IMLebanon

مواقف كيريبين التطمين والتخويف؟!

بين الكلام الديبلوماسي الكلاسيكي، الذي تتضمنه تصريحات وزير خارجية الولايات المتحدة في اثناء زيارته القصيرة للبنان، مثل اعلان التزام بلاده بامن لبنان واستقراره وسيادته، وبدعم الشعب اللبناني في هذه المرحلة الصعبة

من تاريخ المنطقة، رصد المراقبون ثلاثة مواقف بالغة الاهمية والخطورة في آن، بين سطور الوزير جون كيري، تكشف ربما الموقف الحقيقي للادارة الاميركية حيال الاحداث الدامية في سوريا، والمفاوضات الجارية بين واشنطن وايران حول ملفها النووي، ودورها الاقليمي.

الموقف الاول عبر عنه كيري بالقول انه «يجب حل مشاكل العالم والمنطقة

كي نستمتع لاحقا في بيروت ولبنان» وتحليل هذا القول يقودنا الى التأكيد أن لبنان لن يرتاح قبل حل مشاكل المنطقة في سوريا، وايران والخليج العربي والعراق وايضا في العالم، وتحديدا في اوكرانيا وشرق اوروبا.

الموقف الثاني اكد فيه كيري ان الحل السياسي هو الحل الوحيد الذي تتبناه بلاده للأزمة في سوريا، ودعا ايران وحزب الله الى المساعدة في هذا الامر، مستبعدا بهذا الموقف اي مساعدة عسكرية لمعارضي النظام في سوريا، او اي تدخل عسكري اميركي في الحرب الدائرة.

الموقف الثالث، جاء لبنانيا، بامتياز ويتعلق تحديدا بالمؤسسة العسكرية اللبنانية حيث قال ان لبنان يجب ان يبقى بمنأى عن تداعيات ما يحصل في سوريا والمنطقة، ويجب الا يحصل اي تدخل في لبنان، ولكن بلاده تراقب عن كثب «رد الجيش اللبناني على اي تدخل يحصل» وكأن هذا الموقف رسالة الى الدولة اللبنانية. بأن اي مساعدة عسكرية الى لبنان ستكون مرتبطة بشكل رد الجيش اللبناني على اي تدخل خارجي او داخلي ونوعه وحجمه، اما بقية المواقف التي رافقت زيارة كيري القصيرة، فكانت في مجملها، تحمل نوعا من التطمينات للبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا، بأن واشنطن تريد انتخاب رئيس للجمهورية في اسرع ما يمكن لأن الفراغ خطر وهي لا تضع فيتو على احد، ولكنها تريد «رئيسا» يتمتع بصلاحيات قوية وبأن هذه الحملة جاءت ردا على الدعوات الى انتخاب رئيس قويّ، وتعبّر عن دعم للتعديلات الدستورية التي وضعها الرئيس العماد ميشال سليمان في نهاية ولايته بتصرّف الرئيس المقبل وحكومته، كما ان تطمين المسيحيين جاء بلقاء كيري مع البطريرك الماروني بشاره الراعي واشادته بشجاعته وقيامه بزيارة الاماكن المقدسة في فلسطين ولقائه باللبنانيين اللاجئين الى اسرائىل وقد تكون خلوة البطريرك الراعي ورؤساء المؤسسات المارونية فرصة لوضعهم بالمحادثات التي دارت بين الراعي وكيري، وما يمكن ان ينتج منها.

اللافت ايضا في زيارة كيري انها تزامنت مع لقاء العماد ميشال عون برئيس مجلس النواب نبيه بري، وما حكي عن ايجابيات لهذا اللقاء سوف تترجم قريبا بمواقف للعماد عون حول جلسات مجلس النواب ومجلس الوزراء تتّسم بالايجابية، واهمّ ما في تفاصيل هذا اللقاء، وفق تسريبات من شخصيات قريبة من الرجلين، ان بري نصح عون بأخذ مبادرة والاتصال بالنائب وليد جنبلاط والاتفاق معه على قيام حوار شبيه بحواره مع رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، والتعاون في مجلس الوزراء مع رئيس الحكومة تمام سلام، لتأمين التماسك الحكومي في فترة ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية بعد شغور منصب الرئاسة بنهاية ولاية الرئيس سليمان، خصوصا ان هناك خشية من قيام توتر داخل الحكومة، بوجود وزراء سيتفاعلون ايجابا مع التجديد للرئيس بشار الاسد، سيعبّر عنه ربما بزيارات شعبية وتصريحات، ووزراء اخرين اعلنوا منذ البداية رفضهم لهذه الانتخابات ولنتائجها.

هذه الصورة من جميع زواياها تدل على ان الحكومة تؤمّن حركتها في حقل الغام، وان شظايا هذه الالغام ان انفجرت، ستنتشر عل مساحة الوطن كله.