IMLebanon

نصائح بري للجنرال: تعبيد طريق بعبدا.. يحتاج للمختارة

بين الإثم وحسن الفطن وإرث عون

نصائح بري للجنرال: تعبيد طريق بعبدا.. يحتاج للمختارة

تأخرت زيارة النائب العماد ميشال عون الى الرئيس نبيه بري. لكن على ما يقولون في اوساط «التيار الوطني الحر» و«حركة امل» ان «تأتي متأخرا خير من الا تأتي ابدا»، فقد كان من الممكن، والمرجح، الا تأتي لولا استحقاق الرئاسة والشغور وما تفرع عنهما من تداعيات. لذا توازى الاهتمام باللقاء شكلا، على قدر الاهتمام بمضامينه وما رشح عنه او تم التطرق اليه.

ترتاح قيادات «8 آذار» وجمهورها الى تلاقي الرجلين. غياب الكيمياء بينهما مربك، خصوصا لـ«حزب الله». فرئيس المجلس النيابي ليس حليفا استراتيجيا وتكتيكيا فقط، ولا هو سند سياسي فقط، ولا حتى حامي الاستقرار داخل «البيئة الشيعية» فقط. نبيه بري من قلة من السياسيين الذين يعرفون البلد واهله وتركيبته وصيغته، وصولا الى فذلكاته وألاعيبه ودروبه المتعرجة. ساهمت اقامته المديدة في رئاسة المجلس في إسباغ صفة «الشطارة» عليه معطوفا عليها صيت اخراج «الأرانب» من قبعاته المتعددة الأشكال والألوان والأحجام ، بحسب مقتضيات المناسبة.

لذا ترتاح «قوى 8 آذار» الى ان تكون العلاقة بين الرجلين مقبولة، في حدها الادنى. في المقلب «العوني»، لا يمكن الحديث عن اعجاب شديد برئيس المجلس. لا يقتصر الامر على الجنرال وحده، وقد عبر صراحة في اكثر من مناسبة عن ضيقه من أداء «حليف الحليف». غالبا ما تم التسويق في اوساط «التيار الوطني الحر» لصورة بري ومعه «حركة امل»، على انها شبيهة بصورة سمير جعجع ومعه «القوات اللبنانية»، ووليد جنبلاط ومعه «الحزب التقدمي الاشتراكي». صورة «تؤبلس»هؤلاء بصفتهم امراء حرب، وتنظر بفوقية الى احزابهم التي تعكس صورة قاتمة عن الأداء السياسي في نظر «العونيين»، مقابل صورة عن النفس مترفعة و«طاهرة»، لا يشبهها الا «حزب الله» بعد ان صار حليفا.

لم تغير مشاركة «العونيين» في السلطة نظرتهم لأنفسهم وللآخرين ولا احكامهم المطلقة والمسبقة. لم يتوقفوا عند اي مراجعة، لا في اختيار ممثليهم ولا في ادائهم، سواء في مجلس النواب او الوزراء. تغاضوا عن الديموقراطية الحزبية. اهملوا مبدأ المساءلة والمحاسبة وسؤالهم الأحب من اين لك هذا؟. تغاضوا حتى عن المحسوبيات العائلية، بعد ان تراجعوا في محطات كثيرة عن خطاب وطني عابر للطوائف ادعوا لفترة احتكاره.

لا شك ان عون في زيارته الى بري لم يحمل معه كل هذا الإرث، لكنه لم يكن متخففا منه. فالضرورات الرئاسية أباحت ما كان من المحظورات السياسية. في عرف مقربين من الرئيس بري ان «خطوة عون جاءت متأخرة، لكن الجنرال مرحب به دائما». لا يريد هؤلاء اي تشويش على الزيارة، «لكن ذلك لا يمنع من كلام في المبدأ، وعلى هامش الالعاب السياسية» كما يقولون. يسألون «كيف يمكن لأي طامح لرئاسة الجمهورية ان يسقط من حساباته التوافق مع رئيس المجلس. هذا خطأ في السياسة وفي توازناتها، كما في ادارة المعركة الرئاسية»..

لم يقل هؤلاء كل ما يعتمر في الصدور. فاكتفاء عون بعلاقته الجيدة مع «حزب الله» والتعاطي بفوقية مع سائر الحلفاء المفترضين في «8 آذار»، وسّع دائرة «الاخوة ـ الخصوم»، كي لا يقال الاعداء، في محيطه السياسي. انتظر بري ان يكتشف عون لوحده حاجته اليه في سعيه لبلوغ هدفه الرئاسي. تأخر عون، لكنه في المحصلة حضر الى عين التينة. استقــبله بري بحــفاوة محــاولا فرض جو من الالفة والود. مارس دوره المفضل كعرّاب وناصح. اقترح على الجنرال سلــوك طريق المخــتارة تعبيدا لطريقه الى بعبدا. نصحه الا يعوّل كثيرا على جواب الرئيس سعد الحريري ودعمه لرئاسة الجمهورية. صارح بري عون بأن تعطــيل عمل المجلس النيابي وعمل الحكومة لا ينعكس شللا على الدولة ومؤسساتها فقط، انما ستكون له تداعيات سلبية على مساره نحو رئاسة الجمهورية.

خرج عون من لقاء بري وفي ظنه ربما انه خطا خطوة اضافية في الطريق الى «قصر الشعب». اما ظنون بري، بعضها إثم.. وبعضها من حسن الفطن.