IMLebanon

هكذا سقطت “المقايضة” المحظورة.. وبقيت الحكومة

معارك اللاعبين على حافة الهاوية

هكذا سقطت “المقايضة” المحظورة.. وبقيت الحكومة

كادت مقايضة الموقوفين الاسلاميين في سجن رومية بالعسكريين المخطوفين لدى تنظيم “داعش” و”جبهة النصرة” تقضي على حكومة تمام سلام.

ففكرة المقايضة التي تم التسويق لها من قبل بعض القوى المشاركة في الحكومة وكذلك بعض الاسلاميين “المتطوعين” كوسطاء مع المجموعات الارهابية، اشعلت في الايام القليلة الماضية معركة صامتة على الحلبة الحكومية، هددت، كما تقول مصادر واسعة الاطلاع، بانزلاق الأمور في البلد الى مخاطر حقيقية وجديّة على مصير التركيبة الحكومية ليس اقلها فرط الحكومة، مع ما يعني ذلك من دخول البلد في شلل حكومي بمدى زمني مفتوح يضاف الى الفراغ الرئاسي، ومن ثم الدخول بعد ذلك في متاهة الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس جديد للحكومة وعدم القدرة على اجرائها وبالتالي تعذر التكليف في غياب رئيس الجمهورية.. ما يعني الدخول في المجهول.

والخوف من هذا المجهول دفع وزيرا سياسيا الى وصف ما يجري بـ”حفلة جنون يقوم بها البعض من دون تقدير العواقب”، ودفع في الوقت ذاته مراجع سياسية رفيعة الى ان تطلق تحذيرا من مخاطر ما سمتها “لعبة حافة الهاوية” التي بدأها البعض في قوى “14 آذار”، سواء في ما خص الترويج لفكرة مقايضة العسكريين بالموقوفين الاسلاميين الذين اقاموا الاحتفالات في سجن رومية فرحا بـ”خروجهم الحتمي”، على حد ما ورد في الاتصال الهاتفي لأحد الموقوفين، او في الخطوة الاستفزازية التي اقدم عليها وزير العدل بطلب ملاحقة الشبان الذين احرقوا علم “داعش” في الاشرفية.

هذا الوضع الذي تفاقم في الايام القليلة الماضية، شغـّل الهواتف في اتجاهات مختلفة، من كليمنصو، الى عين التينة، الى المصيطبة، الى الرابية، الى بنشعي، الى الضاحية، الى بيت الوسط و”14 آذار”، وصولا الى مقر اقامة سعد الحريري خارج لبنان، وكذلك لقاءات معلنة وغير معلنة بين بعض المكونات الاساسية في الحكومة. وافضت الى ما يلي:

– تشريع المقايضة معناه، أولا، القضاء على آخر ما تبقى من قيم وطنية ومن كرامة للوطن وللمواطن.

– المقايضة تعني كسر هيبة القضاء، وحسنا فعلت السلطة القضائية بالانتصار لنفسها في هذا المجال.

– المقايضة تعني توجيه ضربة اضافية للجيش اللبناني وجعله مكبلا اكثر. فالجيش اعتُدي عليه اول مرة عندما هاجمته المجموعات الارهابية وخطفت ولم يحظ بالغطاء السياسي اللازم للدفاع حتى عن نفسه وعن جنوده في عرسال. ويُعتدى على الجيش مرة ثانية بالمحاولات الدؤوبة التي تقوم بها المجموعات الارهابية من خلال لعبها على الوتر المذهبي في محاولة واضحة لفسخ المجتمع المدني عنه. ويعتدى عليه مرة ثالثة عندما يطلق سراح الذين اعتدوا عليه سابقا وقتلوا عناصره وواجهوه بالاغتيالات والعبوات الناسفة وفي نهر البارد وغيره.

– ان بعض القوى السياسية والدينية تبدو كأنها على مسافة واحدة بين الدولة اللبنانية و”داعش” و”جبهة النصرة”. وتحاول، قصدا او عن غير قصد، وعبر طرح التفاوض والتبادل مع المجموعات الارهابية، ان تأخذ البلد الى مكان يصبح فيه هذان التنظيمان الارهابيان لاعبين طبيعيين في الحياة السياسية اللبنانية.

– صحيح ان قوى “14 آذار” تشكل أكثرية الحكومة القائمة، لكن ذلك لا يعني ان هذه الحكومة هي حكومة “14 آذار”، وبالتالي لا يستطيع هذا الفريق ان يتفرّد بأي قرار. ومن هنا اسديت “نصائح جدية” الى بعض المراجع الحكومية بالسعي الى عدم الوقوع في المحظور، ومنع اي اندفاعة لدى البعض لتكرار تجربة حكومات فؤاد السنيورة.

– ان بعض المكونات الاساسية في “8 آذار” أبلغت من يعنيهم الأمر صراحة أنها لا يمكن ان تجاري فريقا مستعدا لأن يتخلى عن كل شيء في سبيل تحقيق ما يعتقده مكاسب، وبالتالي لا يمكن لها ان تبقى في الحكومة اذا ما جرى التفكير في الإقدام على خطوة المقايضة القاتلة. وهذا التحذير بترك الحكومة كان خلف التراجع نحو تبني مقولة “الكل شركاء، سواء في المقايضة او عدمها، وكذلك في التداعيات”.

– في احد اللقاءات سأل مرجع سياسي مرجعا آخر: الى اين يمكن ان تأخذوا البلد؟ هل لديكم بديل ان سقطت الحكومة؟ كيف ستكلفون رئيس الحكومة الجديد؟ هل تضمنون الا يفتح سقوط الحكومة الباب على انهيارات اخرى على مستوى بنية النظام؟ هل تضمنون ان يسلم الطائف والنظام السياسي؟ هل تضمنون بقاء الجيش واستمرار وحدته؟ هل تضمنون ألا تصل الينا “داعش” و”النصرة” او اي فصيل ارهابي؟ وهل تملكون تصورا عن كيفية لملمة الوضع ان وصلنا الى الانهيار؟ وهل تضمنون عودتكم الى السلطة ان سقط ما تعتبرونه حكومتكم؟

تلقى المرجع السياسي جوابا معبرا: “انا مثلك ارى ان هناك مراهقة سياسية، وأوافقك قلقك من ان الاستمرار بهذا المنحى معناه الذهاب طوعا الى الانتحار”.