IMLebanon

نصيحة «إصلاحية» للسوريين: لا تلدوا!

فاق عدد النازحين السوريين المليون و300 ألف، بما يساوي 35 بالمئة من عدد اللبنانيين. هل الأمر مفاجئ؟ هل يستدعي ذلك مؤتمراً جديداً لإعلان التعبئة العامة ضد «آفة» النزوح. أرقام ثم أرقام تتردد على مسامع اللبنانيين. مخيفة، كارثية، مأساوية.. ولكن من يسمعها، لن يغير في حياته شيئا بمقدار ارتفاع منسوب كراهيته وعنصريته للسوريين. هل هذا هو المطلوب؟ نستنفر الناس ونجيّشهم، ثم نحذر من فتنة بين شعبين شقيقين؟

بحث الوزير الاصلاحي ـ السيادي في مستشفيات العاصمة، فإذ به يكتشف أن عدد الولادات السورية في أحدها وصل إلى 80 ولادة من أصل 120. تلقف الرقم فرحاً بإنجازه، وقرر، مثل أي مسؤول شفّاف، أن يجول به، على الهواء مباشرة، على كل اللبنانيين ساعياً إلى إيقاظهم من كبوتهم. ولكن، هل هذه الأرقام صحيحة؟ وإذ كانت كذلك، فهل هي تعبر عن واقع النزوح فعلاً؟

مهلاً، هل قال معالي الوزير إن «تكرار الولادة في لبنان للشخص نفسه لا يدل على النزوح»؟. نعم قالها. ما عليه إذاً إلا أن يقترح إضافة أدوية منع الحمل إلى المساعدات التي يحصل عليها النازحون.. والتي «تأخذها بعض العائلات إلى سوريا»، كما أعلن. للمناسبة، هل يمكن أن يكلف «وزير الوزراء» أحدهم بإحصاء عدد الولادات اللبنانية أيام الحرب الأهلية؟ ماذا لو تبين له أن جيلاً كاملاً ولد في الملاجئ.. أو بين دورة عنف وأخرى. ماذا سيقول عن اخوته أو عن زوجته أو عن اقارب له ولدوا في الشام أو باريس أو في إحدى جهات الأرض؟

خبر عاجل: تبين بالدليل العملي أن النازحين يشاركون اللبنانيين الهواء الذي يتنفسونه. يأخذون حصة الأسد منه.. ويركزون على الأوكسجين تحديداً. تلك مصيبة تستدعي خطة طوارئ أيضاً.

لم يقل الوزير ما سبق، لكنه قال إن عدد التلامذة السوريين يفوق عدد اللبنانيين بحسب إحصاءات وزارة التربية. قال أيضاَ إن الكثافة السكانية في الكيلومتر المربع الواحد وصلت إلى 520 نسمة بدل 370.

«الملفات الشعبية» في يد «الوزير الرحالة» قليلة. ليس سلاح «حزب الله» مادة يستطيع استغلالها ولا مبرر للدخول إلى الملف الفلسطيني.. وحدهم السوريون ومآسيهم يشكلون مادة دسمة لخطاب «مربح» شعبياً وانتخابياً وطائفياً. هل انتبهتم أن فادي كرم نائب «القوات» في الكورة أول المرحبين؟

تنازع الصلاحيات واضح.. ثمة وزير قرر تبني ملف ليست وزارته المعنية الأولى فيه، لاعتقاده أن النزوح يشكل خطراً على طائفته فقط.. وليتنح الآخرون، من نهاد المشنوق الى رشيد درباس!

القيمة المضافة في خطاب الوزير السيادي، أنه في حضرة الخطاب العنصري، يبدو غزيرا الى حد الاطاحة بضوابط الحد الأدنى. هنا يصبح السؤال: ما هي تداعيات مؤتمر يخصص لشحن النفوس إلا ضرب السكاكين فور انتهائه؟.

لا أحد يشكك بخطورة الأزمة الناتجة عن النزوح، لكن أحداً لن يصدق أن الحلول مستعصية. الحكومة السابقة، كما الحالية، متفقتان على إنشاء المخيمات في المنطقة العازلة على الحدود. مع ذلك، يأتي من يحذر من إنشاء مخيمات في الأراضي اللبنانية. لماذا؟ لأنها ستنشئ واقعاً جديداً يحول هذه المخيمات إلى بلدات تضم نحو عشرة آلاف نازح.. هذا رقم كبير يفوق عدد سكان بلدتي البترون وتنورين تحديداً.. وبلدات كثيرة في جبل لبنان والجنوب والشمال.. «ذلك أمر نعرف أين يبدأ ونعرف أين ينتهي».

فزاعة التوطين تستعمل مرة جديدة في الحروب السياسية. شكل الفلسطينيون وقوداً لعشرات السنين ثم جاء دور السوريين.. أما من كان جد أجداده لبنانياً في يوم من الأيام، فهذا يستحق التوطين والتوسل إليه للقبول بالهوية اللبنانية تقديراً للموسيقى المنبعثة من اسمه القادر على تعديل كفة الميزان الطائفي. يشهد على ذلك «اللبنانيون الأصيلون» غابريال شليطا وروبرتو دواليبي وروبنز ماركو وغوستافو شكر. للمناسبة، من هم هؤلاء؟