IMLebanon

موسكو و«داعش» السورية؟

في خضمّ البحث في تكوين التحالف الاقليمي ـ الدولي لمكافحة «داعش»، تغزو الاوساط المتابعة لهذا الحدث الكبير اسئلة كثيرة يتوقع ان تجيب عنها التطورات التي سيشهدها قابل الايام والاسابيع والاشهر، وسيتوقف عليها مصير المنطقة ومستقبلها.

من الاسئلة المطروحة هل ان الهجوم الاقليمي ـ الدولي على «داعش» سيكون كاملاً شاملاً بحيث يشمل وجودها في العراق وسوريا والمنطقة عموماً؟ ام سيكون هناك تفريق في الحرب بين «داعش العراقية» و«داعش السورية»، بحيث يكون القضاء على «العراقية» أمراً لا بد منه لتكريس مصالح بُنيت وستُبنى على الحكومة العراقية الجديدة التي يبدو انها جاءت نتيجة توافقات اقليمية ودولية، فيما يتم الابقاء على «داعش السورية» لضرورات استمرار اركان التحالف الجديد في حربهم على النظام السوري الذي استبعدوه من حربهم على «داعش» لاسباب واعتبارات لا تُخفى على احد؟

والى هذه التساؤلات تسود في الاوساط السياسية تكهنات ـ توقعات كثيرة حول الدور الذي سيؤديه التحالف المنتظر ضد «داعش»، بعضها يقول ان هذا التحالف سيستهدف «داعش» العراقية بالدرجة الاولى، ثم يدفع بفلولها الى سوريا لتنضم الى «داعش السورية» والمشاركة الى جانبها في الحرب ضد النظام الذي يرغب اركان التحالف في إسقاطه.

ولكن بعض آخر من هذه التكهنات ـ التوقعات يقول ان حسابات التحالف الإقليمي ـ الدولي في «الحقل العراقي» لن تنطبق مع حسابات «البيدر السوري»، لأن النظام في دمشق ليس وحيداً في المعركة، وان روسيا التي استُبعِدَت من التحالف ضد «داعش العراقية» مثلما تم تجاهلها في ليبيا

لن تقف مكتوفة ازاء «داعش» السوريّة وحربها على النظام، اذ سيتكرر مشهد منع الضربة العسكرية التي جهزت لها الولايات المتحدة الاميركية ضد النظام السوري قبل اكثر من عام وتراجعت عنها تحت ضغط «الدب الروسي» وحليفه «التنين الصيني» ومنظومة دول «البريكس» عموماً.

ذلك ان موسكو ستعتبر محاولة واشنطن وحلفائها الاقليميين والدوليين اعادة توظيف «داعش» السورية ضد النظام تحت جنح التحالف الاقليمي ـ الدولي الذي يُعمل على تشكيله الآن، كمحاولتها السابقة تسديد ضربة عسكرية مدمرة لسوريا وستتصدى لها موسكو بشدة، بل ان بعضهم لا يستبعد ان تتولى موسكو وحلفاؤها شن حرب على «داعش» السورية، في الوقت الذي تكون واشنطن وحلفاؤها يحاربون «داعش» العراقية.

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو: هل ان الرئيس الاميركي باراك اوباما سيحسم اليوم خيارات الادارة الاميركية في ما اذا كانت فعلاً تريد القضاء على «داعش»، وهو ما يفرض عليه الانفتاح على الجميع بمن فيهم ايران وسوريا؟

بعض المطلعين على الموقف في واشنطن يقولون ان هناك تيارين في الادارة الاميركية: الاول، يضم اوباما والعسكر، وهو تيار يستند الى تقرير لجنة بايكر ـ هاملتون الشهير في شأن العراق الذي يوصي بالحوار مع ايران وسوريا لمعالجة شؤون العراق والمنطقة.

اما التيار الثاني فإنه يواجه التيار الاول، ويؤيد استمرار الولايات المتحدة الاميركية في سياسة شن الحروب الاقليمية وحيث يجب على الساحة العالمية، وهو عبارة عن خليط من المحافظين القدامى والجدد.

ويلاحظ هؤلاء المطلعون ان اوباما يرضخ احيانا للتيار الثاني، ولكنه يكتم في داخله خوفاً من التورط في لعبة الحرب والدم مجدداً، وهي لعبة ورطت واشنطن ولا تزال تورطها في أزمات سياسية واقتصادية ومالية كبرى لا تزال ترزح تحتها منذ سنين.

ولذلك يقول المطلعون أنفسهم أنه لا يمكن فهم السياسة الاميركية ازاء المنطقة الا بإدراك حقيقة مواقف هذين التيارين اللذين يمثل كل منهما قوى ومصالح متنوعة.

على ان هؤلاء المطلعين يؤكدون أنه يسود في الولايات المتحدة الاميركية هذه الايام تعليقات لا تخلو من شيء من السخرية ازاء مشروع اوباما «التحالفي» لضرب «داعش»، وهذه التعليقات تطرح بصيغة أسئلة منها: كيف ستحارب واشنطن «داعش» في العراق وتتركها في سوريا؟

وكيف سيحارب اوباما «داعش» من دون الاستعانة بسوريا وايران؟ وبعض هذه التعليقات يبدي في مكان ما خشية من أن تكون هذه الحرب على «داعش» وهمية لأنه اذا كان الهدف الابقاء على داعش لاستخدامها في المناورات فهذا أمر آخر…

والى كل هذه المعطيات، هناك اسئلة تطرح على جبهات أخرى منها: كيف ستتعاطى تركيا رجب طيب اردوغان مع التحالف الدولي لإنهاء ربيبتها «داعش»؟ وهل تكون جزءاً من هذا التحالف وتلتزم سياسة حلف «الناتو»؟ ام ان لدى اردوغان حسابات أُخرى منها ان دوره في اطلاق «داعش» كان كبيراً في الوقت الذي يخشى هذه «الداعش»؟

البعض يقول انه سيكون لدى تركيا الف حساب وحساب اذا ارادت المشاركة في ضرب «داعش».