IMLebanon

هل تمنع الوصاية معالجة ملف اللاجئين؟

تهربت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي من محاولة التصدي لملف اللجوء السوري الى لبنان، وامتنعت عن اقامة مخيمات لهؤلاء، وقصرت القوى الامنية في تخصيص كل لاجئ بملف امني، فكان ان فعلت الاحزاب فعلها في هذا الملف وغيره، والدليل هو الباصات المنظمة التي نقلت اللاجئين الى السفارة السورية في اليرزة للاقتراع “الى الأبد للرئيس الاسد”، بعدما كانت الاحزاب أجرت مسحاً دقيقاً لانتشار هؤلاء وأماكن إقامتهم، واتصلت بهم لتنظيم حركتهم.

وبات لبنان اليوم أمام معضلة أخطر من اللجوء الفلسطيني، إذ ان العدد فاق بكثير اعداد الفلسطينيين آنذاك، وقد أوضح تقرير مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان انه تم تسجيل أكثر من 44 الف نازح لدى المفوضية خلال شهر ايار المنصرم، فبلغ مجموع النازحين السوريين الذين يتلقون المساعدة من المفوضية وشركائها أكثر من مليون و92 الف لاجئ (1034000 منهم مسجلون و58000 آخرون في انتظار التسجيل).

اذاً نحن اليوم أمام أكثر من مليون لاجئ يعمد البعض منهم الى حرق اوراقه ليتحول لاجئاً دائماً، ويزور البعض الآخر بلده اسبوعيا غير خائف من معابر النظام وحواجزه، وهو بذلك يتحول عميلاً للنظام ومستفيداً من الخدمات التي تقدمها المنظمات الدولية، ويفيد في شكل أو في آخر من خدمات الاجهزة والمؤسسات اللبنانية.

وقررت الحكومة اللبنانية الحالية الانطلاق في معالجة هذا الملف الذي قد يتجاوز امكانات الدولة، وحسناً فعل وزير الداخلية نهاد المشنوق بقراره الذي يتصدى لظاهرة الاحتيال، لكنه يبقي اللاجئ الحقيقي في مأمن من بطش النظام.

في إطار عملية تنظيم دخول الرعايا السوريين إلى الأراضي اللبنانية وخروجهم منها، طلب من جميع السوريين والمسجلين لدى مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين الامتناع عن دخول سوريا اعتباراً من يوم امس تحت طائلة فقدان صفتهم كلاجئين في لبنان.

وأوضحت الداخلية أن هذا التدبير اتخذ انطلاقا من الحرص على الأمن في لبنان وعلى علاقة النازحين السوريين بالمواطنين اللبنانيين في المناطق المضيفة لهم، ومنعا لأي احتكاك أو استفزاز متبادل.

سيقابل هذا القرار بكثير من الاعتراض من حلفاء النظام السوري في لبنان، وسيعتبرونه رداً على “الزحف” الى صناديق الاقتراع، وهم في قرارة انفسهم يعلمون جيداً مدى صدقية العملية الانتخابية برمتها، ويدركون جيداً الادوار التي اضطلعوا بها في دفع السوريين الى تلك الصناديق.

لكن هؤلاء لا يعلمون، والكارثة اذا كانوا يعلمون، ان المزايدة في هذا الملف الشائك لا تفيد أحداً، وان الذين راهنوا قبلا على الفلسطينيين وسلاحهم وعديدهم ندموا ندماً عظيماً. وعلى الجميع في لبنان، من باب الحرص على أمنهم ومستقبل اولادهم، ان يتجاوزوا الحسابات الآنية، وان يتفلتوا قليلاً من الوصاية المفروضة عليهم، للتصدي لملف اللجوء، فلبنان لم يعد يحتمل المزيد، وسيكون مرشحاً لانفجار جديد.