التقط الروس «تقديرا» إعلاميا مغلوطا لتصريح وزير الخارجية السعودي حول علاقة بلاده بإيران للقول إن السعودية كانت الحلقة المفقودة في الأزمة السورية، وإنه من الجيد إعلان السعودية الآن عن رغبتها بالتفاوض مع إيران! فهل لدى السعودية رغبة في مفاوضة إيران الآن، وهل هي من يسعى لذلك؟
للإجابة لا بد من التوقف أمام السؤال القضية، الذي وجهته رويترز للأمير سعود الفيصل، وكان نص السؤال والجواب كالتالي: «رويترز: الأمير سعود هل تخطط لدعوة وزير الخارجية الإيراني أو غيره من المسؤولين الإيرانيين لزيارة المملكة العربية السعودية في الفترة المقبلة لمناقشة الأوضاع الإقليمية؟ الأمير سعود: كانت هناك محادثات عن الرغبة لإعادة إحياء التواصل بين بلدينا التي عبر عنها مسؤولون إيرانيون من خلال الرئيس ايراني ووزير خارجيته وقد قمنا بإرسال دعوة لوزير الخارجية لزيارة المملكة ولكن هذه النية للزيارة لم تصبح حقيقة، فلم يقم بزيارة المملكة إلى الآن. ولكننا نرحب بزيارته متى شاء فإيران جارة ولدينا علاقات معها وسنتفاوض ونتحدث معها على أمل أن نجتاز أي اختلافات – إن وجدت – وذلك لمصلحة بلدينا. وأملنا أن تصبح إيران جزءا من الجهود المبذولة لجعل المنطقة سالمة ومزدهرة بقدر ما يمكن، وألا تكون جزءا من مشكلة عدم الاستقرار في المنطقة». انتهى.
كيف نقرأ ذلك؟ الواضح أن الفيصل كان يتحدث عن أنه تم، أي من قبل، دعوة وزير الخارجية الإيراني ظريف، وهو الأمر الذي يعلم تفاصيله جيدا نخبة من الإعلاميين السعوديين، لإعادة إحياء التواصل بين البلدين، وذلك وفق الرغبة «التي عبر عنها مسؤولون إيرانيون من خلال الرئيس ايراني ووزير خارجيته»، بحسب ما قاله الفيصل لرويترز، وهي الرغبة التي بمقدور القارئ البحث عنها في غوغل، وسيجدها مكررة من قبل الوزير ظريف الذي كان يقول إن بلاده تنتظر الرد السعودي على طلب زيارته أوائل تسلم روحاني للسلطة، وخلال كل جولة قام بها الوزير ظريف حينها لعدة دول خليجية. كما سيجد الباحث أيضا تصريحات سعودية تؤكد توجيه الدعوة لظريف، وأنها مفتوحة، وكما قال الفيصل لرويترز، فما الجديد؟
قد يقول قائل: والتفاوض؟ ومن يبحث سيجد أيضا أن الأمير سعود، وبكل مناسبة، كان يقول إنه إذا أرادت إيران التدخل بالمنطقة فليكن تدخلها إيجابيا.. قالها الفيصل حين انطلاق المفاوضات الغربية مع إيران، وقالها تعليقا على الأزمة السورية، وكررها بإجابته لرويترز قائلا: «أملنا أن تصبح إيران جزءا من الجهود المبذولة لجعل المنطقة سالمة ومزدهرة بقدر ما يمكن، وألا تكون جزءا من مشكلة عدم الاستقرار في المنطقة»! وكل ذلك يقول إن السياسة السعودية لم تتغير، ولا تتعجل، ولا تقصي أحدا ما دام أنه لا يتدخل سلبيا في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، كما في حال إيران، كما أن تصريحات الفيصل تؤكد، للمرة الألف، أن مواقف السعودية ليست طائفية، وإنما مواقف دولة تحمي المصالح، والاستقرار.