من المنتظر ان تكون الولاية الرابعة لبنيامين نتنياهو في رئاسة الوزراء هي الاصعب على الاطلاق نظراً الى التحديات الكثيرة التي تنتظره، لذا فهو في حاجة الى تشكيل ائتلاف حكومي مستقر قادر على اتخاذ القرارات الاستراتيجية المهمة التي تنتظره هذا الصيف بعد توقيع الاتفاق النهائي مع إيران في شأن برنامجها النووي، ومعالجة التدهور المستمر في العلاقة مع إدارة الرئيس باراك أوباما، وادارة النزاع مع الفلسطينيين.
ولكن على رغم مرور شهر على الفوز الساحق الذي حققه نتنياهو على خصومه في المعسكر الصهيوني، فهو لم ينجح بعد في تشكيل ائتلافه الحكومي على رغم الاتصالات المكثفة التي يجريها مع ممثلي أحزاب اليمين القومي وحزب الوسط الجديد “كلنا” الذين يعتبرهم “شركاءه الطبيعيين”. ويعود ذلك بصورة اساسية الى التنافس الكبير بين هذه الأحزاب على الحقائب السيادية والمطالب التعجيزية التي تطرحها. صحيح ان نتنياهو يحظى بغالبية نيابية من خلال دعم احزاب اليمين القومي والاحزاب الدينية له مما يجعله لا يحتاج الى التعاون مع خصومه. لكن استمرار ابتزاز أحزاب اليمين القومي له، وتخوفه من ان يؤدي تشكيل حكومه يمينية ضيقة في إسرائيل الى زيادة عزلة إسرائيل على الصعيد الدولي، وحاجته الى حكومة تحظى بإجماع وطني واسع اذا احتاج الى اتخاذ قرارات مصيرية في موضوع إيران – كل هذه العوامل وغيرها تبقي الباب مفتوحاً امام احتمال تشكيل حكومة وحدة وطنية.
قد يقول البعض إن لا فروقات كبيرة بين الحكومات الإسرائيلية سواء أكانت يمينية ضيقة أم حكومات وحدة وطنية تضم معسكر اليسار، فجميع هذه الحكومات تنتهج سياسات معادية للفلسطينيين وداعمة للاحتلال الإسرائيلي للاراضي الفلسطينية. ومع ذلك فإنه اذا قرر نتنياهو التوجه نحو حكومة وحدة فستكون لذلك دلالة خاصة ولا سيما على صعيد احتمال عودة المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين. صحيح ان نتنياهو تعهد خلال الانتخابات ألا تقوم دولة فلسطينية خلال توليه رئاسة الوزراء، لكنه مع ذلك قد يضطر الى تحريك العملية السياسية مع الفلسطينيين ضمن اطار توجه استراتيجي مختلف تفرضه التطورات المتسارعة في المنطقة وخصوصاً امكان التوصل الى اتفاق نهائي بين الدول العظمى وإيران برنامجها النووي.
في الصيف المقبل سيكون نتنياهو امام خيارين: اما الرضوخ للاتفاق مع إيران ومعنى ذلك التسليم بتحول إيران دولة على عتبة النووي، وإما رفض الاتفاق والعمل على إحباطه. وبما ان الخيار العسكري لم يعد مطروحاً على الاقل في المرحلة الحالية، فإن قرب الاتفاق الدولي مع إيران سيشكل عاملاً في تحديد خيارات إسرائيل الاستراتيجية للمرحلة المقبلة، وقد يؤثر ايضاً في التشكيلة الحكومية الجديدة.