مجلس النواب الأميركي يقر عقوبات مصرفية ضد “حزب الله”
موقوفو “نابليون” و”دي روي” وفنيدق.. شبكة واحدة
لبنان بلا رئيس للجمهورية، لليوم التاسع والثلاثين على التوالي.
لكن، لا يبدو أن ضغط الوقت الضائع، والإقليم الملتهب، سيدفع الى انتخاب رئيس جديد قريباً، وبالتالي فإن الجلسة الانتخابية الثامنة المقررة، اليوم، ستطير، شأنها شأن سابقاتها.
وأمام هذا الانسداد في الافق، يفكر الرئيس نبيه بري في إطلاق حركة مشاورات مع الكتل النيابية، للبحث في إمكان فتح كوة في الجدار المسدود، على ان يُبلور خلال 48 ساعة الطرح الذي سيتقدم به خلال هذه المشاورات.
وحدها، الأجهزة الأمنية لم تتأثر بـ”الفراغ”، وبقيت على استنفارها وجهوزيتها، في مواجهة أشباح الإرهاب، محاولة تكريس معادلة “الأمن الاستباقي” التي حققت نجاحات واضحة مؤخراً.
وبينما جرى اتخاذ تدابير احترازية مشددة في محيط سجن رومية تحسباً لأي هجمات إرهابية، أبلغت مصادر أمنية واسعة الإطلاع “السفير” أن التحقيقات المستمرة أظهرت وجود علاقة بين موقوف فندق “نابليون” الفرنسي (وهو من جزر القمر)، وخلية “دي روي” السعودية، ومجموعة فنيدق في عكار والمغارة التي كانت تستخدمها لتخزين المتفجرات.
وأكدت المصادر أن هذه الشبكات الثلاث تشكل حلقة إرهابية واحدة، وأن التحقيقات متواصلة لتحديد كل أشكال الترابط بينها.
الى ذلك، يواصل وفد أمني – استخباراتي سعودي في بيروت مواكبة التحقيقات مع موقوف “دي روي” السعودي عبد الرحمن الشنيفي. واجتمع الوفد خلال الساعات الماضية مع عدد من ضباط جهاز الأمن العام، طالباً توجيه أسئلة معينة الى الشنيفي، قبل أن يحصل على كل الأجوبة المطلوبة.
وعلمت “السفير” أن وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف أجرى اتصالاً هاتفياً بالوزير نهاد المشنوق، تداولا خلاله بآخر التطورات على الساحتين المحلية والإقليمية.
وهنأ بن نايف نظيره اللبناني على الإنجازات التي حققتها الأجهزة الأمنية اللبنانية في الفترة الاخيرة، متوجهاً اليه بالقول: “عندما تتمكنون من إفشال العمليات الانتحارية وتصلون الى الإرهابيين قبل ان يحققوا أهدافهم، فهذا يعني أنكم قطعتم شوطاً كبيراً على طريق الامن الاستباقي، وهذا أمر تستحقون التهنئة عليه”.
وحضر الوضع الأمني في اجتماع مجلس الأمن المركزي أمس برئاسة المشنوق، في وزارة الداخلية، حيث جرى التشديد على ضرورة مواصلة التنسيق بين كل الأجهزة وتبادل المعلومات، لا سيما ان التعاون بينها أثبت جدواه.
وقال المشنوق لـ”السفير” إنه مطمئن الى أن الوضع الأمني تحت السيطرة، مشيراً الى انه ليس أمراً عادياً ان يتم إفشال ثلاث عمليات انتحارية خلال فترة زمنية قصيرة. ولفت الانتباه الى ان كل الإجراءات الضرورية تُتخذ للحد من مخاطر قدرات الارهابيين.
وفيما أعلن الجيش السوري عن إحكام السيطرة على منطقة القلمون، علمت “السفير” أن “حزب الله” يقوم منذ أيام بتمشيط واسع ودقيق للأراضي الواقعة بين الحدود اللبنانية والسورية، بعد انسحاب المسلحين منها، وذلك في إطار مسح أمني شامل، يهدف الى “تنظيف” المنطقة وضبط كل “بؤر” الإرهاب المحتملة.
بري يبادر
سياسياً، استمرت مبادرة العماد ميشال عون الرئاسية – النيابية بالتفاعل، على وقع ردود الفعل المتفاوتة التي تراوحت بين مرحب ومنتقد.
وفيما نقل زوار البطريرك الماروني بشارة الراعي أن المطلوب الآن نزول النواب الى مجلس النواب وتأمين النصاب الدستوري وانتخاب رئيس جديد للبلاد بدلاً من التلهي بالمبادرات الضائعة، قال الرئيس بري أمام زواره أمس إن مبادرة عون لا يمكن النظر اليها بعدم اهتمام، لأن عون هو صاحب حيثية مسيحية وسياسية، ورئيس كتلة نيابية كبرى، وهو يعتبر نفسه أقوى الزعماء المسيحيين، ومن حقه أن يتقدم الى رئاسة الجمهورية.
ورداً على سؤال، أعرب بري عن اعتقاده بأن العماد عون لم يطلق مبادرته كي تنفذ الآن، لافتاً الانتباه الى ان المجلس النيابي ليس في دورة انعقاد عادي، وتاريخ الدورة العادية هو في تشرين الاول المقبل، وعندها نكون قد تجاوزنا موعد الانتخابات النيابية.
وتوقع بري أن يكون مصير الجلسة الثامنة لانتخاب رئيس الجمهورية اليوم شبيهاً بسابقاتها، لافتاً الانتباه الى حائط مسدود يرتفع امام الاستحقاق الرئاسي، في وقت نقترب أيضاً من استحقاق الانتخابات النيابية.
وأضاف: إزاء هذا الوضع المقفل، أفكر في إجراء مشاورات جانبية وإفرادية مع رؤساء الكتل النيابية والنواب المستقلين، للبحث في سبل التعامل مع الاستحقاقين الداهمين، الرئاسي والنيابي، لانه لم يعد ممكناً البقاء مكتوفي اليدين.
وشدد على ان الاولوية تبقى لإجراء الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت ممكن، موضحاً انه سيمهل نفسه 48 ساعة للتفكير في ما يجب القيام به. وأشار الى انه لا جدوى من إحياء طاولة الحوار الوطني حالياً، أولاً لأسباب أمنية تمنع الأقطاب من التحرك، وثانياً لغموض الموقف.
قانون أميركي ضد “حزب الله”
على صعيد آخر، نجح عدد من النواب الجمهوريين والديموقراطيين الأميركيين، وبدفع من منظمة “ايباك”، في تمرير قانون “حظر التمويل الدولي عن حزب الله”، في مجلس النواب الأميركي، تمهيداً لإقراره في الكونغرس، ويقضي وفق أسبابه الموجبة بـ”استخدام كل الوسائل الديبلوماسية والتشريعية والتنفيذية المتاحة لمكافحة أنشطة الحزب الإجرامية بهدف تعطيل قدرته على تمويل أنشطته الإرهابية العالمية”.
ويفرض القانون على وزارة الخزانة الأميركية تحديد “المصارف المركزية” التي تخالف القوانين الأميركية من خلال تقديم الدعم لـ”حزب الله” (أفراداً ومؤسسات)، مع آلية تهدف الى تجنيب هذه المصارف العقوبات “اذا اتّخذت خطوات مهمة يمكن التحقّق منها” لإنهاء هذا الدعم مستقبلاً.
وبموجب هذه الآلية، وبعد مرور أقل من 45 يوماً على القرار، وكل ستة أشهر دورياً، يقدم وزير الخزانة الأميركي تقريراً للجنة البرلمانية في الكونغرس، يحدّد فيه “كل المصارف الأجنبية المرتبطة بنشاط أو نشاطين على الأقل”، ويصف بشكل مفصل هذه النشاطات.
وتحدد الآلية “قاعدة خاصة للسماح بإنهاء العقوبة”، شرط أن يكون المصرف الأجنبي “لم يعد منخرطاً في النشاطات المذكورة أو اتخذ خطوات جدية وموثوقة نحو إنهاء هذه الأنشطة، وذلك قبل أقل من 90 يوماً بعد تقديم وزير الخزانة شهادته”، أو أن يكون وزير الخزانة “قد تلقى ضمانات من الحكومة المختصة في موضوع المصرف الأجنبي، بأن المصرف المذكور لن يرتبط بأي نشاط في المستقبل”.
وكان قد حصل تواصل بين جمعية المصارف اللبنانية ووزارة الخزانة الأميركية عن طريق السفارة الأميركية في بيروت، من أجل تحييد المصارف اللبنانية، وشرح مدى تقيّدها بالمعايير الدولية، وخصوصاً الأميركية، وما تتخذه من تدابير على صعيد مكافحة تبييض الأموال ومكافحة الأموال المصنفة “إرهابية” وغير ذلك من الأموال غير المشروعة، وهي الخطوة التي لقيت ارتياحاً أميركياً، ولكن مع إبقاء بطاقة التحذير مرفوعة عبر التلويح باتخاذ عقوبات مستقبلية في حال حصول أية مخالفة.