الثالثة ثابتة في الطريق الى الفراغ الرئاسي والعشب البري سينبت في بعبدا على ما حصل في نهاية عهد اميل لحود . وهكذا حضر امس الى مجلس النواب 76 نائباً، وقفوا على حافة النصاب، الذي كان يحتاج الى عشرة آخرين منهم، ومع ذلك لم يدخل الى قاعة الاحساس بالمسؤولية إلا 67 نائباً، بما يعني ان مسلسل الجلسات غير المكتملة النصاب سيطول كثيراً !
ما يجري في مجلس النواب مجرد عراضات بلا معنى، فالشغل وعدة الشغل في مكانين آخرين، اولاً في الكواليس الاسترآسية المحلية التي لن تقدم او تؤخر، وثانياً في الكواليس الترئيسية الاقليمية والدولية التي لم تتحرك بعد، تاركة النواب اللبنانيين يحاولون قلع شوكهم الرئاسي بأيديهم، اذا ألهمتهم السماء نعمة العقل، قبل ان تهبط عليهم رغبة “الروح القدس” الذي كان سورياً كما كان يقول الياس الهراوي، وبات الآن في غياهب التقاطعات الاقليمية والدولية .
ما يجري في الكواليس المحلية محزن لجهة المعادلة المعيبة، اي ان النصاب سيبقى مستحيلاً في ظل الانقسام العميق، الذي لن يتغيّر ما لم يقدم أحد الفريقين في 8 او 14 اذار على الانتحار، عبر تقديم وصلة من “الستريبتيز السياسي” أي ان يخلع مواقفه امام جمهوره المهتاج وهذا لن يحصل، أو ان يقرر النائب وليد جنبلاط تجيير، او بالأحرى، توظيف ترشيح هنري حلو في الردهة الرئاسية التي لم تقرع اجراسها بعد !
وهكذا يقفل “حزب الله” وحلفاؤه الابواب في وجه الدكتور سمير جعجع وكل مرشح من 14 آذار او يتبنى برنامجها المطابق لبرنامج جعجع، كما يغلق “تيار المستقبل” وحلفاؤه الابواب في وجه اي مرشح يقبل شرط “حزب الله” المعلن اي ان على الرئيس العتيد ان يتبنى مشروع المقاومة، الى أن تحين الساعة اي ساعة المرشح التوافقي او الوفاقي ولست ادري من أي سماء يمكن ان تهبط نعمة التوافق !
وهكذا يخرج الجنرال ميشال عون من بيت الرئيس سعد الحريري، الذي سبق ان قطع له [ون واي تيكت]، ساعياً وراء مهمة مستحيلة، بعدما قيل له اذا امّنت تأييد المسيحيين فـ”كتلة المستقبل” لن تتخلف عن تأييدك، ولكن كيف له ان يؤمّن تأييدهم اذا كان يرفض تقديم برنامج واضح، ويعتبر ان محتوى البرنامج هو في شخصيته وتاريخه، في حين يرى اهل 14 آذار انه ينام في احضان “حزب الله” الذي يكرر يومياً ان الرئيس المقبول يجب ان يتبنى المقاومة ويبصم على انخراطها في القتال دعماً للنظام السوري، وايضاً في السياق المتصل بمقولة ايران ان حدودها الغربية باتت في جنوب لبنان؟
مسلسل الجلسات سيطول، “الستريبتيز السياسي” صعب والفراغ يقرع ابواب بعبدا !