IMLebanon

هل تنتقل حرب عرسال الى طرابلس ومناطق أخرى؟

حملت الأحداث الأخيرة الجارية في عرسال أكثر من مؤشّر سياسي وأمني نحو مشهد سياسي وأمني جديد حافل بالمخاطر والاصطفافات السياسية الجديدة في ضوء الفرز المرتقب في المواقف الداخلية من أحداث عرسال، من دون إغفال ما هو حاصل في سوريا والعراق وغزّة وانعكاسها على الداخل اللبناني. وإذا كانت عرسال حلقة في مسلسل الأحداث هذا، والذي يمتد على مستوى الإقليم، فإن السؤال المطروح اليوم بإلحاح هو ماذا بعد أحداث عرسال؟ وهل من الممكن أن تمتدّ هذه النيران إلى مناطق جديدة؟

عن هذا السؤال تجيب جهة سياسية مطّلعة على مجريات الأحداث في المنطقة كما على الساحة الإقليمية، بأنه من غير المستبعد أن تكون أحداث عرسال مقدّمة لأحداث أخرى مشابهة في مناطق غير معروفة، ذلك على اعتبار أن المعركة بين الجيش اللبناني والارهابيين ليست مجرّد أحداث أمنية أو اشتباكات محدودة في الزمان والمكان، بل هي معركة مصيرية يخوضها الجيش اللبناني دفاعاً عن البلد وعن كل اللبنانيين، وإن كان هناك من يرى في ما يحصل يندرج في سياق الحرب السنّية ـ الشيعية، ويقوم بتسويق هذا الأمر ووصف الأحداث وكأنها امتداد للحرب الجارية في العراق، وهو ما يترجم في الشارع تنامياً في الخطاب المذهبي الذي ينذر بانتقال المواجهات إلى طرابلس ومناطق لبنانية أخرى، من دون إغفال الاشتباك الذي حصل في بعلبك على خلفية مذهبية، وذلك في الوقت الذي يسقط فيه شهداء للجيش ينتمون إلى كل الطوائف.

وفي سياق متصل، وعلى خلفية هذه التطوّرات والمخاطر والمخاوف المحيطة بالساحة الداخلية، برز تحرّك رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي ارتدى طابعاً ميدانياً من خلال الجولات المتعدّدة التي قام بها في الأيام الماضية، وذلك على الرغم من المخاطر الأمنية المحدقة به، وقد كشفت مصادر مقربة منه عن إصرار ظهر لدى جنبلاط على زيارة بعض بلدات الجبل وقراه وذلك لجملة اعتبارات أهمها الحاجة إلى تدارك الواقع الميداني في الجبل، وعرض الأحداث الإقليمية وتداعياتها على فاعليات هذه القرى وأبنائها، لا سيما الكشف لكل من التقاهم عن خطورة وصعوبة الأيام المقبلة على لبنان لأن الأحداث الراهنة قد تكون بداية الخطر وليس كله. وركّز جنبلاط في جولاته على ضرورة إدراك أبناء طائفته وأنصاره خطورة التطوّرات وضرورة تحييد أنفسهم عن الأحداث والحروب الجارية، وبالتالي عدم انزلاق البعض في أتون الحرب المذهبية. وأضافت المصادر أن النائب جنبلاط أراد تنبيه جمهوره في المناطق المتاخمة للضاحية الجنوبية إلى ضرورة طي صفحة الماضي، وخصوصاً ترسّبات أحداث 7 أيار 2008، كما دعوة محازبيه إلى التواصل والحوار مع أهالي الضاحية الجنوبية، مشيراً إلى أن الخطر الوحيد الذي يتربّص بهم وبكل لبنان على اختلاف طوائفه هو خطر «داعش» فقط.

واعتبرت المصادر نفسها أن كلام جنبلاط المؤكّد على الحوار الداخلي، وعن الدور المسيحي وضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية يشير إلى أن التوافق بين كل قيادات الطوائف من دون استثناء هو الأساس لحماية الأقلّيات، خاصة وأنه تحدّث عن خشية من انقراض المسيحيين والدروز في المنطقة قبل زيارته دير الكبّوشيين في الشويفات، حيث أتى موقفه هذا للدلالة على أهمية طمأنة المسيحيين والحفاظ على وجودهم في ظل ما يجري من تهجير في العراق وسوريا. وتوقّعت المصادر أن يوسّع رئيس الحزب الإشتراكي من مروحة لقاءاته الداخلية فيزور القيادات المسيحية والإسلامية، وذلك انطلاقاً من قناعة ثابتة لديه بأن عدم حصول الانتخابات الرئاسية، وغياب الحوار الوطني، سيؤدي إلى جعل لبنان قريباً من النموذجين السوري والعراقي.