IMLebanon

نحو رئيس جديد..  وطبقة سياسية جديدة..

  بعد انتهاء قمة النيتو في «ويلز» وبمشاركة ثمانية عشرة دولة.. وما أعلنه قادة العالم من تحالفٍ دوليّ إقليمي بمحاربة الإرهاب مع التحضيرات للدورة القادمة للجمعية العامة للأمم المتحدة.. والمراجعات حول جدوى هذه المنظومة.. مع الإجماع بأنّ العالم الآن في حالٍ يشبه ما بعد الحرب الباردة وتطوّراتها مع فارق كبير.. فحينها اعتبَرت الولايات المتحدة نفسها بأنّها المنتصر الوحيد وبدون شريك والجميع مهزوم وبدون إستثناء.. أمّا الآن فالجميع يبحث عن الجميع.. والجميع يعرف بأنّه إمّا أن يربح الجميع أو يخسر الجميع..

  لا أعرف لماذا حتى الآن إسرائيل خارج متابعتنا وتحليلاتنا وكأنّها ليست من دول المنطقة ولم تتسبّب بكلّ أزماته.. وآخرها آلاف الشهداء في غزّة من الأطفال والنساء والشباب والشّيوخ.. وتدمير الأنفاق التي كلّفت ثروة إقتُطِعت من أفواه المحاصَرين منذ ستة أعوام.. وعلى حساب تعليمهم وسكينتهم.. إضافة الى أشياء كثيرة يحتاجها أهالي غزة مضافاً إليها الدّمار.. فالإسرائيليون أيضاً يسألون لماذا بعد كلّ هذه الحروب العالم يستنفر خوفاً من العنف القادم من جواره ومن أعدائه العرب والمسلمين ؟.. مع العلم أنّ الاسرائيليّين هم الأكثر تقوقعاً.. وهم أوّل من طهّر عرقيّاً ودينياً.. وشرّد الفلسطينيين من بيوتهم ووطنهم.. مسيحيين ومسلمين.. واحتل الأراضي العربية ولا يزال..

  أشياء كثيرة تغيّرت وموضوعات كثيرة لم تعد تمتلك الوقت الكافي.. وعلى رأسها التّخصيب والإستيطان.. فإيران تعرف أنّ الأوراق الضاغطة في سوريا ولبنان والعراق وغزة قد احترقت.. وأنّ الصراعات خرجت عن السيطرة.. وبالتالي انتهت مهمة إدارة الأزمات المحلية وإنّنا الآن ما قبل أفغانستان والكويت والعراق.. وإنّ إدارة النزاعات في المنطقة الآن هي بيد النيتو.. قوّات وحكومات وتحالفات.. اقليمية ودوليّة.. وإسرائيل تعرف أيضاً بأنّ بناء المستوطنات قد إنتهى.. وضمّ الأراضي.. وكذلك العنف للعنف.. وهواية قهر الشعوب العربية أيضاً قد إنتهت.. وأنّ العالم إكتوى بالنار التي أشعلتها إسرائيل ولا تزال.. وخسر القيم التي حطّمتها إسرائيل وعلى رأسها الأمم المتحدة ومجلس الأمن الذي لم تحترم اسرائيل أيا من قراراته.. ودمرت ثقة العالم به وبقيمه.. مما يجعل المنتصرين في الحرب العالمية الثانية منهزمين أمام إسرائيل وحربها الأبدية على العرب.. مسيحيين ومسلمين..

أما تركيا فلا تزال تقف منذ ثلاثة سنوات ونصف على أبواب الحريق السوري.. وهي مذهولة منذ اكثر من سنة من تطوّرات مصر وليبيا والشمال الإفريقي.. بالإضافة إلى الزلزال العراقي والدمار الغزاوي.. وأنّها تقف على أبواب كلّ تلك الويلات بتردّد كبير عن دفع أكلاف الإنغماس في هذه المنطقة وصراعاتها.. وعدم القدرة على إدارة الظهر لها.. وهي لا تزال تتعامل بالخطابات والمؤتمرات والممرات والإستضافات والتّجارات.. وبعد الإنتخابات الأخيرة يجد نفسه أحمد داوود أوغلو.. وقد أصبح رئيساً للحكومة.. أمام صفر مشاكل وصفر نتائج.. وعليه دفع الأكلاف إن كان يريد الأرباح..

الإنتظارات والتّطّورات ليست غامضة.. سيخوض النيتو حرباً جوية ومخابراتية ونوعية في العراق من أجل تصحيح الخطأ الأميركي في حلّ الجيش العراقي.. وسيتم خلال هذه العمليات إعادة بناء جيش عراقي يتولّى إدارة العراق في المرحلة الإنتقالية بعد فشل الإسلام السياسي في العراق بشقَّيْه السنّي والشيعي على حدّ سواء وكذلك الكردي.. أمّا في سوريا فستتوالى الضربات مما سيجعل من كلّ قوى النزاع المسلّح في سوريا درجة ثانية وعرضة للضربات.. وعلى من يريد أن ينجو من الضربات أن يرفع الرايات البيضاء.. وبذلك سيتكوّن جيش وطني سوري من رافعي الرايات البيضاء والباقون سيُعْتَبَرون من أهل الرايات السوداء..

أما في فلسطين فإنّنا سنعود إلى عام 74 حين ذهب أبّو عمار إلى الأمم المتحدة برفقة رئيس الجمهورية اللبنانية سليمان فرنجية ورَفَع غصن الزيتون.. وسنشهد في الدورة القادمة للجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول 2014 كيف أنّ كل من لا يرفع غصن الزيتون في إسرائيل وغزة والضفة والجولان سيكون عرضة للعقوبات أو الضربات..

أمّا في لبنان فإنّنا أمام إعلان إفلاس الطبقة السياسية الحربية بكلّ مكوّناتها الرسمية والحزبية.. لأنّ لبنان لم يعد ساحة من ساحات الصراعات البديلة.. وإنّ تلك الوظيفة السيئة الذكر قد إنتهت.. فلدى الجميع ساحات نزاع أكثر جاذبية واتّساع وتنوّع وأقلّ كلفة.. على اللبنانيين تأمين طبقة سياسية جديدة.. ولا بأس إنْ تخلّى بعض الرموز سريعاً عن أدوارهم لأبنائهم.. بما يتلاءم مع ضرورات لبنان الإعمار والإزدهار والإستقرار والحياد بدون لف أو دوران.. كما على لبنان أن ينأى بنفسه حقيقةً وليس شعاراً.. وعلى اللبنانيين ألاّ ينتظروا رئيساً لهذه الطبقة السياسية.. فهذا الجسم السياسي قد فقد رأسه عشيّة الاغتيال في14 شباط 2005.. ويصحّ القول هنا عن هذه الطبقة السياسية أنّها «أُكِلَتْ يوم أُكِلَ الثور الأبيض»..

إنّ رئيس الجمهورية الجديد هو رأس الدولة لطبقة سياسية جديدة برموزها الجديدة.. أمثال سعد رفيق الحريري ورفاقه.. وسامي ونديم الجميل وتيمور جنبلاط وجبران باسيل وآلان عون وستريدا جعجع والياس المر وميشال المر وميشال معوض وطوني سليمان فرنجية ووو.. وجيل جديد من أمل وحزب الله.. ونخبة شبابية جديدة من الذين لم تستوعبهم أحزاب 14 آذار.. أمثال سامر فرنجية ووسام سعادة وميشال حاجّي جورجيو ومالك مروة وعلي الأمين ولقمان سليم ومصطفى فحص ويوسف بزّي.. اضافة الى إعلاميات وإعلاميّين وناشطات وناشطين.. أمثال نادين سلام وسارة عسّاف وميشال تويني وكريم حمادة وبولا يعقوبيان وهبة حنينة ونديم قطيش.. وهذه عيّنة في حدود معرفتي المتواضعة.. فالقائمة تطول من أسماء لشابات وشباب.. ناشطات وناشطين.. يرفضون من عدميّة الاصطفاف بين 8 و14 آذار وعدم وجود أفق سياسي أو وطني لهذا الانقسام.. ويبحثون عن أفق وطنيّ حقيقي يأخذ البلاد نحو دولة مدنيّة حديثة.. ونحو رئيسٍ جديد وطبقة سياسيّة جديدة..