المؤسسات المارونية تحمّل الأقطاب مسؤولية الشغور
هل تلجأ بكركي إلى الشارع لانتخاب رئيس؟
عشية الفراغ في رئاسة الجمهورية، وبعد ان تأكد للجميع ان لا رئيس للجمهورية في المهلة الدستورية، تداعت المؤسسات المارونية الى اجتماع في بكركي.
فشلت بكركي في جمع الاقطاب الموارنة للاتفاق على رئيس، فلجأت الى «اهل البيت» الماروني الذين يُفترض انها تمون عليهم. وهي، للدقة، تمون على رؤساء هذه المؤسسات، اما مجالسها التنفيذية فموزعة الولاءات والميول على الزعماء والاحزاب المسيحية الموجودة. لبكركي مكانتها الخاصة عند رئيس «الرابطة المارونية» سمير ابي اللمع، ورئيس «المجلس العام الماروني» وديع الخازن، ورئيس «المؤسسة المارونية للانتشار» ميشال اده ونائبه نعمت افرام. كلمتها عنــد هؤلاء لا تُرد. لكن هل ينطبق ذلك على اعضاء هذه المؤسسات؟ هل يســتطيع مسؤولوها ان ينجحوا حيث فشلت بكركي بطريركا ومطارنة؟ لماذا قد يتجاوب رؤساء الاحزاب مع شخصيات او مؤسسات مارونية يمكن ان تشكل لهم منافسة بطريقة او باخرى؟
لم تنتظر المؤسسات اجوبة نظرية على تساؤلات تراودهم هم قبل الآخرين. شكلوا لجنة، بمباركة البطريرك بشارة الراعي، وبدأوا جولاتهم على الاقطاب.
يعرف القيمون على هذه المؤسسات ازمات الموارنة وهواجسهم. يعرفون بشكل خاص صراعاتهم وفرديتهم وتضخم «الأنا» لدى زعمائهم. لكنهم مقتنعون ان الامور وصلت الى حدها الاقصى من الخطر. ويتفقون مع بكركي على ان «تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية يخالف الدستور والميثاق الوطني ويهدد الكيان».
يعرفون ايضا ان «المسيحيين اليوم منقسمون ويظنون ان انقسامهم هذا سابقة في تاريخهم. هذا كلام غير دقيق على الاطلاق»، على ما يقول احد المسؤولين في هذه المؤسسات. يضيف: «لم تستطع جاذبية كميل شمعون وسحره، ولا هيبة فؤاد شهاب ونزاهته، من ان تجعل كل الموارنة يلتفون حولهما. فلا داعي للتباكي على غياب قيادة واحدة. المطلوب استعادة الثوابت التي قام عليها لبنان والتي شكل الموارنة عمودها الفقري. اما القيادات والزعامات فهي في خدمة لبنان والفكرة التي يقوم عليها، وليس العكس مطلقا. فاذا كان المجمع البطريركي قد اعلن ان الموارنة في خدمة لبنان وليس لبنان في خدمة الموارنة، فهل نزايد نحن على آباء الكنيسة ومقرراتها؟».
يقول أحد أركان المؤسسات المارونية: «على جميع المسؤولين الموارنة اليوم ان يتواضعوا ويقدموا المصلحة العامة على الخاصة. ان المخاطر تحدق بالبلد. صيغته وميثاقه وفرادة دوره على المحك. موقع رئاسة الجمهورية ليس تفصيلا بسيطا في حياتنا الوطنية والسياسية، وحتى الطائفية».
تسعى المؤسسات الى ايجاد ارضية مشتركة تسمح بتلاقي الاقطاب على توافقات الحد الادنى. هي تريد ضمنا ما تريده بكركي، اي مشاركة الجميع في جلسات مجلس النواب حتى انتخاب رئيس. التقت لجنة المؤسسات حتى الآن كلا من الرئيس امين الجميل والعماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع. قريبا تلتقي النائب سليمان فرنجية. بحثوا في تشكيل هيئة طوارئ للعمل على بلورة مخارج للازمة، لكنهم لم يتلمسوا بعد طريقا لذلك.
يضع المعنيون كل الخيارات امامهم ويدرسونها. وبداية الاسبوع المقبل سيجتمعون مع البطريرك الراعي لوضعه في اجواء اتصالاتهم ولقاءاتهم. وستتم مناقشة خطة للتحركات المقبلة. ويقول مشاركون ان «كل الاحتمالات مفتوحة، بما فيها استخدام الشارع للضغط على النواب والمسؤولين للاسراع في انتخاب رئيس، اما بتظاهرات كبيرة او بوسائل ضغط شعبية اخرى. لن ندع الامر يمر وكأن الفراغ في سدة الرئاسة امر تفصيلي، على هامش الحياة السياسية والوطنية في لبنان».
لا شك ان المسؤولين في المؤسسات المارونية، كما المسؤولين الكنسيين، يدرسون بدقّة احتمالات من هذا النوع. فالضغط في الشارع سيكون في هذه الحالة صادرا عن بكركي نفسها. فالمؤسسات المارونية، وان كانت تضم كثيرا من النخب المارونية الفكرية والاجتماعية والاقتصادية وحتى العائلية، الا انها ليست مؤسسات جماهيرية، وبالتالي فان قدرتها على الحشد غير مرتفعة. فهل يمكن ان تدخل بكركي بثقلها المعنوي في مغامرة الضغط في الشارع؟ كيف تضمن عدم حرف مقصدها ومصادرة تحركها من فريق او حتى من افراد؟ هل الناس مستعدة اصلا للنزول الى الشارع للمطالبة بانتخاب رئيس جديد؟
اسئلة قليلة من بين تساؤلات كثيرة تجري محاولات الاجابة عليها في الحلقات الضيقة واللقاءات والتشاورات. ويفترض ان تتبلور الصورة في المقبل من الأيام.