ليس بجديد استهداف تيار المستقبل، أو الاستهداف الذي يتعرّض له الرئيس سعد الحريري، ولا الاستهداف الذي يتعرّض له الرئيس فؤاد السنيورة، ولا دق أسافين نعرفها منذ العام 2006 والتي حاولت أن تزرع في العقول أنّ في تيار المستقبل جناحيْن أو تيارين واحداً يمثله الرئيس فؤاد السنيورة وآخر يمثّله الرئيس سعد الحريري، ومنذ وقوف الرئيس سعد الحريري ومن على باب المحكمة الدولية في لاهاي وإعلانه عن استعداده للمشاركة في حكومة «ربط النزاع» مع حزب الله لمصلحة لبنان واللبنانيين، في لحظة كان فيها البلد على حافّة الانفجار، وكان «ربط النزاع» الحلّ الوحيد المتاح في ظلّ واقعٍ إقليمي شديد التعقيد والخطورة.
وهذه الحروب ليست بجديدة في استهداف تيار المستقبل ورجالاته وحلفاءه أيضاً، وبداية نذكّر بأنّ حروباً خيضت في وجه الجنرال أشرف ريفي يوم كان على رأس المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، وفي وجه الراحل الشهيد اللواء وسام الحسن والتي بلغت حدّ الإيحاء بتورطه في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهذا العرض المختصر ضروري كمقدّمة لأن ذاكرة البشر عموماً، واللبنانيين خصوصاً قصيرة، وفي هذه كلّها لطالما كان الفاعل معروفاً واضحاً وضوح الشمس، ومع هذا فاللبنانيون ذاكرتهم قصيرة جداً!!
هذه المرّة؛ وبعد الحروب الشعواء السابقة، انفجرت منذ أسابيع حربٌ عنيفة في طرابلس ضدّ وزير العدل الجنرال أشرف ريفي تحت عنوان «الموقوفون الإسلاميون»، وهذه الحملة معروف من يُديرها ويُسعّر نيرانها، والمتورطون فيها كثر بحسن أو سوء نيّة، إلا أن محرّك الدّمى في طرابلس، هو نفسه من سارع إلى إطلاق متهمين بالإرهاب وتولت سيارته الحكومية الرسمية نقلهم من سجن رومية إلى طرابلس، وهو لا يستحقّ حتى ذكر اسمه في هذا السياق، وللأسف تأخّر كثيراً تيّار المستقبل في إصدار بيان للردّ على الهجمة التي يتعرّض لها الجنرال!!
وفي بيروت انفجرت ضدّ وزير الداخليّة نهاد المشنوق، وحتى قبل دخوله إلى مكتبه حرب مشهد الوقوف في موقع التفجيريْن الإرهابيين اللذين طالا السفارة الإيرانية في بئر حسن، وكان إلى جانبه مساعد رئيس مجلس النواب الوزير علي حسن خليل، ومساعد أمين عام حزب الله الحاج وفيق صفا، ولا نعرف ما إذا كان البعض يرغب في ذهاب الوزير نهاد المشنوق منفرداً ليتعرّض لإساءات في لحظات خطيرة يكون فيها الغضب وعدم الوعي سيّد اللحظة؟!
والمفاجأة هذه المرّة كانت في أن تأتي الإساءة للوزير المشنوق ولأغراض شخصيّة وتافهة، وعلى لسان عضو مكتب سياسي في تيار المستقبل، وفي لحظة «عاطلة» من زمنٍ مواتٍ لانتهازيين يسيئون لتيار المستقبل قبل أن يسيئوا للوزير المشنوق رفيق الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومستشاره والذي لا يحتاج إلى شهادات في الوطنيّة من صغار النفوس الذين يريدون تسخير الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل والتشهير بصيغة «ربط النزاع» التي اختارها سعد الحريري لا نهاد المشنوق كسياسة للتيار وأن يؤجّج الصراع المذهبي في لحظة لبنانيّة شديدة الخطورة من أجل «وصلة» طريق فرعي لا تتعدّى رصيف 5 مبانٍ لأنّ «عظمته» يسكن في هذا الشارع!!
والأسوأ أن يحدث هذا ومن دون رقيب ولا حسيب، ولا اعتذار يليق بتاريخ الوزير الذي يمثّل تيّار المستقبل في «حكومة ربط النزاع»، ربّما لأن بعض أصوات النشاز لا تعيش إلا على الشحن وبخّ سموم المذهبيّة، والأسوأ أن يأتي نفي تيّار المستقبل هزيلاً ركيكاً وصادراً عن «منسقية الإعلام» في «تيار المستقبل»، والأسوأ أن يَرِدْ فيه أنّ المقال «يعبر عن «وجهة نظر صاحبه»، وتالياً لا علاقة لتيار المستقبل به» فقط لا غير، يا سلام!!!
ببساطة، وبوضوح، وبصدق شديد، نقول لرئيس تيار المستقبل، ولرئيس كتلة تيار المستقبل، ولمؤسس تيار المستقبل كتيار سياسي، ما هكذا تُـمحى الإساءات، فما صدر ضلّل اللبنانيين وأهل بيروت تحديداً، خصوصاً وأن الكلام حمل استهتاراً بالرؤوس الكبيرة في تيار المستقبل لا بنهاد المشنوق فحسب، ونريد أن نتساءل ببساطة: «لو صدر عن عضو المكتب السياسي في حركة أمل أو حزب الله، كلام يطال أحد وزرائهم في الحكومة، فأي إجراء تأديبي كان سيتّخذ بحقّه؟ الإقالة من عضويّة المكتب السياسي «أقل واجب» بعد ما كتب وقال وهدّد وتوعد وحرّض، ببساطة لا يحقّ لعضو «مكتب سياسي» في أي حزب أن يفتح «دكّاناً على حسابه» ولمصالحه الشخصيّة أن يتصرّف ويكتب ويشحن ويوقد نيران المذهبيّة، ضارباً عرض الحائط بتيار المستقبل ورئيس كتلة نواب المستقبل وبسياسة الرئيس سعد الحريري، في وقت يعلم الجميع فيه أن الوزيرين نهاد المشنوق وأشرف ريفي، مستهدفان واسميهما موضوعان على لائحة اغتيال تستهدف قيادات أخرى في هذه اللحظة الخطيرة من المشهدين اللبناني والإقليمي!!