وسط الجمود الذي عاد يحكم المساعي السياسية والحكومية والنيابية لايجاد الآليات التي من شأنها ان توقف حرب العض على الاصابع، التي قيدت جلسات مجلسي النواب والوزراء، تراجعت الرهانات على نجاح هذه المساعي قبل موعدي الجلستين المحددتين لمجلس النواب الاثنين والثلثاء المقبلين، علما ان الجلسة الاولى مخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية والثانية لاستكمال مناقشة ملف سلسلة الرتب والرواتب.
ومع ذلك، اكتسبت المواقف التي عبّر عنها الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مساء امس دلالات بارزة، وخصوصا من حيث تحديده اتجاهات حيال مسائل حساسة اثارت اصداء سياسية واسعة في الفترة الاخيرة ومن أبرزها مسألة المثالثة، بالاضافة الى مواقف الحزب من الاستحقاق الرئاسي وسلسلة الرتب والرواتب ونتائج الانتخابات الرئاسية في سوريا.
واسترعت انتباه المراقبين اثارة نصرالله في كلمته المعدة التي القاها في مناسبة احياء اسبوع الشيخ مصطفى قصير موضوع المثالثة من باب نفي الاتهامات الموجهة الى “الثنائي الشيعي” بالسعي الى تحقيقها. وقال في هذا السياق: “هناك من يحاول القول اننا نعطل الانتخابات الرئاسية لاننا نريد الوصول الى المثالثة وهذا الاتهام لا أساس له”. وأوضح ان “أول من طرح المثالثة هم الفرنسيون، اذ ان وفدا منهم زار طهران وطرح ان اتفاق الطائف لم يعد صالحا وما رأيكم باتفاق جديد على أساس المثالثة. طبعا الايرانيون رفضوا”. وأضاف: “نحن خارج المثالثة ولم نفكر في هذا الامر ولم نطالب به ولا نسعى اليه”.
أما في موضوع الاستحقاق الرئاسي فدعا نصرالله الى “جهود داخلية متعددة الطرف للوصول الى النهاية المطلوبة”، لافتا الى ان “الخارج مش فاضي للبنانيين وهذا الخارج يقول كل يوم انه لا يريد التدخل فلماذا تنتظرون الخارج؟”. كما دعا الى عدم انتظار مستقبل العلاقات الايرانية – السعودية “ولا المفاوضات بينهما”، لافتا الى ان “لا موعد قريبا لذلك، ثم من قال ان الملف اللبناني سيكون موضع تفاوض ايراني – سعودي؟”. وحض الفريق الآخر على “القبول بالشخصية المسيحية الاقوى”، قائلاً: “معروف من يمنع وصول الاقوى”.
وتعليقاً على مواقف نصرالله في الموضوع الرئاسي، قالت مصادر في حزب “القوات اللبنانية” إن “الكلام على المرشح المسيحي القوي هو أمر جيد، لكن المسيحي القوي الذي يحمل مشروعاً هو أكثر جودة، ونوافق تماما على أن تكون الانتخابات لبنانية مئة في المئة، فليشارك في تأمين النصاب مع الفريق الذي يمون عليه ولا سيما من “التيار الوطني الحر”، وإلا فإنه يكون مستمراً في تعطيل الانتخابات الرئاسية والخروج على أسس الديموقراطية”.
وكان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي جدد مطالبته النواب امس بانتخاب رئيس للجمهورية “لوقف الانتهاك الصارخ للدستور والميثاق”، وقال: “لا يجوز الاستمرار في التفكير بماذا سنعطي الحكومة صلاحيات وكيف ستمارس هذه الصلاحيات كأن لا رئيس للجمهورية على المدى الطويل فهذا انتهاك للميثاق الوطني وتغييب للعنصر المكون الرئيسي الماروني”.
وتحدثت مصادر ديبلوماسية أمس عن رفض دولي لإجراء الانتخابات النيابية قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وأن البطريرك الراعي توافق مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال لقائهما في مطرانية بيروت المارونية الأربعاء الماضي على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت. وأضافت المصادر أن معطيات ديبلوماسية لدى وزارات خارجية بريطانيا وفرنسا ومصر والسعودية باتت تحملها على اعتبار مواقف رئيس “تكتل التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون في الموضوع الرئاسي عقبة يتوجب التوصل إلى حل لها، وأن وزير الخارجية جبران باسيل سيتبلغ هذا الرأي البريطاني لدى زيارته لندن للمشاركة في مؤتمر خلال الأيام المقبلة.
في غضون ذلك، أبلغ وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية نبيل دو فريج “النهار” انه لم تطرأ معطيات جديدة في شأن عقد جلسة لمجلس الوزراء بناء على دعوة يوجهها الرئيس تمام سلام وهذا ما يرجئ الامر الى الاثنين المقبل. وفي شأن جلسة مجلس النواب المتعلقة بسلسلة الرتب والرواتب الثلثاء المقبل، خالف دو فريج موقف زميله وزير المال علي حسن خليل الذي استبعد أي اجتماع تحضيري للجلسة من طريق اللجنة الفرعية، فدعا الى اجتماع لهذه اللجنة برئاسة الرئيس نبيه بري وحضور وزير المال الذي لديه كل المعطيات المالية وكذلك حضور ممثلي جميع الكتل ومنها كتلة “الوفاء للمقاومة” من أجل ايجاد تصور توافقي يسلك طريقه الى الهيئة العامة بدل الذهاب الى الجلسة من دون تصور مشترك مما يضع الموضوع في مهب المزايدات.
800 مليون دولار
ووسط الشلل الذي يحكم عمل المؤسسات، كشفت مصادر وزارية لـ”النهار” ان لبنان سيواجه استحقاق إيفاء خدمة دين بقيمة 800 مليون دولار في الاول من تموز المقبل وهذا يتطلب تشريعا عبر مشروع قانون من الحكومة يرسل الى مجلس النواب لفتح اعتماد باليوروبوند لايفاء هذا الدين، والا فإن لبنان سيتحمل رفع الفائدة الى 20 في المئة وذلك للمرة الاولى في تاريخه.
ريفي
على صعيد آخر، طمأن وزير العدل أشرف ريفي عبر “النهار” الى ان الاستقرار الامني في لبنان هو نقطة التقاء للجهود الداخلية والخارجية. وكشف عن حوار جرى بينه وبين المسؤولين الكويتيين في آخر زيارة قام بها لدولة الكويت قبل ايام. فقد استفسر هؤلاء المسؤولون عن الاوضاع في لبنان كي يتخذوا قرارا بسفر مواطنيهم اليه لتمضية اجازة الصيف، فأكد لهم ان الاستقرار الامني ثابت. وبناء على هذه المعطيات ارتفع عدد الرحلات الجوية من الكويت الى لبنان من ثلاث الى سبع يوميا.
ويشار اخيراً الى انه في اطار نفض غبار الاحداث عن طرابلس أطلق “تيار المستقبل” امس مشروع اعادة اعمار وترميم شارع سوريا عبر هبة قدمها الرئيس سعد الحريري.