IMLebanon

هذا اللبنان العجيب – الغريب؟!

 
ساعات معدودة انقضت على ثلاثة تفجيرات انتحارية في اقل من ثلاثة ايام، ثم عادت المناطق اللبنانية كافة الى ان تشهد  حركة سير وتنقل وكأن شيئا لم يحصل، الى درجة سمحت للمتنقلين بأن يمروا في الاماكن التي حصلت فيها الخروقات الامنية، ليس لمشاهدة ما خلفته التفجيرات، بل ربما للتأكيد ان المواطن العادي لم يتأثر بما حدث، كدليل على ان الحماية النفسية متوفرة للذين لم يطاولهم الاذى الجسدي، من غير حاجة لملازمة المنازل بمعزل عن الحركة التقليدية في الشوارع والمطاعم والمحال التجارية؟!

 

ومن ضمن ما تقدم، لوحظ ان حركة الطيران الى لبنان لم تتأثر سلبا بقدر ما سجلت حركة قدوم من دول عربية واجنبية، بما في ذلك حركة اقلاع وهبوط في مطار الشهيد رفيق الحريري، الى الحد الذي دفع البعض الى القول «ان اللبنانيين محميون بطبيعتهم اضافة الى الرعاية المتوفرة لهم من العناية الالهية، فضلا عما توفره اجهزة الدولة العسكرية والامنية من حماية  تقليدية من الواجب والضروري اخذها في الاعتبار  وهذا الاعتبار معمول به  على مدار الساعة، بدليل ما حصل في اعقاب حروب وصراعات داخلية استمرت لسنين طويلة من غير ان تسمح بابتعاد اللبنانيين عن بعضهم!

 

اننا في هذا الوقت بالذات «زمن مباريات كأس العالم في كرة القدم» لم يتغير توزع اللبنانيين في المطاعم والملاهي لمتابعة هذا المهرجان الرياضي العالمي، بالتزامن مع متابعتهم جديد الخروقات الامنية التي تركت بصماتها نسبيا على الحياة العامة، من دون ان تؤثر على مجريات الامور اليومية للمواطن اللبناني، خصوصا ان ما فاتهم في بعض الساعات الامنية الحرجة التي خضبت بعض المناطق المستهدفة بسيل من الدم اضافة الى الدمار الذي نجم عن التفجيرات الجانية اصبح في نـظر الكثيرين من الماضي!

 

صحيح ان الاطمئنان الى العناية الالهية وحده لا يفي بالغرض الوطني طالما ان ما يتعرض له لبنان من مشاكل لا طاقة لاي بلد على تحملها، باستثناء ما يمكن القول عن سنوات الحرب المدمرة التي حصدت الالاف من الشهداء من شيوخ ونساء واطفال، اضافة الى الالاف من الذين كانت لهم مشاركة مباشرة فيها، خصوصا ان الذين كانوا في صلب قتال المدن والشوارع لا يزالون يتذكرون بحسرة ما اقدموا عليه ترجمة لتوجههم الحزبي – السياسي والمذهبي، اضافة الى الذين غرقوا في متاهات لعبة الحرب وما فعلوه بحق بلدهم ومواطنيهم والعكس صحيح، طالما ان من ساهم في اللعبة الدامية لم يكن يعرف انه لا بد لكل شيء من نهاية تحتمها الطبيعة البشرية؟!

 

قد يكون النفس الحربي في لبنان، ناجم عن صراع مذهبي وسياسي، لكن هذا وحده لم يعط دلالات تحتم ابتعاد اللبنانيين عن بعضهم، بدليل العودة الى العيش المشترك وكأن لا حرب وقعت ولا قتال حصد الالاف من المقاتلين الذين عادت عوائلهم الى التلاقي متناسية عمق مآسي الحرب التي صبغت مناطق طويلة عريضة بالدم والدموع والدمار؟!

 

ومن ضمن الاخبار المطمئنة، ان الاجانب من غربيين وعرب لازموا فنادقهم ولم يغادروها كما ساد الظن، وهؤلاء عادوا الى التنقل اسوة باللبنانيين الذين لم تغلبهم التفجيرات، بقدر ما اوحت لهم انها مكتوبة عليهم، شرط ان يعرفوا كيفية تكتلهم في وحدة وطنية جامعة، تثبت للقاصي والداني انهم لن يتأثروا بما يستهدفهم من جرائم متنقلة، وهذا ما سبق القول عنه تكرارا انه من ضمن لزومية هذا اللبنان العجيب –  الغريب؟

 

حسنا فعل المسؤولون عندما امنوا نقلا مباشرا لمباريات كأس العالم في كرة القدم، نظرا لحاجة اللبناني العادي والسوبر الى ما يصرف عنه الهواجس الامنية، بما في ذلك الهواجس السياسية التي لم يتعلموا كيفية مواجهتها، مع العلم انها اصبحت من ضمن يومياتهم السلبية وهذا  معروف ومجرب ليس في لبنان فقط،  بل في مختلف انحاء العالم، الى الحد الذي يسمح بالقول ان الحماية النفسية تلازم اللبنانيين من لحظة ولادتهم وليس افضل من هكذا شعور انساني ووطني؟!