IMLebanon

هل انتهت فترة التعايش السياسي.. والحكومي؟

هل انتهت فترة التعايش السياسي.. والحكومي؟

الحريري ـ «حزب الله»: تصعيد بلا ضوابط

سكت سعد الحريري وفريقه عن الاعتداء الإسرائيلي على الجيش اللبناني في مزارع شبعا، ومرّ عليه «السياديون» وكأنه حدث عابر، وسكتوا أيضاً عن هجوم المجموعات التكفيرية على مواقع «حزب الله» في جرود بريتال، وبدلاً من استنكاره أوجدوا له التبرير بأنه ما كان ليحصل لولا وجود «حزب الله» في سوريا. ولكن عندما نفّذ الحزب عملية ضد دورية معادية في المزارع، أقام الحريري (ومعه فريقه) الدنيا واستعاد اسطوانة «المغامرة» على غرار ما فعل في حرب تموز 2006، حتى وصل بالأمس، إلى تحميل «حزب الله» كامل المسؤولية عن التوترات والفراغ والاهتراء الداخلي!

لم يكن أي من المراقبين يتوقع مثل هذا الهجوم، بل وجد هؤلاء أنفسهم أمام تساؤلات كثيرة: لماذا يهجم الحريري وفريقه على «حزب الله» في هذه المرحلة؟ وضمن أية أجندة يندرج هذا الهجوم والى أين سيصل؟ وهل يعلن الحريري من خلال هذا الهجوم انتهاء فترة المساكنة السياسية أو التعايش الحكومي مع «حزب الله» الذي بدأ مع ولادة حكومة تمام سلام، وما هو مصير الحكومة السلامية في ظل هذا الجو؟ والاهم من كل ذلك، هل الادبيات والمواقف الحريرية التي استخدمت في الهجومات السابقة على «حزب الله» ما زال لها تأثير او تصلح للمرحلة الحالية بما فيها من تطورات ومتغيرات؟

«حزب الله» قرر الا ينزل الى حلبة السجال مع الحريري، مع أن لديه الكثير ليقوله، خاصة أن البيت الحريري من زجاج وكيفما ترشقه بحجر تصبه بكسر، سواء في ما خصّ الملفات الداخلية او الأزمة السورية وكيفية التعاطي مع المجموعات الإرهابية.

وإذا كان الحريري يحاول أن يشدّ عصب جمهوره من خلال استحضار «كلام مستعمَل» للعزف على وتر تحكم «حزب الله» بقرار الحرب والسلم مع العدو الإسرائيلي او تدخله في سوريا، فهذا النوع من الكلام في مضمونه وفي توقيته، في رأي حزبيين، قد سبقته الأحداث التي باتت توجب على الحريري مقاربة واقعية للوقائع وترتيب الاولويات كما هي وليس القفز فوقها وافتعال مشكلة في مكان آخر. وتبعاً لما تقدّم يقرأ هؤلاء في الهجوم الحريري المتجدّد على «حزب الله» ما يلي:

أولاً، مراوغة سياسية تخفي محاولة حريرية للهروب من الواقع وحجب الصورة الحقيقية لتراجع مشروعه وفقدان تأثيره، وما بلغه الاهتراء في القاعدة الشعبية التي بات يحكمها المزاج المتشدّد في ما كان يعتبرها بيئته الحاضنة في مناطق تمتدّ من الشمال الى البقاع الغربي والعرقوب واقليم الخروب. ولعل تشدده بعدم خوض الانتخابات النيابية والترويج للتمديد للمجلس النيابي، مرتبط بإدراكه حجم هذا التراجع.

ثانياً، الهروب من مواجهة المجموعات الإرهابية من «داعش» و«جبهة النصرة»، التي يمليها قرار حلفائه الدوليين والسعوديين على وجه الخصوص بمواجهة تلك المجموعات التكفيرية. ذلك لإدراكه بأنه غير قادر على خوض المعركة معها وانه ليس واثقاً من إمكانية حسم تلك المواجهة لمصلحته، كما أنه يخشى من ان تؤدي اي مواجهة مع تلك المجموعات الى اشتباك سني ـ سني لن يكون بنتيجته سوى مزيد من الضعف وفقدان عناصر قوة أساسية لتيار «المستقبل».

ثالثاً، محاولة الحريري من خلال الهجوم المتجدّد على «حزب الله»، إثبات حضوره وترسيخ نفوذه من جديد في الاوساط السنية المتشددة، اي انه يزايد عليها في مواجهة «حزب الله» لاجتذابها وإعادتها الى حضن «المستقبل». ولكن أي تصعيد للهجوم على «حزب الله» امام تلك الاوساط المتشددة، لا يضاهي خطابها المتشدد حيال الحزب ومقاربتها العدائية له، ما يعني أن الحريري في هذه الحالة كمن يريد الركوب في سيارة.. سبقته.

وتبعاً لذلك، فإن «حزب الله» يرى فشلاً موصوفاً لهذا التوجه، لأنهم من خلال الاشتباك معه، يفاقمون التوتر المذهبي ويضعون البلد على حافة فتنة وحرب أهلية لن تكون لا في مصلحة الحريري ولا تيار «المستقبل» ولا «حزب الله».. ولا في مصلحة البلد ككل.

وثمة من ينصح الحريري بالقول: هجومك على «حزب الله» لن يقدم أو يؤخر، ولن يغير في أجندة الحزب ولا في إجراءاته في مقاومة العدو الإسرائيلي والمجموعات الإرهابية. لن يستدرج الحزب الى ساحتك، فاحسم خيارك بمواجهة المجموعات التي لا تريد إلغاء «حزب الله» فقط بل أن تسحب البساط من تحت رجليك وتذويب تيارك كما كل القوى السياسية، ولذلك صار من الضروري خروجك من اللعبة الخطيرة التي تمارسها واسمها «النوم مع الوحش في غرفة واحدة واستغلال الوحش للحصول على مكتسبات سياسية»، لأننا ندرك أنه سيأتي يوم ليس ببعيد، سيأكل هذا الوحش كل من في الغرفة».