التطورات تتجه الى تصعيد. ليس ما يوحي بأنّ ثمة تقاطع مصالح للتهدئة، أو أقله لتوقف «داعش» عن وحشيتها.
العنصر الإيجابي الوحيد، هو الوعي عند اللبنانيين. عند أهالي العسكريين المظلومين والمقهورين. فالكلام الذي سمعناه من أهل الشهيد علي السيد ومن أهل الشهيد عباس مدلج يكشف كم أن هذا الشعب اللبناني يختزن من القيم الإنسانية والوطنية في أعماقه.
الكلام الذي أدلى به والد الشهيد علي، المسلم السنّي، والكلام الذي أدلى به والد الشهيد عباس، المسلم الشيعي يؤكدان على أن اللبنانيين الطيبين بعيدون جداً عن هذا الصراع الطائفي – المذهبي المقيت العاصف في المنطقة.
ولكن إلى أي مدى تبقى الطيبة والأصالة قادرتين على الصمود في وجه مغريات الفتنة؟ إلى أي مدى تصمد المناعة الوطنية والإنسانية أمام هذا الدفق من الخبث والإجرام والجنون والفظاعات؟
من هنا نحذّر من أنّ التطورات تتجه الى تصعيد نخشى أن يكون كبيراً، ما دامت داعش تحمل الساطور والسكين لتجز الرقاب، رقاب الأبرياء، ورقاب أصحاب الرأي الآخر. ولا نقول الدين الآخر لأنه ليس لداعش دين سوى الوحشية والتخلف والظلامية.
إن ما تُقْدِم عليه داعش في حق جنود الجيش اللبناني من إرتكابات فظيعة هدفه واضح وهو إستدراج اللبنانيين الى آتون الفتنة السنية – الشيعية… ولكن الخميرة الصالحة في قلوب اللبنانيين مازالت تصد هذا المخطط الوحشي… إلاّ أن هذا لن يدوم الى الأبد. لذلك نحث على الآتي:
أولاً- مواصلة الدولة اللبنانية سياسة التفاوض غير المباشر، والتأكد من أنّ هناك أصحاب «مونة» حقيقيين دوليين على داعش، وبالتالي تحميلهم مسؤولية معنوية (على الأقل) عن أعمال هذا التنظيم الإرهابي.
ثانياً – تعميم الكلام الذي أدلى به والدا الشهيدين في عكار وفي البقاع كونه أفضل سبيل الى تمتين أواصر الوحدة الوطنية، والولاء للوطن، ووأد الفتنة.
ثالثاً – قمع (أجل! قمع!) كل صوت داعشي يصدر في لبنان كائناً من يكون المتكلم، سواء أكان لبنانياً، أم فلسطينياً يعيش في عين الحلوة وسواه، أم سورياً نازحاً خصوصاً حيث لا ضرورة للنزوح.
رابعاً – تعزيز مواقع الجيش المتقدمة على «حدود» داعش سواء أكان في جرود عرسال أم في سواها حتى لا تتكرر المأساة التي جرت أخيراً وأدت الى سقوط الشهداء والجرحى واختطاف الكثيرين.
خامساً – التنبه، منذ اليوم، لخطر ازدياد النزوح السوري بما فيه «نزوح» داعش، الى منطقة عرسال وسواها إذا ما نفذ التحالف الدولي ضربات ضدّ هذا التنظيم الإرهابي المجرم… فيصبح عندنا «داعش لاند»… ونحن الذين ذقنا المر والأشد مرارة جراء قيام «فتح لاند» في ستينات القرن الماضي.. ما لا تزال داعياته ضاربة في كيان هذا الوطن حتى الآن!