تَوالَت التّصريحات المؤيِّدَة لمذَكّرَة بكركي الوطنيَّة منذُ صُدورِها عن صاحِب النيافَة والغِبطَة الكاردينال مار بشارَة بطرس الراعي دونَ أن نَرى بَوادِر تشير إلى دَلائِل جديَّة تَدفَع للسَّير بتَطبيقِها بالرّغم من إهتِمام الإعلام وشَرائِح محددة من المجتَمَع بِها.
«مذكِّرة بكركي….مَشروع وَطَن»، على هذا النّحو رأيناها عندَ التعمّقِ بِها، لا مَشروع سلطَة ولا برنامَج إنتخابي ولا طَرح طائِفي أو فِئَوي.
تساءَلنا وفَتّشنا عَما إذا كان قَد صَدَر بيانٌ أو وثيقَة وطنيَّة بِهذا الحَجم في هذه الأزمِنَة الصَّعبَة فَلَم نَجِد سِوى نُثَر وَشَذَرات فيها ما يفيد دونَ أن يَكونَ فيها ما يَجمَع دائِماً.
شَكّلنا مَع مَجموعَة من أهل الفِكر وَقادَة الرّأي في لبنان « الهيئَة المَدنيَّة لِدَعم مُذَكّرَة بكركي الوطنيَّة» وهَدَفُها تسليط الضّوء على اَهميَة المذَكّرَة في الحياة الوطنيَّة اللبنانيَّة ودَفع القَرار السياسي بإتّجاهِها ومواجَهَة تَهميشِها أو الإلتِفاف عَليها وتَحفيز قوى المجتَمَع المَدَني على خَلق مَجموعات ضَغط قادِرَة على التأثير بإتِّجاه السير بِهدَى المذَكّرَة.
كلَّما عَصَفَتِ الرّيح واهتّزَت الأرض كانت بكركي الملاذ والمَرجَع والصَّرح الثابت للعيش مَعاً وللميثاق والصيغَة والدستور والدولَة القويَّة والقادِرَة.
ولأنَّ التحلّق حَولَ المبادئ والأسس التي أرسَتها البطريركية المارونية هي مبادئ وطنيَّة كما أسلَفنا، قررنا بإسمِ الهَيئَة المذكورَة الدعوة إلى مؤتَمَر جامِع مخَصَّص لنقاش مَحاور هّذه المذَكّرَة في الثاني عَشَر والثالث عَشَر من أيار الجاري في فندق الهيلتون تَحتَ رِعايَة رئيس الجمهوريَّة العِماد سليمان.
فور شُيوع النبأ توافَدَت النُخَب للمشارَكَة بأعمال المؤتَمَر ما زادَ في قناعَة الهَيئَة بأن الحِوار ما زالَ ممكناً في لبنان وأن اللبنانيين يرغَبونَ في نَقل الهَواجِس والإقتِراحات على منبَر النقاش والحِوار من أجلِ بَلَدِهِم.
يُختَتَم المؤتَمَر في نِهايَة يَومِهِ الثاني بِحَفل عَشاء يحضُرُهُ أركانُ الدولَة وصاحِب النيافَة والغِبطَة ومجموعَة كبيرَة من أهل السلطَة والفِكر والإعلام وسيُشَكّل بِدايَة لِمسار حِواري لا مَفَرّ من سلوكِه إنقاذاً للبنان.