IMLebanon

نماذج الفلَتان السياسي في شوائب ملفّ الجامعة هل مَن يجرؤ على رفع الظلم وتصحيح الخطأ؟

عشية جلسة مجلس الوزراء التي نوقش خلالها ملف تفرغ أساتذة الجامعة اللبنانية، رد وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب عبر “النهار” على منتقدي الملف، ولا سيما عدد المرشحين للتفرغ، وهو 1213. وقال: “نحن في حاجة الى عدد أكبر”. ومما قاله ايضا إنه لا يستبعد احتمال وجود ثغرات في هذا الملف، ضاربا مثلا أن “أحدهم ربما يكون قد قدم شهادة مزورة في ملفه”، ولافتا الى انه “في حالة كهذه تكون الكلمة الفصل للقضاء”، ومتعهدا باعطاء كل ذي حق حقه وبإنصاف مستحقي التفرغ. ولكن يبدو أن الرياح جرت عكس ما تعهد به الوزير أو ما يشتهيه… فمنذ نشر لوائح أسماء مَن شملهم قرار التفرغ، بدأت تتكشف عورات كثيرة شابت هذا الملف الكبير، سواء لجهة عدم اكتمال الشروط القانونية المطلوبة عند بعض مَن شملهم القرار، او لجهة حرمان عدد من أصحاب الملفات المكتملة الشروط للتفرّغ لأسباب لا تزال مجهولة، ولعل أقلها، في حال افتراض حسن النية أن الملفات ضاعت أو اختفت بسحر ساحر! وثمة عيّنات من هؤلاء يعرفها مَن تربطه ببعضهم صلة صداقة او من تابع هذا الملف، وتشهد السيرة الذاتية لكل منهم بنيل شهادة الدكتوراه بدرجة “مشرف جدا” (Mention très honorable) ومن أعرق الجامعات الاوروبية. فمن يتحمل مسؤولية الظلم اللاحق بهؤلاء؟

هذا السؤال طرحه أمس في مجلس خاص، مرجع سياسي وهو يمسك بالسيرة الذاتية لأحدهم وقد جاءه شاكيا، وقال: “تلك عيّنة من أسباب التراجع والهبوط في مستوى المؤسسات وفي أداء القيّمين عليها، فكيف اذا كانت المؤسسة هي الجامعة الوطنية؟”

وقد روى للمرجع – وهو رئيس سابق للحكومة – أحد أصدقائه انه ذات يوم من زمن الوصاية طلب منه ضابط مخابرات كان ذائع الصيت وذا النفوذ الواسع، التدخل مع عميد احدى الكليات دعما لشقيقه المسجّل فيها.

وبالامس القريب، عندما كان رئيس مجلس الوزراء تمام سلام يجري اتصالات ببعض رؤساء الكتل النيابية والحزبية، بهدف إزالة العراقيل التي تعترض تعيين مجلس العمداء في الجامعة اللبنانية، سمع زواره “كلاما كبيرا” عما آلت اليه الاوضاع فيها وعن “حال الفلتان” الذي تتخبط فيه… فماذا يقول سلام اليوم، يا ترى، بعدما انعكس الفلتان الذي أشار اليه ظلما على بعض مستحقي التفرغ، ودعما لبعض الاساتذة من غير مكتملي الشروط القانونية؟ فهل فعل الفلتان فعله؟ ومن المسؤول؟ من يرفع الظلم؟ ومن يتحمل مسؤولية قبول ملفات غير مكتملة الشروط؟ من يدقق في صحتها؟ هل هو “الالهام” الذي جعل الوزير يتحدث عن احتمال وجود تزوير او أنه كان يستند الى معلومات ما؟ في النهاية، هو مَن يتحمل المسؤولية المعنوية، وهو معنيّ بفتح تحقيق واسع النطاق بدءا برئاسة الجامعة ومجلسها، مرورا بمديري الفروع ورؤساء الاقسام فيها، لكشف التزوير في حال وجوده، ولرفع الظلم في حال وقوعه.

ثمة كلام كثير تناهى الى الاوساط السياسية حول الشوائب التي اعترت ملف تفرغ الاساتذة، ومنها، وفق مصادر في الجامعة اللبنانية:

أولا – هناك عدد من الاساتذة في كليات مختلفة ليس لديهم نصاب تدريس بالتعاقد، وهو ما يشكل مخالفة قانونية في قرار تفرغهم.

ثانيا – يلفت عمداء في بعض الكليات الى وجود أسماء في اللوائح التي تسلموها، لا يعرفون أصحابها وليست لديهم ساعات تدريس فيها، وقد أضيفت في الايام القليلة التي سبقت مناقشة ملف الاساتذة في مجلس الوزراء، بعدما زجّ الملف في البازار السياسي…

ثالثا – تم تفريغ أساتذة ليست لديهم عقود تدريس في الجامعة اللبنانية وآخرين ليس لديهم “نصاب تدريس” قانوني للعام الدراسي 2013 – 2014، كما تم تفريغ أساتذة في كليات لا تتلاءم مع اختصاصهم، وآخرين يعملون في جامعات خاصة وفي مؤسسات خارج لبنان، وآخرين لديهم “عقود مصالحة” وليست لديهم ساعات في عدد “نصاب التفرغ” ولم يمض على تعليمهم في الجامعة أكثر من سنة واحدة!

وأما الآلية التي اعتمدت في كل ذلك، فتندرج تحت عنوان “الواسطة”… من رئيس القسم الى مجلس الفرع فمجلس الكلية وصولا الى مجلس الجامعة…

وتكشف المصادر نفسها أن بعض العمداء ينوي طلب التدقيق في بعض الملفات والسؤال، على أي أساس أكاديمي تم تفريغهم في كليات لا يدرّسون فيها؟ وتقول إنه “في سياق متابعة ملف التفرغ تم تشكيل لجنة من أساتذة متعاقدين استثنوا من لائحة المتفرغين رغم استيفائهم الشروط القانونية، وبدأت التحرك ونقل بعض أعضائها عن وزير التربية ان هناك “ملحقا بالمظلومين سيتم رفعه الى مجلس الوزراء”.

هذه الوقائع تشكل كارثة في مؤسسة بحجم الجامعة اللبنانية، ليس على المستوى الشخصي لأي أستاذ مستحق لم يشمله قرار التفرغ، فمعظم الاساتذة يقولون: “صحتين على قلب المتفرغين”، بل لأنها غيض من فيض أسباب التراجع في مستوى المؤسسات والجامعة في طليعتها…

ويبقى السؤال: من المسؤول عن هذا الواقع؟ وهل من يجرؤ على رفع الظلم وتصحيح الخطأ في حال وقوعه؟