وسط العواصف المندلعة في المنطقة، يجهد رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط في تلمس مكامن الخطر ويحاول اعتلام نقطة الامان التي من خلالها تتموضع امكانية خلاص البلد الصغير بشكل عام والدروز بشكل خاص على حدّ قول مصادر مقربة من جنبلاط في ظل ضبابية الاجواء والسطحية القاتلة لبعض اللاعبين على الحلبة المحلية، ويوجه جنبلاط رسائله الى من يعنيهم الامر على الرغم من معرفته المسبقة بأن لا حياة لمن ينادي ومن زاوية «اللهم اشهد اني قد بلغت»، فالزعيم الاشتراكي يرى ان الملف الرئاسي اللبناني قد «تخطى الحدود واصبحت تعقيداته وتشابكاته تبدأ في الموصل ولا تنتهي في دمشق»، الا ان الفراغ برأيه في سدة الرئاسة لا يعفي المسؤولين من تسيير شؤون البلاد والعباد في الامور الاجتماعية والاقتصادية منعاً لانفجار الاوضاع في ظل الشلل الذي يسود معظم المؤسسات والادارات العامة.
بمرارة وسخرية وشبه احباط يتناول جنبلاط المجريات في المنطقة تقول المصادر وانعكاساتها على الساحة المحلية الهشة والمكشوفة لا سيما ان «خلافة ابو بكر البغدادي ازالت اتفاقية «سايكس – بيكو» وازالت الحدود بين سوريا والعراق» معتبراً ان «المنطقة في طور التغيير وربما التقسيم» وان الخلاص يكمن في العروبة، وان مسببات البلاء وفق جنبلاط تكمن في اداء النظامين السوري والعراقي، وما يقض مضجعه اكثر من اي شيء ان يدفع الدروز الثمن من خلال زجهم في مشاريع الفتنة فجاء نداؤه الى دروز جبل الشيخ ليطرح الكثير من علامات الاستفهام حول ما يتوافر لدى الزعيم الجنبلاطي من معلومات متهما النظام السوري بالعمل على زرع الفتنة بين البلدات الدرزية وبلدات من الطوائف الاخرى في المقلب السوري لجبل الشيخ، خصوصاً ان بلدة «مضر» لم تسلم من تركيز الهجمات عليها من قبل «جبهة النصرة»، وعلى الرغم من تشكيك جنبلاط في الدور السوري، الا انه لم يرتح اطلاقاً تضيف المصادر الى المحاولة الاسرائيلية لبناء «جدار طيب» على الحدود في الجولان السوري المحتل.
وتشير المصادر الى ان الدور الذي يؤديه منذر الصفدي المعروف بـ«ماندي» وهو درزي يحمل الجنسية الاسرائىلية يقلق جنبلاط، كون الرجل مرتبطاً بـ«الموساد» مباشرة، ومكلف من قبل العدو الاسرائيلي تغذية نظرية الدولة الدرزية من جبل العرب الى جبل لبنان الدرزي، وكان سبق له محاولة انشاء اذاعة في جبل الشيخ على غرار «اذاعة لحد» ابان الاحتلال الاسرائيلي للجنوب الا ان الامر فشل لاسباب ليست معروفة حتى الآن، وبقدر ما يقلق جنبلاط وقوف الدروز الى جانب النظام السوري، فهو يخشى من الدور الاسرائيلي على الساحة الدرزية في الجولان السوري لا سيما انه خَبِر الدهاء اليهودي ابان الاجتياح والدور الذي أدّاه في اشعال حروب التهجير في الجبل والتي لم يختم جرحها الا بجهد جهيد بعدما طويت «بريح» الصفحة الاخيرة في كتاب الحروب العبثية في نهاية ولاية الرئىس ميشال سليمان.
وتضيف الاوساط ان جنبلاط يعيش كوابيس لعبة الامم حيث لا مكان فيها الا للمصالح الاميركية ـ الاسرائيلية، وانه حاول من خلال زياراته الى عواصم القرار استشراف النتائج الا ان محاولاته لم تصل الى ما ينشد، واذا كان قد هاجم في السابق بعض الدروز في «جامعة جورج تاون» وشكك في طروحاتهم، الا انه ارسل نجله تيمور لحضور المؤتمر الدرزي الاميركي الذي عقد في لوس انجلس والقى كلمة جنبلاط في المؤتمر مفوض الاعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس، ولعل اللافت ان الوفد الاشتراكي حل ضيفاً على مائدة جيفري فيلتمان نائب امين عام الامم المتحدة الذي تربطه صداقة متينة بجنبلاط، كما التقى تيمور حازم الشهابي نجل حكمت الشهابي الذي ينزله جنبلاط بمنزلة الوالد ما يشير الى ان جنبلاط بدأ بنقل مسؤولياته الى نجله تيمور الذي كلفه ملف علاقاته مع السعودية الى جانب الوزير وائل ابو فاعور.