IMLebanon

نقاش معلّق.. في البيت الأرثوذكسي

بمراجعة كل الروايات التي نشرت حول مسلسل خطف راهبات معلولا والإفراج عنهن في آذار الماضي، لا يُعثر على دور للكنيسة الأرثوذكسية، أمّ الراهبات الأرثوذكسيات، في ملف تجتمع فيه عوامل الطائفة والسياسة والإرهاب والمصالح على أنواعها. وإذا تم استعراض ملف المطرانين، مطراني حلب للسريان الأرثوذكس يوحنا إبراهيم وللروم الأرثوذكس بولس يازجي، يصدم صمت البطريرك يوحنا العاشر المطبق.

صمت ظنّه كثيرون أنه «يهدف الى اتاحة الفرصة لجهود الوسطاء من أجل التوصل إلى نهاية سعيدة للملف»، لكن الوقت كان كفيلاً بتبيان العكس، على الاقل من وجهة نظر مرجعية أرثوذكسية متابعة. حتى أن الدوائر الفاتيكانية سبقت رأس الكنيسة الأرثوذكسية في أنطاكيا وسائر المشرق في هذا الميدان، مطلقة صرخة مدوية للتحرك. أكثر من ذلك، في المهرجان الذي دعا إليه «اللقاء الأرثوذكسي» في ذكرى مرور سنة على اختطاف المطرانين في 11 آذار الماضي، لم ترسل البطريركية أي ممثل عنها. وكان جواب مطران بيروت الياس عودة لأمين عام اللقاء مروان أبو فاضل التالي: «لا يمكنني أن أشارك أو أن أرسل من يمثلني لأنني سأضطر للقيام بذلك مع كل مؤتمر من هذا النوع».

سال حبر كثير عن «وكلاء التفليسة». انه التعبير الذي يطلقه غيارى أرثوذكس على رعاة طائفتهم، أي «المطارنة المتنازلين عن دورهم او المطلوب منهم التنازل». في البيت الأرثوذكسي ايضا لا دور للعلمانيين على حد سواء. في أحاديث الصالونات، لا يسلم مطارنة من اتهامات بالفساد والمسلكيات الاخلاقية والتربع على عروش مذهّبة لا تمت بصلة لصليب التواضع والمحبة. «انهم للأسف يعلمون ماذا يفعلون»، يقول أب أرثوذكسي.

تلفت الباحثة سعاد أبو الروس سليم، عن «الكنيسة الارثوذكسية بعد انحلال الدولة العثمانية والامبراطورية الروسية»، في محاضرة نظمها «اللقاء الأرثوذكسي» قبل فترة، النظر لعبارة تشير إلى سعة الهوة بين الأمس واليوم. في رأيها أن «النهضة الأرثوذكسية بدأت مع انطلاق حركة الشبيبة الأرثوذكسية وموقف الأرثوذكس من الحرب اللبنانية وهجرتهم الداخلية التي أدت إلى بناء كنائس ومؤسسات في مناطق لم يكن لهم فيها وجود منظم قبل الحرب»، مشيرة إلى مواقفهم من أمور وطنية أساسية، مثل رفض التقسيم ومد جسور الحوار الداخلي مع مختلف الأطياف والأفرقاء اللبنانيين. لكنها تلفت الى «ان تراجع عددهم لم يمنعهم من أن يكونوا قوة نخبوية فاعلة في المجتمع اقتصاديا وثقافيا وسياسياً، فكان الأرثوذكسي شارل دباس أول رئيس للجمهورية اللبنانية في عهد الانتداب». فضلاً عن «موجات الهجرة الأرثوذكسية من مناطق مختلفة في الشرق الأوسط إلى لبنان وما نتج عنها من بناء مدارس وكنائس وإنشاء جمعيات، وعن الحوار الذي أجروه مع البروتستانت والكاثوليك وعن دورهم في التحرر من الانتداب الفرنسي ودورهم في إنشاء أحزاب سياسية لا طائفية كانوا يعتبرونها الوسيلة الصحيحة لصناعة السياسة».

ينحدر المشهد الارثوذكسي في ايقاع «غير مستقيم»، بحسب مرجعية أرثوذكسية تستغرب تحركات غبطته. «لا نفهم الاهداف من الزيارات الخارجية التي قام بها البطريرك يازجي ولا المغزى منها ولا نتائجها، وهذا امر غير مطمئن وكأن البطريرك يعيش في جزيرة لوحده».

لم يرشح الكثير عن زيارة البطريرك اليازجي الى الخليج منذ مدة، ما خلا البيانات الصحافية. «لا احد يعرف ماذا يفعل البطريرك في كل تحركاته وما الجدوى منها ولا حتى اهدافها، فالشفافية غائبة كليا» تقول المرجعية نفسها متوقفة عند المؤتمر الذي تنظمه البطريركية في 26 الجاري. تقول: «اي مؤتمر ارثوذكسي يعقد يجب ان تتمثل فيه الابرشيات ونخشى من ان تكون النية البطريركية تقتصر فقط على تأمين غطاء لتبرير دور معين لكيان محدود في الطائفة تهواه البطريركية نفسها». وأردفت متوجهة الى اليازجي: «لا تحمّل نفسك ما تهوى وعد الى الابرشيات وابحث عمن يمثلهم، وليكن اي مؤتمر تدعو اليه انما يضع نصب عينيه الهدف المحدد بإعادة انتاج دور الطائفة، الذي يكاد ينقرض، الى موقعه الطبيعي».