IMLebanon

“مَن كان منكم بلا خطيئة”

يضع، ما يسمى بمرشحي الصف الأول، “فيتوات” على مرشحي الصف الثاني، أي الذين من غير الزعماء التقليديين ورؤساء الأحزاب، لكنهم أناس لهم مكانتهم وخبرتهم، والأهم كرامتهم. فعندما يتحدث مسؤولو “الصف الأول” عن غيرهم، فهم كمن يتحدثون عمن بهم نقص أو عيب.
يرفع حزب “القوات اللبنانية” حق النقض في وجه المرشح، الوزير والنائب السابق جان عبيد، لأنه صديق أو حليف السوريين. ولعلَّ أبلغ كلام قاله النائب وليد جنبلاط لأحد السفراء عندما واجهه بهذه الحجة، أن أجابه: “كلنا كنا حلفاء السوريين”. فجان عبيد وقف ضد التمديد للرئيس الياس الهراوي، وضد اجتياح قصر بعبدا، وقد دفع ثمن مواقفه حين أبعده السوريون مرات عدة عن الوزارة والنيابة، لمصلحة من قدّموا فروض الطاعة في شكل أفضل.
ويسجّل “حزب الله”، ومعه “أمل”، فيتو ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لأنه تعاون مع الأميركيين في إعطائهم دفعة بأسماء متموّلين شيعة في أفريقيا، يمولون نشاطات الحزب ومؤسساته. في المقابل يرى معارضو سلامة انه غطى تجاوزات مصرفية في تبييض الأموال صبّت في مصلحة الحزب، وانه تجاوز الكثير من الانتهاكات التي مورست في المصارف قبل الانسحاب السوري من لبنان، وقصة “بنك المدينة” ما زالت في الأذهان.
ويأخذ معارضو ترشيح قائد الجيش العماد جان قهوجي عليه، انه ظلّ على اتصال بالسوريين، وانه جعل المؤسسة في أحضان “حزب الله”، وانه أقرب الى العماد ميشال عون في سياسته، وانه لا يجوز الإتيان بعسكري دائماً. أما في الوقائع فان السياسيين هم الذين وضعوا القادة العسكريين في مواقعهم وفي تصنيفاتهم الرفيعة، بالإصرار على زيارتهم ودعوتهم وتكريمهم، وهم الذين ارتضوا انتخاب أكثر من عسكري للموقع الأول. والواقع أيضاً ان العماد عون – المرشح ايضا – هو صاحب الفيتو الأكبر في وجه قهوجي، وهو مثله، اذا افترضنا الكلام صحيحاً، بادر الى توقيع وثيقة تفاهم مع الحزب، وسارع الى زيارة سوريا.
ويمانع حزب “القوات” أيضاً في انتخاب النائب روبير غانم “لأنه لا ينتمي فعلياً الى 14 آذار، بل دخل التحالف استلحاقاً للمحافظة على مقعده النيابي”. والحقيقة، انها حال كثيرين، (اذا كان فعلاً كذلك)، وحال غانم أفضل منهم، لأنه في علاقته بالسوريين لم يكن متطرفاً، ولم يغالِ في إعلان تأييده لثورة الأرز، اذ حافظ على اعتدال وعيش مشترك في منطقة مختلطة، وهي مواقف لا يفهمها أبناء مناطق اللون المذهبي الواحد، والحزب الواحد.
لعلّ لمرشحي الصف الأول حق الدفاع عن مواقعهم، وعن ترشيحاتهم، وبالتالي عن كيانهم، لكن ليس لهم الحق في تشويه سمعة الآخرين، إذ إن فتح الملفات، مباشرة أو عبر أدوات أخرى داخلية وخارجية، يجر الى نبش الماضي، ومعظمه لا يشرّف أحداً.
وأخيراً يصح القول “من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر”.