IMLebanon

مواجهة احتجاز العسكريين بالالتفاف حول الحكومة والجيش

 

فيما تتوسع هيمنة التنظيمات الارهابية من مثل «داعش» وأخواته في العراق وسوريا، يقف لبنان على شفير هاوية قد تبتلع استقراره الهش اذا لم تعٍ قواه السياسية، على اختلاف توجهاتها، خطورة المرحلة. انها المرحلة التي تتميز بشغور رئاسي متمادٍ يفاقم من هشاشة احزمة أمان شكلية متمثلة إما بحكومة يقع على كاهلها حل معضلة احتجاز تنظيمات ارهابية لعسكريين، وإما بمجلس نيابي عاجز عن تلبيه أولى مهامه الحالية وهي انتخاب رئيس للبلاد، بسبب تعنت «حزب الله» وتلطيه وراء رغبة النائب ميشال عون الجامحة بالوصول الى كرسي الرئاسة.

وأتت هجمة الارهابيين على عرسال مطلع الشهر الماضي، ثم انسحابهم ومعهم أسرى من القوى العسكرية، لتزيد من حدة الانقسام العمودي بين 14 و 8 آذار، بما يضع الحكومة في شبه حالة شلل لمواجهة حل لا سبيل له الا بخيار من اثنين: استخدام القوة العسكرية لتحرير المحتجزين او مفاوضة الخاطفين لتلبية ما يمكن من مطالبهم بما لا يمس فعليا بهيبة الدولة وسيادتها.

ولم تتورع بعض اطراف «قوى 8 آذار» عن تحميل «تيار المستقبل» مباشرة مسؤولية انسحاب المسلحين من عرسال مع «رهائنهم» لان الحكومة لم توفر للجيش الغطاء السياسي الضروري للحؤول، بالقوة العسكرية، دون انسحاب المسلحين. مع العلم ان ذلك كان سيؤدي حكما الى تدمير عرسال والى مجزرة بحق اهلها وبحق المدنيين السوريين اللاجئين اليها خصوصا اذا تذكرنا تكلفة الخسائر العسكرية والمدنية في حرب مخيم نهر البارد عام 2007 والذي لا تقارن مساحته المحصورة بمساحة عرسال وموقعها الجغرافي الحدودي المحاط بجبال شاهقة.

هذا وان لم يتبنّ «حزب الله» مباشرة هذا المطلب، الذي يخلصه، لو تمّ، من «بؤرة ضرورية« للمقاتلين ضد النظام السوري خصوصا مع اقتراب الشتاء، بما يساعده في المعارك التي يخوضها معهم في جبال القلمون المتصلة بجرود عرسال. لكن مجمل تعليقات وتحليلات وسائل الاعلام المقربة من «حزب الله« وانتقادها «التسوية المذلة» تفصح عن رغباتها.

وبصراحة تعلن هذه الوسائل بل وشخصيات مقربة من الحزب رفضها للتفاوض مع «الارهابيين» الذي قامت به اولا «هيئة علماء المسلمين« وادى الى الافراج عن عشرة عناصر. كذلك ثمة معلومات عن الاستعانة بقنوات تركية وقطرية. ويتناسى هؤلاء ان دولا غربية عدة سبق لها ان فاوضت لدى اختطاف مواطنيها في ثمانينات القرن الماضي كما سبق لـ«حزب الله« نفسه، وان عبر وساطة المانية، ان فاوض اسرائيل لتحرير سجنائه. ومؤخرا فاوض لبنان الارهابيين لتحرير مخطوفي اعزاز من المذهب الشيعي وراهبات معلولا.

والتفاوض بات ملحا خصوصا بعد تنفيذ الارهابيين تهديدهم بالذبح. فقد ذبحوا اولا عسكريا من مذهبهم وادى ذلك الى موجة سخط عارمة على تلكؤ الدولة في حل القضية. فكيف الحال اذا نفذ هؤلاء تهديدهم بذبح آخر سواء كان شيعيا او مسيحيا. ويرى سياسي لبناني متابع للتطورات ان استكمال التفاوض رسميا يتطلب توافقا وطنيا حتى لا يستخدمه لاحقا فريق لتخوين آخر.

وتبرز من مطالب الخاطفين قضية الافراج عن «الموقوفين الاسلاميين» في سجن رومية. وهذه قضية يمكن للحكومة التصدي لها بعد ان طالها التلكؤ والاهمال سنوات، رغم المطالبة الحثيثة بحل لموقوفين مضى على سجنهم اكثر من سبع سنوات من دون ان تبدأ محاكمتهم او حتى يتم الادعاء عليهم. ويلفت المصدر الى ان الحل الوحيد هو حاليا بتسريع المحاكمات او بالافراج بكفالة. فالعفو لا يطال الا من صدرت بحقهم احكام، والعفو يكون اما عفوا عاما يصدره مجلس نواب لا يلتئم او عفوا خاصا يصدر عن رئيس جمهورية كرسيه ما تزال فارغة منذ اكثر من مئة يوم.