IMLebanon

هكذا أعلن لبنان «الجهاد» مع الأميركيين!

ساق بعض الأوساط السياسية والديبلوماسية اتهاماً مباشراً الى الحكومة اللبنانية بانضمامها في مؤتمر جدّة الى الحلف الدولي ضدّ «داعش» تماشياً مع الإرادة الأميركية التي شكّلت وقادت تحالفاً دولياً ضدّها. فهل مِن الخطأ القول أيضاً إنّ لبنان التزم في قراره دعوة «حزب الله» الى الجهاد في مواجهة «داعش»؟

لم يتأخّر لبنان بتوقيع وزير الخارجية جبران باسيل مقرّرات المؤتمر العربي – الأميركي – التركي الذي عقد في جدّة، في الإنضمام الى الحلف العربي – الدولي الجديد ضدّ «الدولة الإسلامية».

على رغم وقوعه في صف دول الجوار السوري مثل تركيا التي رفضت المشاركة في مثل هذا الحلف لأسباب لا يمكن الدخول فيها الآن، ارتضى وفي ظلّ غياب أيّ مقارنة بين قدرات البلدين الجارين لسوريا أن يكون شريكاً في الحرب على «داعش» على رغم التمايز الذي عبَّر عنه لبنان بين الدور القتالي الذي لا يتحمّله والأدوار الأخرى للحلف.

وهكذا تحوّل لبنان واحداً من منظومة الدول الأربعين التي جمعتها الإدارة الأميركية في أقلّ من ثلاثة اسابيع، وواحداً من عشر دول عربية في أقلّ من ثلاث ساعات.

لم يكن باسيل هذه المرة مضطراً في قراره الى مراجعة الحكومة التي تختصر في تركيبتها الحالية صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة، وهو المكلف دستورياً عقد المعاهدات والأحلاف الدولية ممثّلاً الدولة اللبنانية.

ولم ينتظر قرارها في هذا الشأن ولم يناقشه أحد في ما أقدم عليه. فالأجواء الحكومية، على رغم حجم الإنقسامات في صفوفها، أوحَت بما يكفي من الرضى بالإنضمام الى هذا الحلف طالما أنّ لبنان بات على لائحة ضحايا الإرهاب المتمثل بـ»داعش» ودفع ثمناً باهظاً من خيرة ضبّاطه وعسكريّيه في مواجهة عرسال، وما زال يدفع غالياً من من دماء ورؤوس عسكريّيه المخطوفين لديها الى أجلٍ غير مسمى.

وفي وقت اتّهمت أصوات سياسية محليّة لبنان بالإنضمام الى الحلف الأميركي في المنطقة، طرَحت أوساط سياسية وديبلوماسية أخرى نظرية مخالفة باعتبارها أنّ القرار حمّال أوجه. فقبل أن تُعلن اميركا عن قيام الحلف، كانت أطراف لبنانية يتقدّمها «حزب الله» وحلفاء سوريا في لبنان، يدعون الى التحالف ضد «داعش» بلوغاً الى تعميم الأمن الذاتي وتسليح اللبنانيين في المناطق القريبة من رقعة انتشار «داعش» وشبيهاتها، وصولاً الى العمق اللبناني على خلفية أنّها باتت تعيش بيننا. ولذلك، مِن غير المستغرب أن يكون لبنان قد لامس في قراره هذا مطالب «حزب الله» وطموحاته بالجهاد ضد «داعش» وإخراج لبنان من النأي بالنفس.

وعليه، توقّفت المراجع المعنية أمام اهمية الإنضمام الى هذا الحلف ليكون لبنان على الموجة الدولية في مرحلة هي الأخطر، خصوصاً أنّ كل القراءات والسيناريوهات الدولية تتحدّث عن مواجهة بعيدة المدى. فالحرب على «داعش سوريا» لديها خصوصياتها، والعالم الذي اختار مواجهتها لن يسمح بأن يكون النظام من المستفيدين، لذلك ستكون المقاربة مختلفة.

فالسعي الدولي الى إحياء المعارضة المعتدلة وتسليحها وتدريبها قد يطول بعدما تحوّلت اولى ضحايا «داعش» التي أطبقت على مصافي ومنابع الغاز والنفط والمطارات والقواعد العسكرية المهمة للنظام. أما وقد بات لبنان على خط الحلف الدولي، فمن حقّه الإفادة من كل أشكال الدعم التي سيحظى بها أعضاؤه عسكرياً ومالياً وديبلوماسياً وسياسياً.

من هنا يجب فهم ما يحدث الآن في لبنان، فالطائرات الأميركية التي تحمل الأعتدة والذخائر باتت في زيارات مكوكية الى بيروت، وها هي الإدارة الأميركية تُخصّص 500 مليون دولار للدول المتضرّرة من الأزمة السورية والتي تأوي اللاجئين، ولبنان في طليعتها وقد يتقدّم على ما عداه من دول الجوار السوري. وما على اللبنانيين إلّا أن يؤكدوا على ما جرى في جدة بـ «إعلان الجهاد» بـ «التعاون مع الأميركيين»!