ترجمة لما أعلن عنه رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري في خارطة الطريق التي أطلقها في خطابه الأخير، عن مشاورات سيجريها تيار «المستقبل» مع حلفائه بشأن الاستحقاق الرئاسي، زار رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة ومدير مكتب الحريري نادر الحريري أمس، رئيس «حزب الكتائب» أمين الجميل، حيث جرى البحث في مجمل التطورات في البلد، وتحديداً في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، في ضوء تأكيدات رئيس «المستقبل» على ضرورة أن يكون انتخاب رئيس جديد للجمهورية أولوية على ما عداها، على أن يستكمل السنيورة والحريري زيارة قيادات «14 آذار» لوضعها في أجواء مبادرة الحريري وما يمكن أن يتخذ من إجراءات لوضعها موضع التنفيذ، خاصة في ما يتصل بالاستحقاق الرئاسي وما هي المقاربة الجديدة التي ستعتمدها قوى «14 آذار» بشأنه.
وفيما أعربت أوساط قيادية في «حزب الكتائب» عن تقديرها وارتياحها لمبادرة الحريري، لناحية تشديده على اعتبار الانتخابات الرئاسية أولوية على ما عداها، وأن هذا الموقف يتلاقى بشكلٍ كلي مع موقف قوى «14 آذار» وخاصة المسيحية، فإنها كشفت لـ «اللواء» أن لقاء السنيورة والحريري بالرئيس الجميل يأتي في سياق التشاور الطبيعي بين قوى «14 آذار» حيال الأوضاع الداخلية، في ضوء حال الشغور القائمة في موقع رئاسة الجمهورية بالتوازي مع تعطل دور مجلس النواب وازدياد المخاوف من إمكانية انسحاب ذلك على عمل الحكومة في المرحلة المقبلة بعد ظهور اعتراضات على أداء بعض الوزراء، مشيرة إلى أن الآراء كانت متطابقة حيال سبل مواجهة محاولات الفريق الآخر إطالة أمد الفراغ الزاحف إلى كل المؤسسات، من خلال خارطة الطريق التي تسعى قوى «14 آذار» إلى السير بها في إطار المواجهة السياسية التي تخوضها مع الفريق الآخر دفاعاً عن المؤسسات الدستورية وحرصاً على عدم شلها وتعطيلها، كما يسعى هذا الفريق من خلال ممارساته التي يقوم بها وما خلفته من تداعيات على كافة المستويات.
وفيما شددت الأوساط على أن كل الخيارات مطروحة من جانب قوى «14 آذار» على صعيد الاستحقاق الرئاسي في ضوء النتائج التي أفضى إليها ترشيح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع للرئاسة الأولى، كشفت معلومات لـ «اللواء» من مصادر بارزة في قوى «14 آذار» أن هذه الأخيرة ستدرس كافة الوسائل التي من شأنها إرغام قوى «8 آذار» على تغيير أسلوب تعاطيها مع الاستحقاق الرئاسي وبما فيها التوافق على دعم مرشح جديد للرئاسة الأولى غير الدكتور جعجع إذا وجدت أن ذلك قد يدفع قوى «8 آذار» على القبول بهذا المرشح للخروج من المأزق القائم، وإحداث خرق في جدار الأزمة المسدود، نظراً لرفض هذه القوى القبول بجعجع وإصرارها تالياً على عدم تأمين نصاب جلسات الانتخاب، بالرغم من وجود شبه قناعة لدى قيادات «14 آذار» أن قرار الفريق الآخر هو الاستمرار في تعطيل المؤسسات إذا لم ينتخب النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية، وهذا ما يظهر من خلال تصرفات هذا الفريق، وتحديداً «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» اللذان يتعاطيان مع الاستحقاقات الوطنية من منظار المصلحة الخاصة، سواء من خلال الإصرار على انتخاب عون رئيساً للجمهورية، أو عبر السعي إلى تقديم الانتخابات النيابية على الاستحقاق الرئاسي، والمطالبة بتعديل اتفاق الطائف الذي لم يتردد «حزب الله» وعون بالمجاهرة في رفضه، وبالتالي فإن ما يعمل له هذا الثنائي ليس مستغرباً، وبالتالي وهو ما لا يمكن القبول بأي توجه من هذا القبيل، باعتبار أن مصلحة البلد يجب أن تتقدم على ما عداها ولا يجوز الخضوع لمطالب عون وحلفائه في «8 آذار» مهما كانت الاعتبارات.
ومهما كان من أمر، فإن المكتب الإعلامي للرئيس الجميّل اعتبر في بيان أن اللقاء مع الرئيس السنيورة ونادر الحريري شكل مناسبة للبحث في عمق الأزمة التي حالت حتى الآن دون انتخاب رئيس للجمهورية، مع ما لهذا الشغور من محاذير على كل المستويات الداخلية والخارجية، خصوصاً في ضوء انشغال الدول في النزاعات الدائرة في الجوار سواء في غزة أو في سوريا والعراق، وكان توافق على وجوب الخروج سريعاً من مربع الانتظار، وإحياء دينامية تقوم على تفعيل مؤسسات الدولة وطرد شبح التعطيل بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية يكون قادراً على مواجهة الحوادث وتداعياتها.
ومن المتوقع أن يتابع الرئيس السنيورة والحريري حلقة الاتصالات سعياً لبلوغ تصور مشترك والبناء عليه.