إعلان مصادر الوكالة الفدرالية الروسية للنقل الجوّي أنّ «الصاروخ الذي أسقَط الطائرة الماليزية في الأراضي الأوكرانية ربّما كان هدفُه إسقاطَ طائرة الرئيس فلاديمير بوتين»، قد يشكّل بداية مرحلة جديدة في التعاطي الروسي مع الأزمة الأوكرانية.
الوكالة الروسية بنَت فرضيَّتها على تطابُق مسار الطائرة الماليزية والطائرة الرئاسية قبل دخولهما الأجواء الأوكرانية بفارق 35 دقيقة تقريباً، إذ إنّ الطائرة المنكوبة كانت تعبُر الأجواء البولنديّة في الساعة 15:44، في حين حلَّقت طائرة الرئاسة الروسية في خط العبور البولندي نفسه في الساعة 16:21، إضافةً إلى تشابه الطائرتين بالحجم والشكل.
ولم تستبعد مصادر أمنية روسية رفيعة المستوى تلك الفرضية، مؤكّدةً أنّ أهمّ مبادئ العمل الأمني هو أنّ «الحقيقة تولد من الشك». وعلى رغم أنّ المصادر لم توجِّه أصابع الاتّهام إلى الجانب الأوكراني مباشرةً، إلّا أنّها كشفَت أنّ هذه الفرضية محَطَّ اهتمام جدّي وسِرّي لدى أجهزة الأمن الروسية، خصوصاً أنّه إذا أُخِذ في الاعتبار سرعة الطائرة الرئاسية، فإنّها كانت ستتزامن مع الوقت نفسه الذي انطلق فيه الصاروخ في اتّجاه الطائرة الماليزية لو أنّها اتَّبعت ذلك المسار.
وأنّ الأجهزة الروسية قد رصَدت متابعة بعض المواقع الإلكترونية الأوكرانية الرسمية لحادثة سقوط الطائرة التي أودَت بحياة 298 شخصاً، إذ إنّ موقع «أوكراينسكايا برافدا» الأوكراني الرسمي نشرَ قبل ساعة ونصف الساعة من الحادثة خبراً يقول إنّ الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو يعقد اجتماعاً مع المجلس العسكري الأعلى في البلاد، وبعد نحو نصف الساعة نشر الموقع خبراً آخر مفادُه أنّ لدى الانفصاليّين شرق البلاد صواريخ يمكن أن تستهدف الطائرات على علوٍّ مرتفع جدّاً، ليظهر لاحقاً خبر إسقاط الطائرة الماليزية.
وترى المصادر أنّ تسلسل تلك الأخبار يوحي وكأنّها أتَت ضمن سيناريو مُعَدّ مسبقاً، مؤكّدةً أنّ إسقاط طائرة على علوٍّ يفوق 10 آلاف متر غيرُ ممكن إلّا بصواريخ من نوع «بوك»، وهذه المنظومة متوافرة لدى وحدات الصواريخ الأوكرانية، ومخصَّصة لأهداف جوّية بارتفاع يصل إلى 16 كيلومتراً بقدرةِ إصابة تفوق 90 في المئة.
وتشير إلى أنّ القوات الأوكرانية قد استحدَثت مواقع صاروخية لهذه المنظومة في الآونة الأخيرة، وذلك في المناطق التي تسيطر عليها في مقاطعة دونيتسك الواقعة على الحدود مع روسيا، موضحةً أنّ وحدات الصواريخ الأوكرانية كانت في حال تأهّب يوم إسقاط الطائرة، وتُذَكِّر بأنّ الوحدات الصاروخية الأوكرانية قد أسقطَت عام 2001، طائرة «تى 154 أم» تابعة لشركة «سيبير» خلال قيامها برحلة من مدينة نوفوسيبيرسك الروسية في اتّجاه تل أبيب، ما أدّى إلى مقتل جميع ركّابها الـ78، وحينها أعلنَت السلطات الأوكرانية بعد التحقيقات أنّ الاستهداف لم يكن متعمّداً، بل عن طريق الخطأ.
وتلفُت المصادر إلى أنّ التحقيقات الأوّلية تؤكّد إسقاط الطائرة بصاروخ أرض – جو، في اعتبار أنّ عدداً كبيراً من جُثث الضحايا لم يحترق، ما يُثبِت فرضية تفكّك الطائرة في الجوّ نتيجة تعرّضها لصاروخ على علوٍّ مرتفع.
إذاً، باتت فرضية محاولة اغتيال بوتين فوق الأراضي الأوكرانية واردة لدى أجهزة الأمن الروسية، ما يعني أنّ هذه القضية ستأخذ حقّها من الاهتمام والدرس والمتابعة، وفي حال تأكَّد استهداف بوتين، فإنّ لغة موسكو ستتغيّر حتماً تجاه كييف.
ولعلّ مبادرة بوتين إلى الاتصال بالرئيس الأميركي باراك اوباما بعدما حطَّت طائرته في موسكو مباشرةً، ليست لإبلاغه بضرورة دعم مجموعة الاتصال المعنية بإيجاد حلٍّ ساسي للأزمة الأوكرانية ولا بنبأ الطائرة المنكوبة، كما ورد في بيان الكرملين، بل إشارة واضحة مفادُها أنّ الرسالة قد وصلت.