IMLebanon

نهاد المشنوق: حيث لا يجرؤ الآخرون

نهاد المشنوق بعد «الداخلية» غيره ما قبلها. «القبضاي بعقلاتو» يثير حلفاءه وزملاءه «الزرق» أكثر من خصومه: خشن، متعجرف، «صاحب مشروع»… و«يسوق» بسعد الحريري الى حيث لا يجرؤ الآخرون

أيام بعد تعيينه وزيراً للداخلية، وأثناء تفقّده شركة لتوزيع الغاز كانت مهددة بتفجير انتحاري، توجّه نهاد المشنوق، امام شاشات التلفزة، الى أحد مديري الشركة، التي قرّر الوزير إقفالها، بالقول: «إنت مش عارف حالك مع مين عمتحكي». يومها، أدرك كثيرون أن زمن «أبو ملحم» و«تبويس اللحى» الذي ميّز الوزارة في عهد سلفه مروان شربل، الآتي من عالم الأمن قد ولّى، ليحلّ مكانه زمن «القبضاي»، الآتي من عالم السياسة والاعلام.

تعيينه على رأس واحدة من أهم الوزارات السيادية ــــ الأمنية لم يثر حفيظة خصومه بالقدر نفسه الذي أثار من يفترض أنهم حلفاؤه و«أهل بيته». كثيرون من هؤلاء لا يخفون امتعاضهم، ويتحسّسون رؤوسهم، بعدما أثبت «صقر» المستقبل انه قادر على أن يكون ــــ عندما يشاء ــــ «حمامة وفاقية» بامتياز، وهي صفة تؤهله ليكون «مشروع رئيس حكومة» في ظل ابتعاد الشيخ سعد الحريري عن الساحة. «مشروع» كهذا كاف ليستجلب له عداء طامحين كثر، يرون أنهم الأحق بحمل لقب «الوكيل» في غياب «الأصيل».

منذ تولّيه الوزارة، أثار المشنوق، بمواقفه وخطواته وقراراته، إرباكاً ضمن المعادلة «المستقبلية، بعدما فتح خطوطاً مع كل الخصوم، من حزب الله الى التيار الوطني الحر وما بينهما، من دون أن يتخلّى عن انتقاداته لكل هؤلاء. لم يكن أحمد فتفت، لو كان محله، ليتخيّل في أسوأ كوابيسه ــــ أو ربما في أجمل أحلامه الوردية ــــ أن يدعو رئيس لجنة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا الى جلسة برئاسته يحضرها رؤساء الأجهزة الأمنية.

الممتعضون في تيار المستقبل يتهمونه بأنه «فاتح على حسابه»، وأنه «لا يتصرّف كوزير للداخلية، بل كمؤسس لمرحلة خلافة تمام سلام»، إذ إن «الاتصالات السياسية التي يجريها مع الحزب والتيار الوطني الحر، في مكان ما، ليست بتكليف من الشيخ سعد». «خطورة» المشنوق، كما يصفها «أصدقاؤه الخصوم»، في أنه «أكثر ذكاء من الوزير أشرف ريفي، وأكثر دهاء من فؤاد السنيورة. شخصيته طاغية. يتفوّق على ريفي ذي الخلفية العسكرية بحيثيته الفكرية، ويطغى على السنيورة لأنه أكثر إجادة منه للعبة الاعلامية». مقربون من الرجلين يعترفون بأن المشنوق «صار خصما لدوداً وعبئاً حقيقياً على المشروع السياسي» لكل منهما. مصدر مقرّب من السنيورة يقرّ بأن «الحظ أيضاً يلعب لمصلحة المشنوق. إذ إن هناك قراراً بالتهدئة وحفظ الاستقرار، يستفيد منه الرجل لإثبات نفسه، ليس على صعيد الأمن وحسب، بل في حفلة التذاكي المتبادلة بينه وبين حزب الله، حيث يعلم الطرفان بحاجة كل منهما إلى الآخر في السياسة والأمن». حتى الآن، في رأي هؤلاء، «يلعبها المشنوق كويس». فقد نالت وزارته حصّة الأسد من انجازات حكومة «المصلحة الوطنية، إذ عُيّن دفعة واحدة خمسة محافظين جدد لبيروت وعكار وجبل لبنان والجنوب وبعلبك الهرمل. وفي «عهده» نجح تنفيذ الخطة الامنية في الشمال والبقاع. وتوقف (؟) مسلسل التفجيرات.

زملاؤه يخشون خطورته: أذكى

من ريفي وأدهى

من السنيورة

في «مملكة» الداخلية، يبدو المشنوق بعيداً عن كل هذا الجو، أو متجاهلاً له. الرجل الذي يوصف بأنه «صاحب مبدأ لا صداقات دائمة ولا عداوات دائمة»، ينفي كل ما يحكى عن طموحه للقفز من قصر الصنائع الى تلة السرايا، ويؤكّد أن «تسميتي رئيساً للحكومة تعود فقط إلى الرئيس سعد الحريري»، الذي يعدّه «رئيس الحكومة الدائم في لبنان، بغض النظر عمن يشغل المنصب مكانه». يقول إن «حقّي وصلني» حين عاد إلى سرايا الصنائع وزيراً، بعدما خرج منها ــــ عندما كانت مقراً لرئاسة الحكومة ــــ منفياً لمدة خمس سنوات.

خصومه المستقبليون يأخذون عليه «خشونته في سلوكه، ولهجته الحادّة حدّ الاستفزاز، وتماديه حيث لا يجرؤ آخرون». يعيبون عليه احتكاره بعض القرارات، كإشراك وفيق صفا في اجتماع للأجهزة الأمنية في الداخلية، أو كاعتماده مقاربة جديدة لمسألة النازحين تكاد تتطابق مع نظرة الوزير جبران باسيل الى هذا الملف. يعترف أحد نواب المستقبل بأن «حضور صفا الاجتماع الامني مثّل لنا عقدة من قدرة المشنوق على إقناع الحريري بما يريده. ومن يعرف أن نهاد كان أحد منظمي زيارة الحريري المشؤومة إلى الشام، يعرف ما هو المقصود بهذا الكلام».

في المقابل، يقر المشنوق بأنه «شخصية مربِكة لحلفائي وخصومي»، لأنه «من الأشخاص الخارجين عن إطار المعتاد». من وجهة نظره، كل ما يقوم به هو الصواب لأنه يمارس عمله كرجل دولة لا كرجل للمستقبل داخل الحكومة. يرى أن موقف منتقديه في تيار المستقبل «طبيعي، لأنهم اعتادوا نهاد المشنوق شخصية معارضة من الدرجة الأولى، تتقدم الجميع في المواجهة. أما اليوم، فأنا وزير داخلية، أتحمل مسؤولية كل اللبنانيين، وفي ربط نزاع مع حزب الله». كل ما يُحكى لا يُصرف في رصيد المشنوق. الأهم عنده هو «الإنجازات الأمنية التي تتحقق في عهدي».

مع عون ضد جنبلاط!

تبدو لافتة حركة وزير الداخلية نهاد المشنوق في اتجاه الرابية، في ظل الانفتاح العوني ــــ المستقبلي الذي يعارضه كثيرون في تيار المستقبل، وفيما يتردّد أن المشنوق من «أكثر مشجعي الحريري على هذا الانفتاح»، ينقل أحد السياسيين عنه قوله في إحدى الجلسات إن «العلاقة مع الجنرال ميشال عون تفيد سعد الحريري أكثر من علاقته مع النائب وليد جنبلاط، وتحرره من هيمنة الأخير». وأضاف: «إذا كان جبران باسيل الى يميني ومحمد فنيش الى يساري، فلن أعود بحاجة إلى الأكسسوار»، في إشارة منه إلى الوزير وائل أبو فاعور. ينفي المشنوق هذا الكلام بشدة، مؤكداً أن «هذا ليس أسلوبي، والعلاقة التي تجمعني بوزراء جبهة النضال الوطني في الحكومة ممتازة»، لكن ذلك لا يلغي حقيقة ارتياحه للعلاقة مع عون، حتى إن هناك من يؤكد أنه ربما يكون النائب الوحيد في المستقبل الذي يُصوّت للجنرال في انتخابات الرئاسة.