا وآخر من هناك على لوائح المرشحين.. والا فما معنى كل الاشارات والسلوك الذي يُعتمد وكأن الانتخابات حاصلة في موعدها وتوقيتها؟». وتذهب الريبة والشكوك لدى النائب الى حد الحديث عن «توافق ضمني ممكن بين المسؤولين على اتمام الانتخابات كمقدمة لتسويات على مستويات مختلفة».
تخوف النائب وتحليله للمعطيات بنظر زميل له في كتلة اخرى «غير مستندين الى واقع الامور. ففي المرة الاولى التي جرى التمديد فيها للمجلس النيابي، كانت امكانية اجراء الانتخابات واردة وقابلة للتطبيق. فالاوضاع الامنية لم تكن على ما هي عليه اليوم، والقوى الامنية لم تكن على هذا القدر من التوزع والتشتت والحضور الاضطراري المكثف على مساحة كل الوطن. كما ان الاحتقان المذهبي والطائفي، الحاضر دوما مع الاسف، لم يكن قريبا من الانفجار مثلما هو اليوم. ومع ذلك، توافق الجميع، بغض النظر عن مواقفهم المعلنة، على تأجيل الانتخابات». يضيف: «البلد اليوم على كف عفريت. لا نعرف من اين نتلقى الصدمات ولا كيف نواجهها. فهل يحتمل تجاذبات او شحنا اضافيا؟». يصف النائب ما تقوم به الحكومة من اجراءات تحضيرية ادارية ولوجستية بأنه «من واجباتها»، قبل ان يضيف ان «من واجبها ايضا حماية الاستقرار في البلد، حتى لو اضطرت الى اتخاذ اجراءات غير شعبية ولا تنسجم مع الديموقراطية التي نطمح اليها للبلد. فحين يكون الخيار بين تمديد للمجلس النيابي او انفجار امني، تضيق الامكانيات».
تتشارك الكتل ضمنا في موقفها من الانتخابات وحراجة توقيتها، وان كانت في العلن تبدي ترفعا عن تبني التمديد. وتبدو كتلتا «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» اكثر الكتل استعدادا للذهاب حتى النهاية في موضوع اجراء الانتخابات. وهو ما قد يسبب إحراجا لحليفيهما «حزب الله» و«تيار المستقبل» ، وفق ما يؤكد سياسي مسيحي مستقل. برأيه ان «الحليفين المسلمين لا يحبذان اليوم اجراء الانتخابات النيابية، لا خوفا على موقعيهما داخل طائفتيهما، انما لانشغالهما بقضايا اكثر تعقيدا وملفات حارقة، قد لا تبدأ من لبنان، لكن الاكيد انها تنتهي فيه». ويعتبر ان «التمديد للمجلس النيابي شبه محسوم وفق معطيات الظروف الراهنة. لكن الحكومة ووزارة الداخلية تقومان بما تمليه عليهما القوانين. وسيجدون دائما نقولا فتوش ما، يترجم في العلن ما يتداولونه، وحتى يعملون من اجله، في الخفاء». يضيف: «يريد الجميع ان يلعبوا دور زوجة القيصر في الموضوع الانتخابي النيابي. لكن البلد صغير والالعاب مكشوفة وعشرات راسبوتين يصولون ويجولون في حياتنا السياسية».