IMLebanon

من يحمي المسيحيين في لبنان: هل التسلّح وارد لمواجهة المتطرّفين؟!

ارخى تقدم «داعش» في العراق وتهجير المسيحيين وقتلهم واغتصاب نسائهم الكثير من علامات القلق الجدي على الشارع المسيحي الذي رأى بأم العين وعلى شاشات التلفزة كيف رحل المسيحيون عن بلاهم الاصلية تاركين حضارتهم القديمة منذ آلاف السنين بالاضافة الى كنائسهم وأديرتهم وصولا الى لقمة العيش والثياب التي سرقها منهم مسلحو «داعش».

وما زاد من نقمة الشارع اللبناني المسيحي تقول اوساط مسيحية ان ايا من الدول الكبرى الغربية او العربية وحتى المراجع المسيحية في الفاتيكان لم تعط الاهتمام الكافي لهذه المجزرة التاريخية والتي تحدث لاول مرة في التاريخ وما زاد الطين بلة هو دعوة فرنسا لمسيحيي العراق الى التوجه نحوها بديلا عن معالجة المشكلة الاساس وهي محاولة هذه الدولة بالذات باستعمال نفوذها لعودتهم الى مدنهم وقراهم، وفي هذه الدعوة الفرنسية والتي رد عليها البطريرك غريغويوس الثالث لحام بانها ستشكل الجزء الثاني من مؤامرة ترحيل المسيحيين من ارضهم الاصلية وزجهم في مجتمعات غريبة عن تقاليدهم وعاداتهم ورميهم في وظائف توضيب زبالة باريس وغيرها.

وتقول الاوساط المسيحية ان ما حدث في العراق وسوريا ليس مستبعدا ان يحصل في لبنان وان من يسكت كالشيطان الاخرس عن هكذا كارثة تاريخية لا يمكنه ان يتكلم او يبادر اذا ما حصل للمسيحيين في لبنان كارثة مشابهة متسائلة: ما هي الموانع التي تعيق تهجير المسيحيين من لبنان؟ خصوصا ان الخرائط الجديدة للشرق الاوسط جاهزة على خلفية تقاسم النفوذ بين الشيعة والسنة دون ذكر للنسيج المسيحي وأين هي حدود بلاده وفي اي كيان سوف تستمر صلواته وبقاء اديرته وبطريركياته وأعين الغرب لا ترف على من يتقدمون نحو الذبح الواحد تلو الاخر مما يوحي بوجود تواطؤ معروف الاهداف والمصالح.

وتعتبر هذه الاوساط ان ما يتم تداوله في شوارع الكورة والبترون وجبيل وجونيه وحتى داخل الرهبانيات ينم عن خوف مستحكم لدى هذه الجماعات من وصول الموسى نحو رقابهم، ولا يتردد من يلتقي في بعض المنتديات المسيحية في اشهار خوفه ورعبه مما تخفيه الايام المقبلة وصولا الى السؤال الاهم: من سيحمي المناطق المسيحية من التكفيريين، وهل حزب الله قادر على هذا العمل او لديه النية بوقف تقدم هؤلاء نحو القرى والبلدات المسيحية ابتداء من رأس بعلبك والاقضية المسيحية في البقاع، ويدور النقاش فينقسم المسيحيون بين من يرى ان الخطر غير داهم وان المسيحيين في لبنان وطريقة عيشهم وتجاربهم السابقة تجعل من الصعوبة تحقيق تقدم «داعش» بهذه السهولة على فرضية البعد الجغرافي، الا ان المتحدث الآخر يرى ويؤكد ويسأل: من يضمن ان «داعش» غير موجود في البلدات المسيحية في شكل خلايا نائمة، ومن باستطاعته التأكد ان الخطر من اللاجئين السوريين في الداخل اللبناني غير موجود وخصوصا في المدن والقرى المسيحية والتي اجرت بعض البلديات في الساحل في جبيل وكسروان احصاء دقيقاً ليتبين ان في مدينة جبيل وصولا الى حدود بلدة حبوب هناك اكثر من خمسة الاف سوري، وفي بلدة حالات 2431 مسجلاً لدى البلدية وهم في ازدياد مستمر، اما في نهر ابراهيم فان عدد السوريين فاق عدد اهالي البلدة يسكنون في المباني والمحلات وسوق الخضار، وفي العقيبة في كسروان لم تستطع البلدية تعداد السوريين نظرا إلى تزايدهم بشكل تصاعدي ويومي، وصولا الى القليعات وريفون وجعيتا في كسروان، وقرطبا والمغيري وجاج في جبيل، وتقول هذه الاوساط ان الاعداد الحقيقية للسوريين في لبنان تجهلها دوائر الدولة الرسمية والعدد الذي قدمته الامم المتحدة يشمل فقط المسجلين لديها فيما واقع حال المشاهدة يعطي صورة واضحة: انهم يفوقون تعداد السكان اللبنانيين.

وتؤكد الاوساط المسيحية ان هذه الصورة مأخوذة من انموذج رؤية يومي عطلة عيد الفطر بحيث امتلأت شوارع المدن والبلدات والقرى بآلاف السوريين مع اولادهم وما مشهد وجودهم على شاطئ البحر في اليوم الثاني من الفطر سوى تعبير جدي عن ارقام السوريين في المناطق المسيحية، ولكن تشير هذه الاوساط الى ان النيات لدى المسيحيين انهم جميعا مسالمون ومدنيون وعمال ولكن اذا تم التحقق من الامر لا احد يعرف كم من «داعشي» موجود بينهم او من «جبهة النصرة» حتى ولو كانوا يشكلون واحداً بالمائة من المتواجدين فان الخطر موجود بنسبة كبيرة من ان يحمل هؤلاء السلاح في لحظة ما في وجه من أسكنهم وعمل على تشغيلهم.

اذن الخطر موجود تقول هذه الاوساط المسيحية ولكن هل للمسيحيين قوة دفاعية تردع تمددهم او تمهيد الارض لاخرين؟ وما هي الخيارات المتاحة امام مسيحيي لبنان للبقاء في هذه الارض؟

تجيب الاوساط المسيحية على النحو الآتي:

1- ان التشرذم المسيحي لا بد من ان يدخل من شقوقه هذا الضعف المتنامي في البنية البشرية وتعداد الشباب المقاتل الذي اصبح موضع شك في تجميعه كقوة حامية للمناطق خصوصا ان السلاح غير متواجد.

2- يعتمد المسيحيون دون ادنى شك على المؤسسة العسكرية في حمايتهم وهم يدعمون الجيش اللبناني كقوة امنية جامعة في الحفاظ على المسيحيين والمسلمين على حد سواء.

3- هل الدعوات التي يطلقها من حين الى آخر بعض الساسة بضرورة تسليح الشباب للدفاع عن قراهم واهلهم امر ملح وله من النتيجة ما يضمن سلامتهم؟ ولكن ما حصل من شهادات العراقيين المسيحيين ان الدولة سلمتهم رشاشات كلاشينكوف للدفاع عن انفسهم ولكنها لم تكن نافعة امام هجوم داعش فهربوا تاركين الاسلحة وكل شيء ورحلوا بثيابهم فقط.

4- التيار الوطني الحر وعلى لسان بعض نوابه رفض مقولة التسلح لمناصريه لمواجهة الهجمة التكفيرية وهذه الفكرة في مطلق الاحوال يلزمها الوقت والمال والسلاح والظروف وان الجيش اللبناني هو المخول حمايتهم.

5- القوات اللبنانية التي كانت ميليشيا منظمة منذ عشرات السنين ليست في صدد الدعوة الى حمل السلاح وان التواجد المسيحي في لبنان له خصوصية معينة ولكن اذا لزم الامر فان كل مسيحي مضطر للدفاع عن ارضه وعرضه.

6- القيادات المسيحية ليست في صدد التعاون مع »الشيطان» للخلاص او عدم الرحيل كما حصل سابقا بفعل الظروف المغايرة والتي لا تتيح لهذا »الشيطان» مساعدتهم على خلفية دعمه للكيانات المذهبية ولا تستبعد هذه الاوساط ان يكون «لشيطنة اسرائيل» اصبع في تحركات هذه الاصوليات والتكفير.

وتستطرد هذه الاوساط في حديثها عن خطر «داعش» على المسيحيين بتأكيدها على ضرورة اخذ الحيطة مما تحيكه المخابرات الغربية وسياسات المصالح دون التطلع نحو الاقليات المسيحية حتى ولو تم تهجيرها بالكامل نحو الغرب، وتتساءل: من الذي هجّر المسيحيين من الجبل واقليم الخروب وشرق صيدا؟ أليس الجيش الاسرائيلي الذي كان يطلق قذيفة على هذا الفريق وعلى الجانب الآخر، وان اسرائيل لو ارادت بقاء المسيحيين في هذه المناطق الشاسعة لوضعت دبابة واحدة امام مفترق البلدات والقرى ولكنها فعلت العكس واقفلت بوابة ما كان يسمى الشريط الحدودي على جماعة «جيش لحد» وتركتهم لمصيرهم ولكن وعي حزب الله، كان كفيلا في تجنب الفتنة.

اذن من سيؤازر المسيحيين ويدعمهم؟

هذه الاوساط لا ترى في الافق اي دولة او جهة يمكن ان تمد يد العون لهم والحل المؤقت في هذه الظروف المصيرية وريثما يتضح المشهد الكياني في المنطقة ان يعمد المسيحيون الى توثيق وتوطيد الوحدة فيما بينهم ولن يقلع شوكهم سوى ايديهم والخيارات المتاحة هي بين البحر…. وداعش.